-
السلام عليكم
-
"تطوَّرَ الإنسان عن كائناتٍ أدنى"
هكذا تقول نظرية التطور،
-
لكنَّ القرآن يقول أننا بنو آدم
الذي خَلقَه الله بيديه وخَلقَ منه زوجَه،
-
هنا تنوَّعت اتجاهات المؤمنين
بنظرية التطور من أبناء المسلمين:
-
1. فمنهم من قال: إذن نعيد تفسير
آيات القرآن بما يتناسب مع نظرية التطور.
-
2. ومنهم من قال: نقول أن قصة آدم
في القرآن قصة رمزية.
-
3. ومنهم من قال:
بل نُكذِّب القرآن ونؤمن بالعلم.
-
في هذه الحلقة سنناقش بالأبحاث العلمية
هذه المقدِّمة التي اعتبروها مسلَّمة:
-
أن تطوَّر الإنسان حقيقة علمية،
-
ونحاول أن نرسم معًا ملامح المنهج العلمي
القَويمِ لعلنا نكون من أهل قوله -تعالى:
-
﴿فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا
لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ ۗ
-
وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾
[البقرة: 213].
-
فتابعوا معنا...
-
ما يُشِيعُه أتباعُ نظريَّة التطوُّر في
أشهر مجلاتهم وكتبهم ومواقعهم العلمية
-
والمحاضرات "التثقيفية" لعموم الناس
-
هو أن الإنسان تطوَّر عن
أصولٍ مشتركةٍ مع الحيواناتِ،
-
مرَّت بمراحلَ انتقالية من كائناتٍ شبهِ بشريةٍ
-
وصولًا إلى الإنسان الحديث الذي يسمونه
بالـ(Homo sapiens)،
-
وأنَّ هذا الإنسانَ الحديثَ ظَهَرَ أوَّلَ مَا ظَهَر
في إثيوبيا قبل حوالي 195 ألف سنةٍ
-
-كما في هذه الورقة المنشورة
في Nature عام 2005-
-
ثم بعد عشرات الآلاف من السنوات
خرج نسلُه إلى بقية أنحاء العالم،
-
وأنَّ هذه الكائنات المزعومةَ
التي يُفترضُ أن الإنسان تطوَّر عنها
-
لها خصائصُ انتقالية تناسب
النطاق الزمني الذي اكتُشِفت فيه
-
من حيث شكل الجمجمة وحجمها
والهيكل العظمي والمادة الوراثية،
-
ويضع المروجون لنظرية التطوُّر من العرب
هذه الصور خلفيةً لمحاضراتهم.
-
- آها! إذن أنتم تقولون أننا
-معاشرَ البشر- بشكلنا الحالي
-
كان أول ظهور لنا قبل 195 ألف سنة
في إثيوبيا… أليس كذلك؟
-
= بلى، تقريبًا يعني ±5 آلاف سنة.
-
- آها! وهناك تسلسلٌ واضحٌ في أسلاف الإنسان
بما يناسب النطاق الزمني في الخطِّ التطوري؟
-
= آ طبعًا طبعًا.
-
- إهم.. وكلُّ أحفورةٍ نجدها تدعم التسلسل
الذي افترضناه قبل وجودها
-
ولا تخرج عن ذلك الإطار، أليس كذلك؟
-
= بلى طبعًا.
-
- آها.. طيب، ماذا تفعلون بالحفرية البشرية
المكتشفة عام 2017 في المغرب
-
والتي تعود لـ 300 ألف سنة
حسب تقديرات المختصين؟
-
بحيثُ عُنْوِن لها بعنوان:
-
(حفريةٌ مُكتشَفَةُ في المغرب تُعيد ترتيب
شجرة عائلة الـ(Homo sapiens).
-
= آآ… مفيش مشكلة،
سنعمل Stretch (تمديد) للخلف
-
ونقول أن الإنسان الأوَّل ظهر
قبل حوالي 300 ألف سنة
-
كما في موقع Smithsonian
-
- طيب، تعالوا نعود إلى الوراء:
-
ماذا عن الحفرية المكتَشفة عام 1995م
في إسبانيا لبقايا جمجمةٍ وهيكلٍ عظميٍّ
-
قدَّروا أنها أقدم من 780,000 سنة؟
-
يعني أقدمُ بكثير من
الـ 300 ألف سنة المزعومة.
