ما الذي يمكننا تعلّمه عن المجرات البعيدة جدا.

في محادثة مضحكة و مشوّقة، يتحدّث المراهق هنري لين، الحائز على جائزة معرض العلوم، عن أمر غير متوقّع في السماء: عناقيد المجرات البعيدة. من خلال دراسة خصائص أكبر أجزاء الكون، نستطيع أن نتعلّم الكثير عن الألغاز العلمية في عالمنا ومجرّتنا.

هذه بعض الصّور لعناقيد مجرّات.

وهي فعلا اسم على مسمّى،

إنّها مجموعات كبيرة من المجرات

مرتبطة معا عبر قوى الجاذبية بينها.

معظم النّقاط التي ترونها على الشاشة

ليست نجوما فردية،

لكن مجموعة من النّجوم أو المجرات.

الآن، من خلال مشاركة بعض هذه الصور معكم،

أرجو أنّ تتفطّنوا إلى أنّ

عناقيد المجرات هي في غاية الجمال

لكن، أكثر من ذلك،

أظنّ أنّها أمر غامض

يثير الدّهشة

وهي أيضا مفيدة.

مفيدة بكونها أكبر مختبرات الكون.

وكمختبرات، فإن وصف عناقيد المجرات يعني

وصف التّجارب التي يمكنك

إجراؤها بواسطة هذه العناقيد.

وأظنّ أنّ هناك أربعة أنواع رئيسية،

أوّل نوع أرغب في وصفه

سبر ما هو كبير جداً.

كبير إلى أيّ درجة؟

حسنا، هذه صورة لعنقود مجرات معيّن.

إنّه كبير جدّا لدرجة
أنّ الضوء المارّ عبره

يتقوّس، ينحرف عن المسار المستقيم

تحت تأثير الجاذبية الهائلة لهذا العنقود.

وفي الواقع، لو نظرتم جيدا بانتباه

سوف تتمكّنون من رؤية حلقات
حول هذا العنقود.

لإعطائكم رقما،

فإنّ هذا العنقود المجريّ

ذو كتلة تساوي مليون مليار شمس.

كبر هذه الأنظمة يترك عقولنا مذهولة.

لكن، فضلا عن كتلتها،

فهي ذات خاصية أخرى.

إنّها بالأساس أنظمة منعزلة،

لذا يمكننا التّفكير فيها

كأنّها نسخة مصغّرة من الكون كلّه.

والعديد من الأسئلة التي قد تخطر بأذهاننا

حول الكون الكبير

مثل، كيف تعمل الجاذبية؟

يمكن الإجابة عنها من خلال
دراسة هذه الأنظمة.

كان ذلك الكبر الشديد.

الأمر الثاني هو شدة الحرارة.

حسنا، إن أخذت صورة لعنقود مجريّ،

وقمت بحذف كلّ الضوء الصادر عن النّجوم،

سيتبقّى أمامي نقطة زرقاء كبيرة.

هذا ليس اللّون الحقيقيّ.

إنّ ما نراه هو في الواقع ضوء أشعة اكس.

والسؤال الذي يطرح هو،
إن لم يكن ذلك صادرا عن المجرات،

فما هو مصدر هذا الضّوء؟

الجواب هو: الغاز الحارّ،

ذو مليون درجة --

في الواقع، إنّه البلازما.

والسبب وراء شدة سخونته،

ذو علاقة بالصّور السابقة.

الجاذبية الهائلة لهذه الأنظمة

تقوم بتسريع جسيمات الغاز
إلى سرعة كبيرة

التي تعني درجات حرارة عالية جدا.

إذن تلك هي الفكرة العامة،

لكن العلم أصعب من ذلك.

هناك العديد من الخصائص الأساسية للبلازما

والتي لا تزال تربكنا،

وتثير دهشتنا

وتدفع بفهمنا

لفيزياء ما هو حارّ جدا.

الأمر الثالث:
سبر ما هو صغير جداً

لتفسير ذلك، أحتاج أن أخبركم

بحقيقة مدهشة.

معظم المادة في الكون

ليست متكونة من الذرات.

لقد كذبوا عليك.

معظمها متكوّن من شيء في غاية الغموض

نسمّيه "المادة المظلمة".

المادة المظلمة هي أمر لا يحبّذ
التّفاعل كثيرا،

إلاّ من خلال الجاذبية،

وبالطبع نحن نرغب
في معرفة المزيد عنها.

إنّ كنت فيزيائيّ جسيمات،

فسترغب في معرفة ما الذي يحدث
عند اصطدام الأشياء ببعضها.

