العبودية الحديثة بشكلها المقنع | كيت غاربيرس | TEDxExeter

إذا كنت تعتقد أن العبودية أصبحت شيئًا من الماضى، فإن عليك أن تعيد التفكير مرة أخرى. الملايين من الناس حول العالم وقعوا فى شباك العبودية ومن المحتمل أن بعضهم يعمل لديك. في هذا الحديث القوى أظهرت لنا كيت جاربيرس ما لا نراه وساعدتنا في رصد مؤشرات العبودية فى مجتمعنا.

كيت جاربيرز هى مؤسسة و مديرية المؤسسة الخيرية (غير مرئى )، وهي مؤسسة تقدم الأمن والأمل والحرية للناجين من العبودية فى صورها الحديثة والاتجار بالبشر. كما تعمل على توفير الإقامة الآمنة لهم . تعمل المؤسسة على التوعية ضد هذه الجريمة . قضت كيت العشرة سنوات الأخيرة فى العمل مباشرة مع الناجين ، ومؤسسات إنفاذ القانون ، والحكومة لتطوير الكيفية التي نواجه بها قضية العبودية والاتجار بالبشر.

تم تقديم هذا الحوار في حدث TEDx باستخدام صيغة مؤتمر TED ولكن تم تنظيمه بشكل مستقل من قبل المجتمع محلي. اعرف المزيد على https://www.ted.com/tedx

أود أن أعرفكم على جريس.

لِعِلمِكم، اسمُها الحَقيقي ليسَ جريس لكن،
قِصَتُها حَقيقية.

حقيقيٌ بالنسبَة إليها وللعديد من أمثالِها.

جريس سيدةٌ إثيوبية.
متزوجة، ولديها طفلة.

وقع تمردٌ منذ بضع سنين في القرية التي تقطن
فيها جريس.

حيث قامت ميليشيات محلية بالنهب،
والاغتصاب، والحرق،

والقتل بعشوائية.

تمكنت جريس من الاختباء
والهرب من هذا الهجوم.

لم يُحالف الحظ زوجها وابنتها.

لم يتبقى لجريس مال ولا مأوى ولا حتى عائلة،

فقررت ترك قريتها.

قضت حاجتها اليومية بجمع البلاستك والزجاج
كما والقوارير من الشارع،

ومُقايضتها بمبالغ ضئيلة،
لتتمكن من الحصول على الطعام.

في المدة التي قضتها في الشارع،
تقرب منها رجل،

بدا مُتَفهِماً لِوضعِها.

تصادقا، وبدأت تثق به.

بدا متفهماً لكل ما مرت فيه.

وعرض عليها فرصة لتتخلص من هذا الوضع؛

بداية منعشة ووظيفة جديدة،

وأن تخلص نفسها من بعض الذكريات
التي يحملها هذا المكان.

ظنت جريس بأن الأمور لن تتخذ منحاً أسوأ
من ما هي عليه.

فقررت انتهاز هذه الفرصة.

لم تدرك أن هذه الوظيفة ليست في أثيوبيا.

وأنها ستركب الطائرة للمرة الأولى بحياتها،

كما وأنها لم تدرك بأنها ستباع.

وصلت جريس إلى إنجلترا، وقادوها نحو شقة.

عرفوها على رجل ما،

وأمروها بأن تفعل كل ما يطلبه منها.

وبعد ذلك، احتجزت جريس في تلك الشقة

وكانت تتعرض للاغتصاب يوميا من قبل رجال
يستأجرونها لهذا الغرض.

كانت معزولة، لا تستطيع تحدث الإنجليزية،

وليس لديها أدنى فكرة إلى أين تلجأ
لطلب المساعدة.

خدعت جريس واستعبدت.

"العبودية": إنها كلمة قاهرة.

تجارة الحضارات بالثروة.

حتى مدن مثل - لندن وليفربول وبريستول
على سبيل المثال لا الحصر -

استندت على الإتجار العالمي بالبشر.

إنها كلمة تستحضر صور من التجارة بالرقيق
عبر المحيط الأطلسي.

جني القطن، زراعة السكر وسفن الرقيق.

يظن العديد بأن أيام الاسترقاق ولت.

بعد الحركة التي قادها وليام ويلبرفورس.

على أي حال، 46 مليون شخص
والذي هو عدد هائل،

لا يعتبرون الاسترقاق حقيقة تاريخية.

وإنما واقع قائم.

46 مليون شخص.

والذي يعادل ثلثي سكان إنجلترا.

عندما نفهم العبودية،

سنصعق بمدى اتصالها بحياتنا.

ربما قد شاهدتم في الأخبار مؤخرا،

أن واحدًا من كل عشرة سياسيين برازليين
يُمول من قبل شركات مرتبطة بالعبودية.