-
بحيث أن الإنسان ظهر قبل الكائن شبهِ البشري
الذي كان يُفترض أن الإنسان تطوَّر عنه!
-
حتى قال مكتشِف الجمجمة Juan Arsuaga:
"إن هذا مفاجئٌ جدًّا،...
-
علينا أن نعيد النظر في تطور الإنسان
ليناسب هذا الوجه المكتَشف،
-
فعمره 800 ألف عام ومع ذلك
فمن الواضح أنه كوجوهنا".
-
احتاروا كثيرًا في التفسير،
-
وقرَّروا اعتباره كائنًا شبه بشري
-
وأطلقوا عليه اسم
(Homo antecessor)،
-
وأطلقوا العنان لخيالهم لإظهاره بدائيًّا
كهذا التمثال في المتحف الأسترالي.
-
ولا زالت الحيرة في تفسيره قائمة،
-
فمن شهور قليلة نشرت مجلة Nature دراسة
-
تعيد التأكيد على أن وجه ما سموه
Homo antecessor هو كوجوهنا،
-
وتكلَّمت مجلة Science عن الحيرة
في مكان وضعه في التسلسل التطوري.
-
طيب مهما فعلتم لتفسِّروا
هذا الفرق بمئات الآلاف من السنوات،
-
ماذا ستفعلون بالجمجمة
المكتشفة في كينيا عام 2001؟
-
والتي أطلقوا عليها اسمًا يعني
(رجل كينيا مسطح الوجه)
-
وقدروا عمر الجمجمة بـ3.5 مليون سنة،
-
حتى أبدت مقالة في مجلة Nature صدمتها
الشديدة بها وصدَّرت المقال بقولها:
-
"إن التاريخ التطوري للإنسان معقَّدٌ
وغير واضح المعالم،
-
إنه يبدو اليوم على شفا الإلقاء
في المزيد من الارتباك
-
بسبب الاكتشاف لنوعٍ جديدٍ يعود
لثلاثة ملايين ونصف مليون السنة".
-
وكذلك مجلة Science في مقالٍ بعنوان:
-
(جمجمة تُضيف المزيد من الغموض
على أصول الإنسان)،
-
تقول في مُقدِّمته: "إن اكتشاف جمجمةٍ
-
وبقايا أحافير عمرها 3.5 مليون سنة في شمال
كينيا يَهُزُّ شجرة تطور البشر من جذورها".
-
ونشرت Science أيضا في مقالٍ آخر قائلة:
-
"إن الخبراء مُجمِعون على الرأي...
-
أن هذه الحفرية سوف تُعقِّد الجهود
لتتبع المسار الملتوي لتطور الإنسان".
-
"مجمعون" ... بينما مُروِّجو
نظرية التطور العربُ يوهِمُ كلامهم
-
بأن الخبراء "مجمعون"
على تسلسل واضح لتطور الإنسان.
-
وبالمناسبة، فالداروينيون -في المحصلة-
لم يُصنِّفوا هذه الأحفورة ضمن الجنس البشري،
-
لكنهم محتارون في أن خصائصها لا تناسب هذه
المرحلة الزمنية حسب الخطِّ التطوري المزعوم.
-
لم يستفِق الداروينيون من هذا (الكف) عام 2001
-
حتى جاءت صفعة أخرى عام 2002 باكتشاف
جماجم في تشاد سمَّوها توماي (Toumai)،
-
قدَّروا عمرها بـ 6-7 مليون سنة
كما نُشِرَ في Nature،
-
بخصائص لا تناسب هذه المرحلة الزمنية
حسب الخطِّ التطوُّري المزعوم،
-
فقُربها من الجماجم البشرية يجعل
من المُفترَض أنها ظهرت متأخِّرة نسبيًّا،
-
فإذا قبلوا بأن عمرها 6-7 ملايين من السنوات
-
فلن يمكن القبولُ بكون العديد من الأنواع
المتأخرة بعد توماي أسلافًا للبشر
-
وتنتمي لنفس السلالة التطورية،
-
لأن هذه الأنواع أقلُّ شبهًا بالجمجمة
البشرية المعاصرة من توماي.
