محبوس في صمت | مايفا بيجوري | TEDxLimoges

يشكل هؤلاء الأشخاص غير المرئيين 6٪ من السكان الفرنسيين، وفقًا لدراسة أجراها مركز هاريس التفاعلي في عام 2015. وهذا يمثل طفلين في كل فصل. هؤلاء الناس غير المرئيين يبنون أنفسهم في صمت. إنه من المستحيل أن تبني نفسك في الصمت. تُخلد أجسادهم التي شُفيت بضوء فلاش الكاميرا... في عمر 33، أمضت مايفا بيغوري، ممرضة سابقة، ومصورة شخصية الآن، حياتها وهي تستمع إلى قصص الناس.

تُقاس قوة الإيجابية في ضوء المعاناة، كبيرة أو صغيرة، فهي مرتبطة أحيانًا ارتباطًا لا ينفصم. المعاناة: صديقة قديمة لذكريات مايفا، صديقة قديمة لن تموت. إنها النتيجة الصامتة، واللامرئية، وموسيقى المأساة... إلّا إذا كانت هناك ضرورة مطلقة، ما لم يتكلم أحد. بالأمس، خرجت أحد هذه الأصوات من الاضطراب الداخلي، صوت قوي جدًا بحيث لا يمكن تجاهله، قوي جدًا بحيث لا تستطيع مايفا ألا تشاركه.

أُلقيت هذه المحادثة في فعالية TEDx محلية باستخدام صيغة مؤتمرات TED، وبتنظيم مستقل من المجتمع المحلي. لمعرفة المزيد يرجى التفضل بزيارة https://ted.com/tedx

يتعرض كل شخص على الأقل
لمرة واحدة في حياته،

لموقف يجعله يشعر بعدم الارتياح.

في تلك اللحظة بالتحديد،
تريد شيئًا واحدًا فقط

أن تغادر.

نعم، سأضعك في هذا الموقف،

لكنك لن تستطيع المغادرة:

جار على يسارك، وجار على يمينك،

الزحام، الظلام، من المستحيل أن تغادر.

مع كل هذا،

إذا كنت قد حجزت مقعدًا هنا هذه الليلة،

يعني أن تبقى، صحيح؟

سأخبرك إذًا عن فتاة صغيرة

قد عرفتها منذ وقت طويل.

بالنسبة لي، هي النموذج المثالي
لـ"اللامرئي".

اسمها جولييت.

عمر جولييت ست سنوات فقط.

لديها رأس مليء بالأحلام مثل جميع الأطفال.

يحبها والداها أكثر من أي شيء آخر
وقد دُفعت بحب للحياة.

لكن، في أحد أيام شهر سبتمبر،

وصلت إلى بوابة مملكة ستحتلها لسنوات عديدة:

مملكة اللامرئي.

وجدت هذه الفتاة الصغيرة نفسها أمام رجل

يطلب منها المستحيل.

لم يكن لديها خيار سوى أن تستسلم لطلبه،

ولرغبته، ولغريزته.

مرة،

عشر مرات،

مائة مرة...

من هذه اللحظة، كانت هذه الأعمال
التي شلت حياتها، مختبئة وراء الصمت.

فقدت جولييت، شيئًا فشيئًا حبها للحياة

وعاشت مع هذا السر الثقيل.

فقدت طريقها في الحياة،
لكنها تحاول أن تبقي رأسها مرفوعًا.

شعرت بأنها غير مرئية أكثر وأكثر.

لكنها استمرت بالسكوت.

استمرت بالسكوت حتى لا تجرح

أكثر الناس العزيزين عليها:

والداها.

كبرت جولييت وهي تعتقد أن الحياة هكذا تكون.

في الثالثة عشر من عمرها،
كان لديها حبيبها الأول

حبها الأول.

في تلك اللحظة فهمت أن وضعها ليس طبيعيًا.

شعرت بأن طفولتها قد سرقت.