النساء اليزيديات اللواتي باعتهن داعش
ليصبحن رقيقا للجنس.

ثم هناك أسواق النخاسة الليبية
التي تبيع أشخاص

بمبالغ بخسة، تقل عن 400 دولار للواحد.

هنالك، أشخاص لديهم خيارات محدودة،

يضطرون للعمل لتلبية حاجتنا من سلع رخيصة.

أطفال الكونغو، يستخرجون المعادن
لصنع الهواتف المحمولة.

النساء والفتيات فى مصانع بنغلاديش،
يعملون 12 ساعة يوميا.

مقابل ما يقل عن 16 بنسا فى الساعة لحياكة
الملابس.

من يجمعون الخضروات والفاكهة من الحقول

ليوفرو لنا ما نحتاجه.

بمجرد أن نفهم العبودية
ومدى ارتباطها بحياتنا.

سندرك حقاً

أن تلك الملابس التي
يحيكونها هى ذاتها الملابس التي نرتديها.

وأن تلك الطماطم التي يقتطفونها
هي ذاتها الموجودة على أرفف مطبخنا.

وأن تلك الهواتف المحمولة هي ذاتها
الموجودة في جيوبنا

وحقائبنا.

اليوم، أود أن أظهر ما هو خفي،

أن أجعل ما هو غير مرئي، مرئي.

العام الماضي، اشتركت مؤسستي في عملية

مع شرطة ديفون و كرونوال.

كنا قلقين بشأن وجود مغاسل سيارات
هنا في اكستر

تقوم بإجبار أشخاص على العمل لديهم.

كانت الشرطة قلقة
من أن يكون هؤلاء الأشخاص مستعبدين

وطلبت منا زيارة تلك المواقع.

حين زرناهم، قابلنا تسعة رجال رومانيين
في حالة يرثى لها.

كانوا حذرين، متوترين ولا يريدون أن
ينخرطوا في الحديث معنا.

فقد قيل لهم أنهم سيُرَحّلون إذا ما تحدثوا
إلى أحد.

كانوا من مواطني الاتحاد الأوروبي.

لم يكونوا واعين بحقوقهم
ومستحقاتهم هنا،

وبأنه يحق لهم التواجد كما والعمل هنا.

أخبرونا بأنهم يعملون مقابل ما يقل عن
خمسة جنيهات في اليوم.

ومهما كانت حالة الطقس، كانوا يعملون
طوال أيام الأسبوع،

ويغسلون سياراتنا.

وتابعوا قائلين:

أنهم مدينون للشخص الذي أحضرهم إلى هنا:

لنقلهم وإيجار مسكنهم،

كما أنهم مدينون له للطعام الذي يقدمه لهم.

فالوظيفة التي حلموا بتأمينها لإرسال
دخل لعائلاتهم

أدخلتهم في حلقة لا متناهية من الديون.

وبعد ذلك، اصطحبونا لمسكنهم.

ضيّق، في حالة يرثى لها:
تسعة أسرة بطابقين،

دش ومرحاض - كان ذلك جيدا.

لم يعملا. فلم يكونا موصولين.

كانوا يتركون باب الفرن مفتوحاً ليتدفأوا.

مخبئين على مرأى من الجميع، في أكستر.

وهذا لا يحدث فقط فيأكستر.

إنما يحدث في مدن وقرى في جميع أنحاء
المملكة المتحدة.

العبودية: هي تسليع الناس بقصد استغلالهم

والانتفاع المادي بفعل ذلك.

إنها امتلاك.

تقييد للحرية، يتحكم بالقوة
والقوة النفسية.

تؤثر بالرجال، النساء والأطفال.

تتخذ عدة أشكال ولا تفرق.

يمكن شراء أو بيع أي شخص.

الفقر، قلة فرص التعليم، محدودية الخيارات،

المناخ الساسي والاجتماعي المتقلب،
اختلال التوازن الاقتصادي، والحرب.

أشخاص مثل جريس.

أشخاص كالذين قابلتهم في مغسل السيارات.

جذبتهم الوعود الكاذبة لتحسين مستوى حياتهم.

يختلف الاسترقاق في أيامنا هذه عن
تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي.

لم يعد هنالك أصفاد وسلاسل.

لكن القيود أصبحت قوية ولا مرئية.

قيود نفسية.

تتغذى العبودية على التهديد،
الإكراه والخداع.

تفترس الضعف وتنتهك ديناميات القوة.

تبلغ أرباح العبودية 150 مليار دولار.

والذي يتفوق على أرباح آبيل، جوجل،
مايكروسوفت وستارباكس.

وأكبر من اقتصادات بعض الدول.

إنها الجريمة الدولية الأسرع انتشارًا،

وتأتي بالمرتبة الثانية بعد تجارة السلاح.