-
يعني مابينفعش الجنس الأقدم
يكون أقرب للإنسان من الجنس الوسيط!
-
حتى قال هذا المقال في نيتشر:
"إن (توماي) هي رأس قمة هذا الجبل الجليدي،
-
الذي قد يُغرق لنا أفكارنا الحالية
عن تطوُّر الإنسان".
-
وقال المختصُّ في الأنثروبولوجي
Bernard Wood:
-
"عندما ذهبت إلى كليَّة الطب في عام 1963،
كان تطور الإنسان يظهر كالسُلَّم"
-
يُعَقِّبُ المقالُ:
"الآن يظهر التطوُّر كشجرةٍ متفرِّعةٍ...
-
ما العلاقة بين هذه الأحافير؟
-
وأي منها هو سلف الإنسان،
إن كان أي منها أصلا سلفًا للإنسان؟
-
كل هذا لا زال محلَّ خلاف".
-
لاحظ مرة أخرى:
هذا من مقال في Nature،
-
إحدى أشهر المجلات العالمية،
وهي أكثرها دعمًا لخرافة التطور:
-
"ما العلاقة بين هذه الأحافير؟
-
وأي منها هو سلف الإنسان،
إن كان أيٌّ منها أصلًا سلفًا للإنسان؟
-
كل هذا لا زال محلَّ خلاف".
-
لذلك -أخي- عندما ترى من يعرض لك
مثلَ هذه الرسومات الفكاهية
-
التي تُظهر تطوُّر الإنسان كخطٍّ رصين،
-
فاعلم أنه لم يُحدِّثْ معلوماته من عام 1963،
-
من أيام ما ذهب برنارد وود إلى كُلِّيَّة الطبِّ.
-
وبعدها في 2005 نشرت Nature
مقالًا صدَّرته بالقول:
-
"حتى سنواتٍ قليلةٍ مَضَت،
-
كان يُعتقد أن التاريخ التطوُّريَّ لنوعنا
البشري مباشرٌ وبسيطٌ إلى حدٍّ ما..."
-
...إلى أن قال: "لكن مؤخَّرًا،
بُذر الارتباك في شجرة تطوُّر الإنسان".
-
ثم شرع المقال في بيان الاكتشافات
التي أحدثت هذا الارتباك.
-
ثم في عام 2015 اكتُشفت عظامٌ في (تنزانيا) تشبه
عظام يد الإنسان الحديث وزادتهم ارتباكًا،
-
إذ قُدِّر عمرها بأكثر من 1.84 مليون سنة،
ونشرت عنها Nature.
-
وفي العام نفسه -في 2015-
-
اكتُشفت أحفورةٌ في إثيوبيا بخصائص
لا تناسب الخط التطوُّريَّ المزعوم،
-
ونشرت عنها Nature،
-
وعلَّق عليها بروفيسور الأنثروبولوجي
Colin Groves قائلًا:
-
"لا نعلم كم نوعًا تواجد -يعني من أسلاف
الإنسان المزعومة- ولا نعلم أيُّها يتبع لأيِّها".
-
وقال عن هذه الأحفورة:
"really upsets the apple cart"
-
يعني: "كأنَّ عربةَ التفاح قُلبت رأسًا على عقِب".
-
= طب مش يمكن الصورة اتضحت
أكثر في السنتين ثلاثة الأخيرات؟
-
- لا، بل اكتُشف العديد من الاكتشافات المُربِكة
-
حتى علَّق المحرِّر العلميُّ في موقع BBC
بول رينكون Paul Rincon
-
في المقال المنشور من شهورٍ
في 2-4-2020 قائلًا:
-
"في وقتٍ ما، كنا نتصوَّر
أن تطوَّر البشر يسير في شكل خطِّي،
-
حيث يظهر الإنسان الحديث في نهاية الخطِّ
باعتباره ذِروةَ التقدُّم التطوري،
-
لكنْ أينما ننظر الآن نرى بشكل متزايد
-
أن الصورة الحقيقية كانت أكثر فوضويَّة
من هذا بكثير (much messier)".