أخذ ذلك الرجل منها الجزء الجميل من حياتها.

هذه اللامرئية أتعبتها،
لكنها كذلك قوية التحمل.

(تصفيق)

هذه الصدمة، تعيش بداخلها،

وتنمو بداخلها تقريبًا.

في يوم ميلادها الثامن عشرة

قُتلت أحد أعز صديقاتها بالخطأ.

لم يكن بإمكانها كتم غضبها
المتراكب بداخلها تجاه الحياة،

فقررت أن تخرج من صمتها،

وأن تتحدث.

جمعت شجاعتها ومضت.

سردت القصة المؤسفة،
فقط النقاط الأساسية، دون تفاصيل،

راجية بأن يسمعها أحد ما

أو أن يقدم أحدهم ذراعه للراحة،
لا شيء أكثر.

لكن كما يمكنك أن تتخيل،

لم يكن الرد كما كانت تأمل.

"إذا فعل هذا لكِ، مثلما تقولين،
فذلك لأنه يحبكِ كثيرًا."

ويعقبه صمت.

هذا الصمت الطويل طَبَّع مشاكلها
قبل أن تختفي تمامًا.

كما نعلم،

إنه لمن السهل البقاء صامتين
على أن نواجه المشكلة.

لم تساعدها الشجاعة التي جمعتها أبدًا،
على العكس تمامًا.

عادت جولييت إلى الصمت الذي تعرفه،

وعادت للانغماس فيه.

لم يأخذ أحدٌ يديها
ليساعدها للخروج من اللامرئي،

لذلك اعتقدت بأن عليها البقاء بداخله

إلا إذا غادرت بإمكانياتها الخاصة.

تحولت من كونها أميرة إلى بطلة خارقة.

بدأت أطول وأصعب رحلة في حياتها.

تعاملت مع ذكرياتها المؤلمة،

حللتها وحولتها إلى شغف للحياة.

أصبحت هذه الطاقة قوتها

وعكس المتوقع، اختارت طريق الغفران.

هذا صحيح، غفرت.

لم تنس،

لم تضع له أعذارًا،

لكنها غفرت.

ساعدها هذا الغفران
على عدم إفساح المجال لألمها.

هي على وعي بأن تجربة الصدمة هذه
كانت قتلًا للنفس،

لكنها فهمت بأنها تستحق فرصة ثانية.

من هذه اللحظة، لم تعد جولييت فتاة صغيرة.

هي امرأة منتجة جدًا،

لديها العديد من الأنشطة التجارية

ولديها فرصة للتعاون
مع علامات تجارية كبرى.

هي أم لفتاة صغيرة رائعة.

هي أيضًا شغوفة،

ومهووسة بالاستعراض الجوي،
وتقود الطائرة في وقت فراغها.

وتسافر إلى جميع أنحاء العالم.

كان بمقدور جولييت
أن تترك الماضي خلفها الآن

لكن لم تعد تريد أن تثبت أنه على حق.

منذ ذلك الوقت، وجدت حب حياتها،

الرجل الذي يرشدها كل يوم
والذي تحبه بشدة رغم كل شيء.

إذا سمعت قصتي الليلة وقبلتها،

فيمكن لجولييت أن تترك اللامرئي

ويمكن أن يتلاشى هذا المحظور.

جولييت هو اسمي الأوسط

وهذه هي قصتي التي رويتها لكم.

لقد أخذت الخطورة الأولى، لقد فعلت.

لكن بفضلكم،

لسماعكم لي،

لمشاهدتكم لي،

لبقائكم،

بفضلكم هذه الليلة،
يمكنني أن أغادر اللامرئي.

ولكم، أيها القلة الخفيون،
والذين يمكن أن تكونوا بيننا الليلة،

أنا أقول لكم: "إنه ممكن."

تحدثوا،

اكسروا الصمت.

عيشوا!

(تصفيق)