كما وتخطت تجارة المخدرات، وذلك لأنه
يمكن شراء الناس

وبيعهم أكثر من مرة.

إن تحديد عدد العبيد في المملكة المتحدة

لأمر بغاية التعقيد.

أظهرت إحصائيات العام الماضي

أن هنالك 5,000 ضحية محتملين
في المملكة المتحدة.

يعتقد الخبراء بأن النسبة الحقيقة
أعلى من هذه بكثير.

5,000 شخص من رجال ونساء وأطفال
يُستغلون بشتى الطرق.

من مناطق مختلفة.

جاؤوا من 100 دولة مختلفة.

الدول الثلاثة الأولى:

ألبانيا، فيتنام، وهنا في المملكة المتحدة.

الأشخاص الذين يقطفون النرجس من الحقول

والتي ينتهي بها المطاف في محلاتنا.

الأشخاص الذين يساعدون
على رصف طريقكم.

الأشخاص الذين من الممكن أن ينظفون منازلكم.

الأشخاص الذين يعملون في الفنادق.

الأشخاص الذين يعدون الكاري
المفضل لديكم ليلة الجمعة.

الأشخاص الذين يطلون أظافركم.

الأشخاص الذين يغسلون سياراتكم.

أنا لا أقول أن جميعهم

مجبرون على فعل هذا رغما عنهم.

ولا أقول أنهم جميعا مستعبدون.

ولكن ما أقوله هو أن العبودية قد ظهرت

في كل من هذه القطاعات هنا
في المملكة المتحدة.

لا يتعامل الاستعباد مع الناس
على أنهم أفراد،

بل على أنهم سلع، أشياء يمكن
جني المال من خلالها.

ربما تتساءل، ما الذي بوسعي فعله؟

يمكنك رصد مظاهر العبودية في مجتمعك.

على الشاشة خلفي ثمانية مؤشرات عامة

والتي يمكنك التقصي عنها.

من خلال ما قصصته عليكم اليوم، ستدركون

أين قد تتواجد العبودية وأين يمكن
أن تجد لها جذورا في مجتمعك.

حركة غير اعتيادية على منزل في حيك

ليلا ونهارا.

خادمك الذي لا يبادلك النظرات،

ويبدو منطوياً على نفسه.

الخدمات التي تدفع مقابلها

لكن طرفاً ثالثاً يأتي لجني المستحقات.

لربما أن هذه الأمور قد تكون المؤشر
على استعباد واقع.

اعتقد أننا نتردد أحياناً.

لسنا متأكدين، ولا نريد أن نتصور الأمور
على منحى خطئ.

لكن "موديرن سليفري هيلبلاين" هنالك لتساعدك

إذا كان لديك شك أو إذا ما رصدت أي مؤشر
على الاستعباد،

اتصل ب "موديرن سليفري هيلبلاين"

وسيقومون بمساعدتك وارشادك.

منذ اليوم إذ ما أردتم اتخاذ إجراء،

يمكنكم الاستعانة بموقع
"موديرن سليفري فوتبرينت".

هذا الموقع يمكنك من إدراك

كيفية اتصال نمط حياتك اليومية بالعبودية.

يعطيك تقديرا بعدد العبيد
الذين يعملون لديك.

وأخجل من أن أقول بعد كل ما عرفته
وحاولت فعله،

لدي 38 عبد يعملون لدي.

بمجرد تسلحك بهذه المعرفة،

يمكنك اتخاذ قراراتك حول الذي تريد فعله

لتبدأ معالجة هذه الظاهرة في حياتك.

يوماً ما نسي مستغل جريس الباب مفتوحاً.

تركوه من دون أن يغلقوه،

وقررت جريس انتهاز هذه الفرصة.

نقلت الشرطة جريس إلى منزل آمن
بعيد عن الأنظار،

حيث تمكنت من الحصول على الرعاية والدعم
التي احتاجتهم.

تمكنت من الوصول للطبيب ودعم الصحة الجنسية،

الارشاد والمشورة القانوية.

تعيش جريس الآن مستقلة في المجتمع.

إنها امرأة رائعة.

إنها تتعلم اللغة الإنجليزية،
وليس هذا فحسب،

فهي الآن متطوعة لتساعد
نساء مضطهدات أخريات.

الرجال من محطة غسيل السيارات: قرر خمسة
منهم وبكل شجاعة المغادرة

مع الشرطة و"أنسين" في ذلك اليوم.

ساعدناهم في الحصول على مسكن أفضل،

كما وعمل آمن ومضمون.

وأحب أن أختم حواري لهذا اليوم بكلمات
"وليام ويلبيرفورس".

"يمكنك أن تختار الإشاحة بنظرك، لكن
لا يسعك مجدداً القول

بأنك لا تعرف."

أشكركم.

(تصفيق)