-
كان محسومًا لدى الداروينيين ولفترةٍ طويلةٍ
من الزمن أن الإنسان الأول ظهَر في إثيوبيا،
-
ورسموا قصَّةَ خروجِ سُلالتِه
وانتقالِها لأنحاءٍ أخرى من العالم،
-
لكنَّ هذا الحسمَ تَبَعْثر تمامًا بهذه الاكتشافات
التي ظهرت في المغرب وكينيا وتشاد وتنزانيا.
-
قالوا: إذن فلنقل أن أصل الإنسان
كان في إفريقيا بشكلٍ عامٍّ،
-
فهذه الدول كلها في إفريقيا.
-
- في إفريقيا؟! ماذا تقولون إذن عن هذه
الأحافير في الصين التي نُشِر عنها في 2017،
-
وقالت عنها NewScientist:
-
"أحافير غريبةٌ من الصين تُظهِر
أصولًا آسيوية لنوعنا الإنساني
-
وتعيد كتابة قصة تطوُّر الإنسان".
-
= "الصين؟! مش مشكلة، صحيح
مش من نفس القارة زي إثيوبيا،
-
لكن من نفس الكوكب على الأقل".
-
وهذا مقالٌ منشور من شهور في 2020،
تحت عنوان:
-
(اكتشافاتٌ حديثةٌ تعمل إصلاحاتٍ رئيسية
لتصوُّرنا عن: من أين جاء البشر؟ ومتى؟)
-
ويقول أنه: "مع الاكتشافات الحديثة
-
فكثيرٌ من أفكارنا السابقة عن:
من نحن؟ ومن أين أتينا؟ ظهر أنها خطأٌ".
-
هذه كلها أبحاثٌ وتصريحاتٌ من
أفواه التطوريين وفي أَشْهَرَ مجلَّاتهم،
-
وهذا هو واقع السيناريوهات
التطوُّرية للإنسان:
-
مبعثرةٌ، غرقانةٌ، مربِكةٌ، ملتويةٌ، معقدةٌ،
غامضةٌ، فوضويَّةٌ، مُهتزَّة من جذورها،
-
"كعربة تفاحٍ مقلوبةٌ رأسًا على عقب"
-
بتعبيرات التطوُّريين أنفسهم.
-
تعبيراتهم تجعلني أتصوَّر أتباع الخرافة
يركضون كالكائنات الوهمية التي افترضوها،
-
يجرون لاهثين خلف سراب خرافتهم.
-
طيب ماذا يفعلون بما أن كلَّ خطٍّ تطوُّري
للإنسان ينهار مع كل اكتشاف جديد؟
-
أصبحوا يلجؤون لرسم أشجارٍ مُتَفَرِّعة،
-
بحيث إذا تم اكتشاف شيء جديد
-
فرَّعوا فرعًا من الشجرة ووضعوا
الأحفورة عليه، وانتهى الموضوع،
-
ويتجنَّبون رسم علاقةٍ مباشرةٍ بين كائنٍ وكائنٍ،
-
وهو التفافٌ من المهمِّ جدًّا الوقوفُ عنده.
-
يعني: الأحافيرُ التي أفسدت عليهم
خيالاتهم السابقة
-
وأعرَبوا عن انزعاجهم منها
-
أصبحوا يضيفونها في مكان ما في الشجرة،
-
تنظر أنت، فترى أسماءً كثيرةً
ووجوهًا تخيُّليَّةً كثيرةً،
-
فتظُنَّ أن هذه كلَّها أدلَّةٌ على (تطوُّر الإنسان)،
مع أنها على العكس تمامًا،
-
فحوَّلوا الدليل الهادمَ للتطور
إلى دليل للتطور،
-
على طريقتهم التي جئنا عليها بشواهد كثيرةٍ.
