القضية التي ستدفعك للعمل فوراً على التغيّر المناخي

في دعوتها المفعمة بالمشاعر إلى العمل، تشرح الناشطة في مجال التغيّر المناخي ذات الستة عشر عاماً جريتا ثنبيرغ كيف خرجت من مدرستها ونظّمت حركة مقاطعة في أغسطس 2018 لنشر الوعي عن مشكلة الاحتباس الحراري، وكيف احتجّت خارج مبنى البرلمان السويدي لتشدّ أنظار العالم. تقول ثنبيرغ: "إن أزمة المناخ قد حلّت، فلدينا كل الحقائق والحلول، وكل ما علينا فعله هو الاستيقاظ والتغيير".

عندما كنت في الثامنة من عمري،

سمعت للمرة الأولى عن شيءٍ يدعى
بتغيّر المناخ أو الاحتباس الحراري.

وكما يبدو، كان هذا شيئاً تسبّبنا به
نحن البشر نتيجة لطريقة حياتنا.

كان يقال لي بأن أطفئ الإضاءة
من أجل الحفاظ على الطاقة

وأن أعيد استخدام الورق
لأحافظ على الموارد.

ما زلت أذكر بأنني ظننت
أن الموضوع يبدو غريباً

بأننا نحن البشر، ككائناتٍ حيّة
ضمن غيرها من الأحياء،

كان بمقدورنا أن نغيّر مناخ الأرض.

فلو كان ذلك صحيحاً، وكان يحدث بالفعل،

لما وجب أن نتحدث عن أيّ شيءٍ آخر.

اللحظة التي تشعل فيها جهاز التلفاز،
كل شيء سيكون عن هذا الموضوع.

العناوين الرئيسية والراديو والصحف،

لن تسمع أو تقرأ عن أيّ شيء آخر،

وكأن حرباً عالميةً تجري.

ولكن لا يتحدث عنها أحد.

فإذا كان حرق الوقود الأحفوري
سيئاً لدرجة تهدد وجودنا،

كيف لنا أن نستمر هكذا دون أيّ تغيير؟

لماذا لم توضع أيّ قيود؟

لماذا لم تصبح ضد القانون؟

بالنسبة لي، لم يكن هذا مفهوماً.

كان أقرب إلى الخيال.

لذلك، عندما بلغت الحادية عشرة، مرضت.

أصبت بالاكتئاب،

توقفت عن الكلام،

وتوقفت عن تناول الطعام.

وخلال شهرين، خسرت ما يقارب
العشرة كيلوات من وزني.

بعدها، تم تشخيصي بمتلازمة أسبرجر،

والوسواس القهري، والخرس الاختياري.

وهو يعني ببساطة أنني أتكلم
عندما أعتقد بأن الكلام ضروري

كما يحدث الآن في هذه اللحظات.

(تصفيق)

ولكل مصابٍ مثلي بهذا التوحّد،

كل شيء هو إمّا أسود أو أبيض.

فنحن لا نجيد الكذب،

ولا يمكننا في العموم
المشاركة في اللعبة الاجتماعية

والتي يبدو بأنها تعجب الكثير منكم.

(ضحك)

وأظننا الطبيعيون في نواحٍ عديدة،
نحن المصابون بالتوحّد،

بينما يتصف بقيّة الناس بالغرابة.

(ضحك)

خصوصاً عندما يتعلّق الموضوع
بأزمة الحياة المستدامة،

حيث يؤكد الجميع بأن التغيّر المناخي
هو تهديد لوجودنا،

وهو أحد أهم المواضيع على الإطلاق،

ولا يتغيّر شيء على الرغم من ذلك.

لا أفهم ذلك،

فإذا كان للانبعاثات أن تتوقف،

فيجب علينا إيقافها إذاً.

بالنسبة لي هذا إمّا أسود أو أبيض.

لا توجد مناطق رمادية عندما
يكون موضوعنا هو النجاة.

فإمّا أن نستمر كحضارة، وإمّا لا.

يجب علينا أن نتغيّر.

يجب على الدول الغنية كالسويد
أن تبدأ في التقليل من انبعاثاتها

بخمسة عشر في المئة على الأقل سنوياً.

