التاريخ والأكاذيب الأخرى | مارلين ديكرامر | TEDxUniversityofLuxembourg

"يتمحور موضوع محادثتي حول الاعتراف بأننا لا نعرف كل شيء وأننا لا نركز على قول الحقيقة بما يكفي، في الحقيقة هذا أمر جيد وأن تحدد ما تعرفه وما تخمنه ممارسة علمية جيدة، مثل كل العلوم، يجب أن يبتعد علم الإنسانيات من نهج "الصندوق الأسود" لإنشاء المعارف."

سافرت مارلين بين الدول الأوربية وانتقلت من عدة أقسام إلى أخرى حتى حصلت على شهادة في الهندسة المعمارية من جامعة فوبرتال التقنية في ألمانيا وشهادة في علوم التراث من جامعة كوينز في بلفاست التي تقع شمال إيرلندا وحصلت على درجة زمالة كوري سكلودوفسكا في مجال التراث الثقافي الرقمي في فيننا التي تقع في النمسا، والآن، تعمل مارلين للحصول على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة لكسمبروغ حيث تقوم بإعادة تصميم القلاع الافتراضي.

أُلقيت هذه المحادثة في فعالية TEDx باستعمال شكل مؤتمر TED ولكن نظم المجتمع المحلي هذه الحاضرة بشكل مستقل. للمزيد من المعلومات، اذهب إلى https://ted.com/tedx.

أتيت لأخبركم

لما لا أقول الحقيقة عن القلاع.

قد تظنون أن هذه وظيفتي.

في نهاية الأمر، نتوقع من الخبراء

أن يتحدثوا بالسلطة
وأن يقدموا حلول واضحة.

هذ يجعلنا متوترين للغاية

لأن هناك الكثير من الأمور
لا نفهمها عن التاريخ.

ونتيجة لذلك،

حُفرت الكثير من الأمور
في ذاكرتنا المشتركة كأنها حقيقة

لأن شخصًا ما قالها مرة واحدة،

وكان يبدو مقنعًا.

ولم يفكر أحد في الأمر وقال:

"لا نعرف ماهيتها بالضبط،

ولكنها لم تكن على هذه الهيئة."

لنأخذ معابد الإغريق على سبيل المثال.

كلنا نعلم أنها مصنوعة من الرخام
الأبيض اللامع الجميل.

كان هذا منظورنا لهم لعدة قرون
على البطاقات البريدية والمتاحف.

وهذا يشكل بعض العادات المرئية في عقولنا،

لأننا رأينها على هذه الهيئة كثيرة
لدرجة أننا نعتبر أي اختلاف في وصفها خاطئ.

بالرغم من ذلك، نعلم حقًا

أنهم استعملوا ألوان خلابة لامعة،

وكل ما ينقصنا بعض التفاصيل.

لقد لونت هذه بنفسي بعد خمس دقائق من البحث،

لذلك أظن أني لونتها بشكل
خاطئ في عدة مناطق،

ولكنها أكثر صحة من النسخة البيضاء.

فلماذا نستمر في عرض النسخة البيضاء لهم؟

هناك سببان:

أولًا، نحن، البشر، نحب اليقين.

ولذلك نفضل أن نكون على يقين تام

حتى إذا كنا مخطئين تمامًا

(ضحك)

بدلًا من أن نقول: "حسنًا،

لعلها كانت على هذه الهيئة تقريبًا،

وأظن أنها مثل..."

وهناك حقيقة أخرى

وهي أننا عندما نحاول
إقناع الأخرين بحقيقة ما،

نريدها أن تكون الحقيقة
في هذه المرة بعينها.

ولكن حتى إن لم نعرف كل التفاصيل،

هذه لا يعني أننا لا نستطيع تقديم آرائنا.

إن سألتني عن الوقت الآن،

لا أستطيع إخباركم

ولكني لن أهز كتفي وأقول: "لا أعرف."

أعلم أن هذه الفعالية مستمرة
من 12:00 إلى 6:00،

وهذا يحدد لنا نصف معين من عدد الساعات.