-
وهذه الأشجار تتباين من موقع لموقع
بحسب ما تنطلق خيالاتهم،
-
كما في هذه الصور من (human origins)
و(Nature) و(Science)
-
ومجلة (Earth) المعروفة
-
والموسوعة البريطانية
(Encylopaedia Britannica)
-
وموقع المتحف الأسترالي وغيرها.
-
ماذا يعني التَّشجير؟
-
يقولون مثلاً: "الإنسان والشمبانزي
تطوَّرا عن أصلٍ مشتركٍ،
-
فيظنُّ البعض أن هذا (الأصل المشترك)
هو كائنٌ معروفٌ لديهم
-
يوجد أحافير تدلُّ على وجوده تاريخيًا،
-
أبداً! إنما هو الكائن الافتراضي A
كما في Nature
-
افترضوا وجودَه
وأعطوه اسمًا (HC-LCA):
-
(آخر سلَفٍ مشتَركٍ
بين الإنسان والشمبانزي).
-
هل هناك أي دليلٍ علميٍّ عليه؟
أيُّ معلوماتٍ عنه؟
-
أبدًا... وإنما لا بد من اختراع وجوده تطوريًا.
-
هذا مع أن بحثًا نُشر من شهور في
Science Advances التابعة لمجموعة Science
-
افتُتح بجملة:
"إن دماغ الإنسان أكبر بثلاث مرَّاتٍ
-
ومرتَّبٌ بشكلٍ مختلفٍ عن دماغِ أقرب
أقربائه الأحياء -وهو الشمبانزي-
-
وهي خصائص مهمَّةٌ للقوة الإدراكية
للإنسان وسلوكِه الاجتماعيِّ،
-
إلَّا أن الأصول التطورية
لهذه الخصائص غير واضحة".
-
فالإنسان مختلفٌ عن الشمبانزي بشكلٍ كبيرٍ،
-
وكيف استطاع "التطور" عمل ذلك؟
- غيرُ معروف
-
والسلف المشترَك بينه
وبين الشمبانزي غير معروف،
-
المهمُّ أنه تطوَّر وخلاص.
-
حفرية (Ardi) من عائلة (Ardipithecus)،
-
أو حفرية (Lucy) من عائلة (Australopithecus)
-
التي اعتبروها سابقًا أسلافًا
للإنسان وأيقونات لتطوُّره،
-
يتجنَّبون الآن رسْمَ علاقةٍ مباشرةٍ بينها
وبين الإنسان وادعاءَ أنها أسلافٌ له،
-
وإنما يدَّعون أنها ربَّما تفرَّعت هي وأسلافٌ "ما"
للإنسان عن أصلٍ مشتركٍ "ما" كما في Science،
-
وكل ما تَرَوْنه من أرقامٍ هي
كائناتٌ تطوريةٌ يُفترض أنها وُجدت؛
-
"hypothesized to have occurred".
-
فأصبحت أشجارهم عبارةً
عن مجموعاتٍ من الأعشاش المنفصلة
-
لا تربطها إلا أصولٌ موهومةٌ لا دليلَ عليها.
-
ولذلك أصبحوا كثيرًا ما يتجنَّبون كلمة
(human ancestors - أسلاف الإنسان)،
-
ويستخدمون بدلًا منها (relatives - أقرباء).
-
= هناك قرابة ما
-
- كيف؟ متى؟ ما الدليل؟
-
= لا نعرف، لكن... لا بدَّ أنَّ هناك قرابةً ما.
-
الآن، وبعد أن بينا لكم -إخواني-
-
أن الاكتشافات الحديثة
تُبَعْثِرُ الخطَّ التطوري المزعوم،
-
تعالوا نبين لكم أن عناصر
هذه الخطوط أو هذه الأشجار
-
-يعني ما كانوا يسمونه "أيقونات التطور"،
-
الأحافيرَ الدالَّةَ دلالةً دامِغةً
على حصول التطور-
-
أنها لا علاقةَ لها بتحوُّلٍ تطوريٍّ
ولا كائناتٍ انتقاليةٍ ولا أشباه بشرٍ ولا حاجة،
-
وإنما -ببساطة- عندنا
أحافير لقردةٍ وأحافير لبشرٍ.