وذلك كي نحقق الهدف بألّا ترتفع
درجة الحرارة بمقدار درجتين.

بل وكما وضّحت
اللجنة الدولية للتغيرات المناخية مؤخراً،

فإن استهداف عدم رفع الحرارة
بدرجة ونصف مئوية

سيقلّل التأثيرات المناخية بشكلٍ كبير.

ولنا أن نتخيل فقط ما يعنيه هذا
في تقليل الانبعاثات.

لربما ظننتم بأن وسائل الإعلام
وكل قائد من قادتنا

لن يتحدث إلّا عن هذا الموضوع،

ولكنهم لا يذكرونه ولو بشكلٍ عابر.

بل ولا يتحدثون إطلاقاً

عن مشكلة الغازات الدفيئة
المحتبسة في النظام.

ولا عمّا يخبّئه تلوّث الهواء من حرارة

حتى تأتي اللحظة التي نتوقف
فيها عن حرق الوقود،

فنكتشف بأن لدينا مستوىً إضافياً من الحرارة

يقدّر ما بين 0,5 و 1,1 درجة مئوية.

بالإضافة إلى ذلك، فإنّ القليل
من يتحدث عن حقيقة

أننا نمر من مرحلة الانقراض العام السادسة،

فنحن نخسر ما يقارب المئتي فصيلة
من الكائنات يوميّاً،

هذا هو معدل الانقراض هذه الأيام،

وهو أكثر بما بين الألف والعشرة آلاف مرة

عمّا كان يُظن بأنه طبيعي.

وقليلٌ من يتحدث كذلك
عن نظام الحصص أو إنصاف المناخ،

والذي ذُكر مراراً وبشكلٍ واضح
في اتفاقيّة باريس،

وهو مهمٌ جداً لتفعيل الموضوع
لى نحوٍ دولي.

ومعناه بأن على الدول الغنيّة

أن تخفّض من انبعاثاتها إلى الصفر
خلال ستّ إلى اثنتي عشرة سنة،

إذا اعتمدنا سرعة الانبعاثات هذه الأيام.

وذلك كي يحصل الناس في الدول الأفقر

على فرصةٍ لتحسين مستوى معيشتهم

عبر بناء بعض من البنى التحتية
التي بُنيت عندنا،

كالطرق والمدارس والمستشفيات،

والمياه الصالحة للشرب والكهرباء ونحو ذلك.

فكيف لنا أن نتوقع من دولٍ كالهند ونيجيريا

أن يهتموا بأزمة المناخ

عندما يرون لامبالاتنا نحن من يملك كل شيء

أو مدى التزامنا الفعلي باتفاقيّة باريس؟

فلماذا إذن لا نخفّض من الانبعاثات عندنا؟

لماذا ما زالت تزيد في واقع الأمر؟

فهل نتقصّد أن نكون السبب في انقراضٍ عام؟

هل نحن أشرار؟

كلا، بالطبع لا.

إنما يستمر الناس على نفس أفعالهم

لأن الغالبية العظمى منّا لا تدرك

العواقب الفعليّة لنمط حياتنا اليومي،

ولا تعلم بضرورة حاجتنا إلى التغيّر السريع.

كلنا يظن بأنه يعلم، وأنّ الآخرين يعلمون،

وهذا غير صحيح.

فكيف لنا أن نعلم؟

فإن كان هناك من أزمةٍ حقّاً،

وكانت هذه الأزمة
نتيجة للانبعاثات التي نصدرها،

لرأيت بعض الإشارات على الأقل.

ولا أعني فقط مدناً غارقة
وعشرات الآلاف من الضحايا،

وأممًا بأكملها تحوّلت إلى أنقاضٍ
من المباني المحطّمة.

فلربما رأيت بعض القيود.

ولكن لا.

لا يتحدّث أحدٌ عن الموضوع.

فلا اجتماعات طوارئ ولا عناوين صحف
ولا أخبار عاجلة.

لا أحد يتصرف وكأننا في أزمة.