لقد أخذنا بالاستراحة الأولى
ولم نأخذ الثانية حتى الآن،

فأظن أن الساعة بين 2:00 و5:00.

أعلم أن هناك محادثات بعد هذه المحادثة
وأن زمن محادثتي لم ينتهي حتى الآن،

فأظن الساعة 4:30.

هل هذا صحيح؟

لا أعلم.

قد لا تكون الحقيقة ولكن
لا شيء يلزمني بإخباركم الحقيقة.

يجب أن أعرف مدى صحة ما أقول

لأن مدى صحة ما أقول أمر مهم للغاية.

لا يهم أني قلت لكم أن الساعة 4:30

إن كنتم تريدون معرفة إذا كنتم
تستطيعون أن تأخذوا الحافلة.

في هذه الحالة، قد نحتاج
إلى أن نسأل المزيد الناس،

وقد نحتاج إلى المزيد من الأدلة.

هذا هو العلم.

نسأل سؤالًا،

ومن ثم نملأ الفراغات بالمجهول
لنصبح أكثر دقة في بحثنا.

هذه هو الأسلوب العلمي
وهو أسلوبٌ راسخ.

حيث تسأل سؤال عن العالم حولك،

وتبحث فيما تعرف عنه بالفعل،

وتصمم تجربة لتختبر ما لا تعرف،

وتجمع المعلومات وتحللها وتصل إلى نتيجة.

قد تكون النتيجة أنك تحتاج
إلى المزيد من البيانات.

وتصمم تجربة أخرى،

وتعمل في التجربة وتجمع البيانات،

وتجمع المزيد والمزيد من البيانات،

وفجأة تجد أنك مدفون تحت البيانات،

وستجد أنك تتعامل مع بيانات كثيرة.

لدى العلماء مشكلة في هذا الأمر

مشكلة كثرة البيانات

التي لا يستطيعون قراءتها في حياة واحدة.

يجب عليهم العثور على سبل
جديدة لحل المشكلة.

وها أنا.

هذه أنا.

تستطيعون إخباري أني لست عالمة
ترتدي معطف المختبر.

إن مشكلة البيانات التي أوجهها مختلفة.

في الواقع أن أعمل بتقرير معمل من طالبٍ ما

الذي وقع التقرير منه على الأرض،

وضاع نصف التقرير وخُلط الباقي ببعضه البعض،

وأظن أن هناك بقعة قهوة على الأجزاء
المهمة من التقرير.

ما أملكه هو نصف قلعة محطمة،

ومحروقة قليلًا،

ولدي عقد قانوني من عام 1388
الذي كتبه شخص ما

كتب الاسم "أرنولد" بأربع طرق
مختلفة في ثلاث صفحات.

ولدي بعض الصخور من قرية ما

التي قد تكون جزءًا من هذه القلعة وربما لا.

لدي خريطة رسمها شخص آخر

رسمها بسرعة خلال عشر دقائق
في حملة أخذت ثماني سنوات.

وهذه لوحة رُسمت

بعد احتراق القلعة بـ 300 عام،

وكتاب الذي ربما كُتب لأغراض دعائية.

بالطبع أستطيع أن ألقي نظرة في الأرشيف،

أستطيع أن أنقب عن لآثار وغيرها من الأمور،

ولكن سوف تلاحظ أنه لا يوجد
طريقة للحصول على المزيد من البيانات.

أتتوقعون أن أخذ هذه البيانات

وأستخرج الحقيقة حول القلاع؟

أنتم تريدون إعادة بناء يمتاز بالواقعية

لتشعروا بأنكم في القلعة بالفعل،

وموضع كل حصى صغيرة في الساحة صحيح.

هناك سبب لما لا تستعمل
مواقع التنقيب والمتاحف

كلمة "إعادة بناء."

بدلًا من ذلك، تجد صورة،

ومكتوب بجانبها تنويه
"انطباع فنان."

هذا لا يعني أنهم لم يقوموا بأية أبحاث،

بل يعني أنهم لم يوثقوا ما تم البحث عنه.

لا نعلم مع من تحدثوا وأية كتب قرأوها،

التي استعملوها للتوصل إلى نتائجهم،

وأية نظريات استبعدوها.