-
أحافير القردةِ هي لقردةٍ متنوِّعةِ الأشكالِ،
لكنها تبقى قردةً،
-
وأحافير ما زعموا أنهم أشباه بشرٍ هي أحافيرُ
بشرٍ بَيْنَها من التنوُّع كما بين البشر الحاليين.
-
وعندنا أجزاءٌ من جماجمَ وهياكلَ عظميَّةٍ
-
لا يمكن الجزم بأنها تابعةٌ
لبشرٍ أو قردةٍ أو غيرِهم
-
تُبنى عليها قصصٌ ورسوماتٌ بمحض الخيالات
والتوهمات كجمجمةِ الحمار وسنِّ الخنزير،
-
وقد تكون لمخلوقاتٍ منقرضةٍ.
-
ونقصد بالقردة هنا الـ(Apes)،
وهناك فرق بينها وبين الـ(Monkeys)،
-
والكلمتان تترجمان في العربية لـ(قردة)،
-
والداروينيون يدَّعون أننا نشترك مع
الـ(Monkeys) في أصلٍ مشتركٍ ما،
-
ثم يختلفون في شأن الـ(Apes): هل هي أسلافٌ
للإنسان، أم تشترك معه في أصل مشترك "ما" آخر.
-
إذن دعونا نأخذ قصَّة (أيقونات التطور)،
-
ولنأخذ هذا الخطَّ التطوُّريَّ الموجود حتى اليوم
في آب (أغسطس) من العام 2020
-
في موقع الموسوعة البريطانية
بعنوان (الخط التطوري للإنسان):
-
أولا: (Australopithecus afarensis)
القرد الجنوبيُّ العفاريُّ،
-
والذي سُمِّيَ أشهرُ أحافيرِه بـ(لوسي):
-
ما لا يعرفه الكثيرون هو أن لوسي
هي عبارة عن مجموعة عظام متناثرة
-
في سفح تلَّة تتعرَّض لعواصفَ مطريَّةٍ،
-
عظامٌ لم تكن مرتبطةً ببعضها
جُمعت على مدى ثلاثة أسابيع…
-
فَكٌّ مِن هنا، عظمةُ فَخذٍ من هناك، وبعد أسابيع
فقرةٌ من العمود الفقري من موقعٍ آخر… وهكذا،
-
فاستنتج الباحثون
أن هذه العظام تعود لنفس الكائن،
-
كما في كتاب: (لوسي: بداية الجنس البشري)
لمكتشف العظام Donald Johanson،
-
وكما في موقع جامعة أريزونا.
-
فهذه العظام قد تكون لنفس الكائن، وقد لا تكون،
-
افترَضوا أنَّها لنفس الكائن،
-
وأنَّه يحمل صفاتٍ انتقاليةً بين البشر والقرود،
-
فانطلق خيال أتباع الخرافة
ليَرسُموا -بناءً على هذه العظام-
-
عددًا ضخمًا جدًا من الرسومات والتماثيل
-
في المتاحف والأفلام الوثائقية
والكتب المدرسية والجامعية،
-
وعَمِلوا لها صورًا تجعلك تشعر
بالحنين لأمك الأولى المفترضة.
-
ونشروا وثائقياتٍ وبرامجَ عن (كيف ماتت لوسي)،
-
ليصبح وجودُها حقيقةً مسلَّمًا بها
ويبقى التساؤلُ فقط عن تفاصيل حياتها،
-
وبحيث إذا سمعتَ (لوسي)
-
تصوَّرتَ أنهم استخرجوا في الحفرية
هذا الكائن مُحَنَّطًا مُكتمِلَ الشحم واللحم،
-
ومعه فيديو عمره 3 ملايين سنة
يُظهر تفاصيل حياة لوسي،
-
بينما ما هي في الحقيقة إلا عظامٌ مبعثرةٌ
مشكوكٌ في أنها تابعةٌ لنفس الكائن.