والمادة المظلمة ليس باستثناء.

حسنا، كيف نقوم بذلك؟

للإجابة،

سأطرح سؤالا أخر،

وهو، ما الذي يحدث عند
اصطدام عناقيد المجرات ببعضها؟

هذه صورة.

بما أنّ عناقيد المجرات هي صور تمثيلية

مصغّرة عن الكون

إنّها متكوّنة في معظمها
من المادة المظلمة

وهو ما ترونه باللّون البنفسجي
المائل للزرقة.

الأحمر يرمز للغاز الحار،

وبالطبع يمكنكم رؤية عديد المجرات.

ما حدث هو تعجيل جسيميّ

على مقياس كبير جدّا.

وهذا هامّ جدا،

لأنّه يعني أنّ تلك التّأثيرات

الصغيرة جدا التي قد يصعب ضبطها في المختبر،

يمكن أن يكون مركّبا ومركّبا

إلى أمر قد يكون بإمكاننا مراقبته
في الطبيعة

الأمر مضحك جدّا.

السبب وراء كون عناقيد المجرات

قادرة على تعليمنا حول المادة المظلمة،

والسبب وراء كونها قادرة

على تعليمنا حول فيزياء الجسيمات،

هو أنّها في غاية الضخامة.

الأمر الرابع:
فيزياء الأمور الغريبة جدّا.

ما قلته يبدو فعلا ضربا من الجنون.

إن كان هناك أمر ما غريب

فأنا أعتقد أنّه سيكون
الطاقة المظلمة.

إن قمت برمي كرة في الهواء،

أتوقّع منها أن تتجّه نحو الأعلى.

ما لا أتوٌّقعه هو أن تتجّه نحو الأعلى

بسرعة متسارعة.

تماما، فإنّ علماء الكونيات يفهمون سبب

توسّع الكون.

ما لا يفهمونه هو سبب توسّعه

بنسق متسارع.

لقد أطلقوا على سبب هذا

التّوسع المتسارع إسما،

وهو: الطاقة المظلمة.

و مجدّدا، نحن نرغب في تعلّم المزيد عن الأمر.

هناك سؤال محدّد يخطر بأذهاننا وهو

كيف تؤثّر الطاقة المظلمة في الكون

على مستويات كبيرة؟

استنادا على مدى قوّتها،

ربّما تتشكّل الأشكال أسرع أو أبطأ.

مشكلة الهياكل الكبيرة الحجم الموجودة

بالكون هي أنّها في غاية التّعقيد.

هذه محاكاة كمبيوتر.

ونحن نحتاج لطريقة لتبسيطها.

أحبّ استعمال الأمر كتشبيه.

إن رغبت في فهم طريقة غرق التيتانيك،

فإنّ أهم شيء يجب فعله هو

عدم تصميم الوضعيات الصغيرة

لكلّ جزء صغير تحطّم من السفينة.

أهمّ ما يجب فعله هو

متابعة الأجزاء الكبيرة.

بنفس الطريقة، يمكننا التعلّم عن الكون

بمقاييسه الكبيرة

من خلال متابعة أضخم الأجزاء فيه

التي هي عناقيد المجرات.

إذن، اقتربت من الانتهاء،

قد تحسّ بأنّه تمّ غشّك.

أقصد أنّني بدأت المحادثة بالحديث عن

كيف أنّ عناقيد المجرات مفيدة

وأعطيت بعض الأدلة على ذلك،

لكن ما هي فائدتها الأصلية؟

للإجابة على ذلك،

أرغب في اعطائكم اقتباسا عن هنري فورد

عندما طرح عليه سؤال عن السيارات.

لقد قال الآتي:

"إن قمت بسؤال النّاس عمّا يريدونه،

لقالوا: أحصنة أسرع."

اليوم، نحن كمجتمع نجد أنفسنا في مواجهة

العديد من المشاكل.

و الحلول لهذه المشاكل ليست واضحة.

إنّها ليست الأحصنة السريعة.

بل يحتاج الأمر كمية كبيرة من

الإبداع العلمي.

لذلك فعلينا أن نركّز،

نعم نحتاج للتركيز،

لكننا أيضا نحتاج للتذّكر

أنّ الاختراع والإبداع والإلهام

كلّها تأتي

عندما نضيّق أفق رؤيتنا

وعند العودة إلى الوراء

ونظر للصورة الأكبر.

لا أستطيع التفكير في طريقة
أفضل للقيام بذلك

إلاّ من خلال دراسة الكون من حولنا.
شكرا لكم.

(تصفيق)