والآن، تخيلوا للحظة

أننا نتفاعل مع نصٍ ما بنفس الطريقة.

لقد ذهبتم إلى المتحف.

وهناك لوحة تقول: “انطباع كاتب."

يظن الكاتب أن هناك قلعة هناك في ذلك الحين.

لن تأخذوا هذا بمحمل الجدية.

إذًا لماذا نتعامل مع النص
بطريقة مختلفة من النماذج؟

هذا لأننا اتفقنا حول ماهية النص العلمي،

وهي ببساطة ما يلي.

عندما تكتبون وثيقة علمية،

يمكنكم استعمال الهوامش،

يجب أن تذكر أعمال العلماء السابقين،

وتوضح حججك -

وأنت ببساطة توضح مصدر بحثك -

لأنك رؤية صورة للحقيقة

لن يساعدكم بدون أن أشرح
لك ما هو حقيقي في الصورة.

في الحقيقة، كل هذا صحيح في نفس الوقت.

هذه هي الحقيقة ولكنها ليست مفيدة،

لأن بدون سياق ما، لا يمكن
للبيانات أن تصبح معلومات.

لذلك سأقدم لكم السياق.

السياق هو الآتي،

توضح أول ساعة الوقت في لكسمبرغ،

وتوضح الثانية الوقت في طوكيو،

والثالثة هي واحدة من الساعات المزعجة

التي امتلكها كل واحد منا في المطبخ
منذ عشر سنين

وكانت تتحرك عقاربها باتجاه عكسي،

والرابعة ليست ساعة بل مقياس ضغط جوي -

لن تعرفوا ذلك بمجرد النظر إليه.

في البحوث التاريخية،

عندما نتعامل مع الصور،
ما نقوم به هو الآتي:

نعرف المصدر من خلال
البيانات الوصفية والبيانات التشغيلية.

ربما سمعتم عن البيانات الوصفية.

البيانات الوصفية هي
بيانات عن البيانات نفسها.

يمكنكم رؤيتها أثناء استعمالكم للحاسوب،

ويمكنكم معرفة من صنع ملف ما ومتى،

وآخر مرة اُستعمل الملف، إلخ.

البيانات التشغيلية أكثر تعقيدًا.

تعطي البيانات التشغيلية سياق للبيانات،

وتوضح كيف تم تجميع البيانات،
وكيف تم معالجتها،

والقرارات التي اُتخذت حيالها، إلخ.

البيانات الوصفية لهذه الصورة

هي أني أخذتها في 1 يونيو 2017

باستعمال كاميرا سوني المدمجة.

البيانات التشغيلية هي أن هذه
الصورة 111 من 128 صورة

وأخذتها أثناء رحلتي الأولى لهذه القلعة.

وأحب أن أعرض هذه الصورة

لأنها توضح كل شيء خاطئ في النماذج.

أنت تمشي على السلم في هذه القلعة،
وتصل إلى الغرفة العليا.

وترى صندوق زجاجي يحتوي
على هذا النموذج.

ما أحبه في هذا النموذج

هو أنه لا يوجد أي بيانات
مرفقة بهذا النموذج.

لا يوجد شريط للقياس.

لا يوجد تاريخ يوضح متى صُنع أو من صنعه.

لا يوجد تاريخ ما تمثله.

لا توضح لك

أن هذه هي القلعة التي تقفون بداخلها.

وإن كنتم تتحدثون عن عملية اتخاذ القرارات

في إعادة البناء،

إن ألقيتم نظرة على ذلك البرج في الوسط،

سوف تكتشفون بكل سهولة

أن طول هذا البرج لم يُصمم
وفقًا إلى عمليات تنقيب الأثار

أو بسبب وجود أساس للبرج.

في الحقيقة، هذا البرج لديه نفس
طول لفة أوراق المناديل.

(ضحك)

هذا النموذج يسعدني للغاية

لأنه لديه كل الخصائص التي أريد تجنبها.

لست الوحيدة التي تحاول تجنب هذه الخصائص.

يعمل الكثير من الأذكياء
ويتجنبون هذه الأمور.