فحتى معظم علماء المناخ
والسياسيين المهتمين بالبيئة

يستمرون في السفر حول العالم
ليأكلوا اللحم ومنتجات الألبان.

إذا عشت لأبلغ المائة،
فسأكون حيّة في عام 2103.

عندما تفكّر في المستقبل هذه الأيام،
لا تتجاوز العام 2050.

عندها، في أفضل الأحوال،
لن أكون قد بلغت نصف عمري بعد.

فماذا سيحدث بعدها؟

في العام 2078، سأحتفل
بعيد ميلادي الخامس والسبعين.

وإن كان لديّ أبناء أو أحفاد،
فلربما قضوا ذلك اليوم برفقتي.

ربما سألوني عنكم،

الناس الذين عاشوا في 2018.

ربما سيسألونني لماذا لم تفعلوا شيئاً

عندما كان لديكم الوقت لذلك؟

ما سنفعله أو نمتنع عن فعله الآن
سيؤثّر على حياتي بأكملها

وحياة أبنائي وأحفادي.

ما سنفعله أو نمتنع عن فعله الآن،

لن أستطيع أو من هم
في جيلي أن نغيّره في المستقبل.

لذلك عندما بدأت الدراسة
في أغسطس هذه السنة،

قررت بأن هذا يكفي.

جلست على الأرض خارج البرلمان السويدي،

وقررت الاحتجاج للمناخ
بعدم الذهاب إلى المدرسة.

يقول البعض بأنه من الأفضل
أن أكون في مدرستي.

يقول البعض بأنه من الأفضل
أن أتعلّم لأصبح عالمة مناخ

لكي أتمكن من "حل أزمة المناخ".

ولكن أزمة المناخ قد حلّت بالفعل.

فلدينا الآن كل الحقائق والحلول.

وكلّ ما علينا فعله هو أن نستيقظ ونتغيّر.

وإلّا فما فائدة أن أتعلّم لمستقبلٍ
ربّما اختفى قريباً

عندما لا يقوم أحد بفعل أي شيء
من أجل إنقاذ هذا المستقبل؟

وما فائدة تعلّمنا للحقائق
في النظام المدرسي

عندما تكون أهم الحقائق

التي تقدمها أجود العلوم
في ذات النظام المدرسي

لا تعني شيئاً لسياسيّينا ومجتمعنا؟

يظن البعض بأن السويد مجرّد دولة صغيرة،

وبأنه ليس من المهم ما نفعله،

ولكنّي أظن بأنه إذا كان بمقدور
مجموعة من الأطفال جذب العناوين الدولية

بمجرد عدم الذهاب إلى المدرسة لبضع أسابيع،

فتخيّلوا ما يمكننا فعله
سويّاً إذا رغبتم بذلك؟

(تصفيق)

نقترب الآن من نهاية حديثي هذا معكم،

وهنا ما يبدأ المتحدّثون عادةً
بالكلام عن الأمل،

الخلايا الشمسية وطاقة الرياح
والاقتصاد الدائري ونحو ذلك.

ولكني لن أفعل ذلك.

كانت لدينا ثلاثون سنة
من الخطب التحفيزية وبيع الأفكار الإيجابية.

واعذروني القول بأنها لا تعمل.

فلو فعلت،

لكانت الانبعاثات قد انخفضت الآن.

لم تنخفض.

ونعم، نحن بحاجة إلى الأمل،

بالطبع نحتاجه.

ولكن الشيء الوحيد الذي نحتاجه
أكثر من الأمل هو العمل.

فما إن نبدأ بالعمل، سيحفّنا الأمل.

فبدلاً من بحثك عن الأمل،

ابحث عن العمل.

وعندها، عندها فقط، سيتحقق الأمل.

نستخدم هذه الأيام
مئة مليون برميل من النفط يومياً.

ما من سياسة قادرة على تغيير ذلك.

لا توجد قوانين لإبقاء
هذا النفط في باطن الأرض.

لذلك لا يمكننا إنقاذ العالم
من خلال القوانين،

فالقوانين بحاجةٍ إلى تغيير.

كل شيء بحاجة إلى تغيير،

ويجب أن نبدأ اليوم.

شكرًا لكم.

(تصفيق)