-
وما لا يعرفه الكثيرون أن إعلام الخرافة
تعامَى في ذلك كلِّه عن الكثير من الأبحاث
-
التي تُشكِّك في جزئياتٍ كثيرةٍ من
الاستنتاجات التي بُنِيتْ مبكِّرًا عن لوسي،
-
والأبحاثِ التي تنفي بالكلِّيَّة أن تكون لوسي
وعائلتُها من القردة العفارية سلفًا للإنسان،
-
حتى أن المجلة الفرنسية (Science & Vie)
-
جعلت العنوانَ الرئيس لغلاف عددها
الصادر في الشهر الخامس من عام 1999:
-
(وداعًا لوسي)
-
وذكرت في المقال الأدلة أن كل عائلة
الـ (Australopithecus)
-
-التي تنتمي إليها لوسي-
-
لا بُدَّ أن تُزَال من شجرة عائلة الإنسان.
-
وفي عام 2007 نشرت المجلة
الأميريكية المعروفة PNAS مقالًا
-
تُبيُّن الأسباب التي تشكِّكُ في كَون القرد
العفاريِّ -الذي منه لوسي- سلفًا للإنسان.
-
وحديثًا -من شهور قليلة- في إبريل 2020
-
نشرت مجلَّةٌ تابعةٌ لمجموعة Science بحثًا
-
اعتمد على جمجمةِ لوسي ومجموعةٍ من
جماجم القردة العفاريَّة لتخيُّل شكلِ الدماغ،
-
وقال الباحثون في النتيجة:
-
"بخلاف الادِّعاءات السابقة، فإن بنية
دماغ القرد العفاريِّ هي كأدمغة القردة
-
وليس هناك خواصُّ تتَّجه نحو الصفات البشرية"؛
-
يعني لا انتقالي ولا شيء.
-
وهناك الكثير من الأبحاث الأخرى تنفي كون
القردة العفاريَّةِ -ومنها لوسي- أسلافًا للإنسان،
-
وأصبحت المجلَّات العلمية ترسُمُها مُشَجَّرَةً
على أن لها مع الإنسان سلفًا مشتركًا ما،
-
كما رأينا في Nature وScience،
-
ومع ذلك لا تزال الكتب الجامعية والمدرسية
والمواقع "العلمية" و"مثقَّفو" العرب
-
يستخدمونها كـ(أيقونة) لتطور الإنسان.
-
اللي بعده…
-
ثانياً: Homo habilis
أو ما يسمونه: (الإنسان الماهر)،
-
ويقولون أنه شِبْهُ إنسانٍ
-
-أحدُ المراحل الانتقالية بين
القردة الجنوبية والإنسان المعاصر-
-
ومرةً أخرى، ما وجدوه ليس هذا الكائنَ،
بل عظامٌ أَطلَقوا العنانَ بعدها لخيالاتهم.
-
نشرت مجلة Science عام 1999
-
بحثًا يبيِّن أن خصائصَ هذه الأحافير
التي صُنِّفت سابقًا على أنَّها لشبه إنسان
-
هي كخصائص القردة الجنوبية،
-
وبالتالي يجب إزالتُها من تصنيف الـ(Homo)
(يعني أشباه البشريين المفترضين).
-
ثم عام 2000 نشرت مجلة
البيولوجيا الجزيئية والتطوُّر
-
بحثًا ينفي صلاحية الـ(Homo habilis)
كحلقةٍ وسيطةٍ بين القردةِ الجنوبية والبشر،
-
مع أن هذا الاعتقاد ساد
لمدة ثلاثين عامًا كما يقول البحث.
-
ثم في عام 2011 نشرت Science
بحثًا بعنوان:
-
(من كان الـ(Homo habilis)؟
وهل كان من أشباه البشر بالفعل؟)،
-
أوَّلُ جملةٍ في البحث تقول:
-
"في السنوات العشرة الأخيرة، تضعضعت مكانة
الـ(Homo habilis) كأول فرد من نوعنا".
-
ثم تحدَّث البحث عن تشابه
الـ(Homo habilis) مع القردة الجنوبية.