هناك العديد من الأنظمة
المعقدة في هذا العصر

التي تفحص البيانات بالتفصيل،

بما فيها البيانات الوصفية والتشغيلية
وما يربطها ببعضها، إلخ.

ويستغرق النظام المفضل لي ستة أشهر لتعلمه.

هذا سيء بالنسبة لي لأني باحثة.

ولكن تخيل أنك زائر في متحف،

يجب أن تدرس في دورة
تدريبية تستغرق ستة أشهر

لتفهم ما تنظر إليه.

لذلك لدي نظامي الخاص الذي يناسبني.

ببساطة، أخذ نموذجي،

وأخبركم أي أجزاء منه صحيحة
وأي أجزاء منه غير صحيحة.

الأجزاء الصحيحة هي الأسهل.

هذا تصنيف للأمور التي أظن أنها صحيحة

لأنها لا تزال موجودة،

بمعنى أنها موجودة على هيئة حطام
القلعة على سبيل المثال.

الثانية هي التي نظن أنها صحيحة،

لدينا العديد من الأدلة لهذه الأجزاء.

مثلًا،

كنت أتحدث عن أساس،
أبراج مبنية على أساسات،

ومن ثم نقوم بسد الثغرات
وفقًا للأدلة الموثوق فيها.

ثالثًا، الاستقراء، قد تكون صحيحة أو لا.

هذا مجال عملي وأعمل على البيانات
الثانوية وغيرها،

مثل الخرائط والصور.

وإليكم التصنيف المفضل لي،

إنها الأجزاء التي ليست صحيحة.

أحتاج إلى وضع هذه الأشياء في نموذجي

لأن نموذج سيكون غير كامل بدونها.

إن لم أضع هذه الأجزاء،
فهذا يعني أني أكذب عليكم،

ولكني لا أعلم ما يجب وضعه.

إنها مشكلة مثيرة للاهتمام.

هذه الأمور التي أعلم أن القاعة الكبرى
كان فيها لوحات على الحائط،

ولكني لن أعرف شكل اللوحات بالضبط.

لذلك يجب أن ابتكر،

ولكن إن تركت مكانهم أحجار
كما هو شكلهم الآن،

فهذه يعني أني أقدم بيان لكم.

بالطبع، يجب أن أرفق
البيانات الوصفية والبيانات التشغيلية

وأخبركم سبب وضعها في هذا التصنيف.

وأخيرًا، يجب أن أتأكد

أنكم لا تعرفون سبب وضعها
في هذه التصنيف فقط،

بل يجب أن أوضح أي جزء أتحدث عنه.

إن تذكرتم الساعة التي تحدثت عنها مسبقًا،

يمكنني أن أقول لكم أنه
يوم الجمعة بعد الظهر.

يمكنني أن أقول بكل ثقة،

أن في فترة ما في الـ 2000 سنة السابقة،
كان هناك قلعة على هذا التل.

ولكني لا أستطيع إخباركم

ما إذا كانت هذه النافذة في عام 1548،

كان بها ممر ما،
وكان في الممر صخرة،

وعرض هذه الصخرة 312 ملم بالضبط.

من الممكن أن يكون عرضها 317 ملم،

ولكن سوف توضح رسمتي ذلك
بطريقة أو بأخرى.

هذه مهم للغاية للباحثين في المستقبل

لأني إن أخبرتكم أني لا أعلم ما كان هناك،

يستطيعون استعمال هذه النقطة للبحث
ومن ثم يقولون:

"انظروا، لقد وجدنا المزيد من البيانات،
وفي الحقيقة أنتِ مخطئة.

كان عرض الصخرة 483 ملم."

وبذلك يمكنني قول: "هذا رائع!"

لأن هذا تقدم في معرفتنا الجماعية.

إن كنت أعمل في المجال العلمي بشكل صحيح،

أريد أن يثبت الأخرون أني مخطئة.

لذلك لن أخبركم الحقيقة عن القلاع،

وسبب صراحتي لكم

عندما أقول أني أبتكر هذه الأمور.

(ضحك)

شكرًا لكم.

(تصفيق)