-
عشرات السنين من نفي الأبحاث
لفكرة شِبه الإنسان هذا،
-
ولا زالت صوره تُتَداول
كـ(أيقونة) لتطور الإنسان.
-
الِّلي بعده...
-
ثالثاً: (Homo erectus)، ما يسمونه
(الإنسان المنْتَصِبِ) ويقولون أنه شِبه إنسان:
-
هذا الكائن الافتراضي يعتبرونه
مِحوَرِيًّا ومُهِمًّا في التطور.
-
والعديد من أشباه الإنسان المزعومة سابقًا
مثل (Homo rudolfensis) و(ergaster)
-
هناك من يُلحِقها بشِبْه الإنسان المُنتَصِب
المزعوم كما في هذا البحث في Science،
-
فهل هو أيقونة للتطور
ودليل دامِغٌ لا يُردُّ بالفعل؟
-
هذا بحث منشور في
المجلة الألمانية الإنجليزية
-
(Courier Forschungsinstitut Senckenberg)
عام 1994 بعنوان:
-
(المبرِّرات لإغراق الإنسان المنتصب)؛
يعني إلغاء فكرته.
-
يقول فيه الباحثون، وهم من أمريكا،
وأستراليا، والصين والتشيك:
-
"ليس هناك حدودٌ فاصلةٌ بين الإنسان المنتَصِب
والإنسان العاقل، لا في الزمان ولا في المكان
-
ليس هناك عملية انتواع (speciation)
في تَحَدُّرِ الإنسان العاقل من المنتَصِب،
-
هذه الأسباب تتطلَّب اعتبارَهما
نوعًا تطوُّريًّا واحدًا".
-
وهذا بحثٌ منشورٌ في مجلَّةِ Nature
-
يتكلم عن احتمالية تصنيف (Homo erectus)
كسلالة أو عرقية (race)
-
من جنسنا البشري المعروف،
-
يعني لا مرحلة انتقالية ولا حاجة.
-
سيقول قائل: لكن لحظة!
-
هل هذه الأبحاث حسَمت الموضوع؟
أم أن هناك أبحاثًا أخرى ردَّت عليها؟
-
هل اتَّفق علماءُ التطوُّر على إزالة
الـ(Homo erectus) مثلًا
-
من مسارِ تطوُّر الإنسان؟
-
فنقول -إخواني: هؤلاء الداروينيون
لا يكادون يتفقون على شيء،
-
بل يُخَطِّئ بعضهم بعضًا ويُسخِّف بعضهم بعضًا،
-
وإنما يتفقون على شيء واحد: نفيِ الخلقِ.
-
في هذا المقال في موقع
(LiveScience) الدارويني أيضًا
-
يتكلَّم عن خلافِ الداروينيين
على الإنسان المنتَصب، فيقول:
-
"النسب والتاريخ التطوُّري للإنسان المنتَصب
وباقي أشباه الإنسان غيرُ واضحٍ
-
وأصبح موحِلًا أكثر بالاكتشافات الحديثة
(muddied further)"
-
موحِلٌ، مطيِّن، (منيِّل في ستميت نيلة)
على رأي إخواننا المصريين،
-
ثم يستخدم المقال عباراتِ:
-
"هناك الكثير من الاختلاف"، "المزيد
من الارتباك"، "العلماء ليسوا متفقين"...
-
فنعم، هناك خلافٌ على كل شيء،
-
والأبحاث التي نعرضها لك،
والتي تضرب أيقونات التطور،
-
هي من أعلى المجلات تصنيفاً كـ(PNAS)
و(ٍScience) و(Nature)،
-
بينما كلامُ مروِّجي نظريَّة التطوُّر العربِ
يوهم بأنَّ السيناريو تمااام
-
والأدلةَ محكمة والعلماء مجمعون.
-
إلِّلي بعده...
-
رابعاً: إنسان نياندرتال (Neanderthal)
-
كنا في حلقة (نظرية البانكيك)
قد استعرضْنا معكم هذه الورقةَ العلمية
-
التي أجرت مراجعةً شاملةً
لـ151 بحثًا عن النياندرتال،
-
وأثبتَتْ أنَّهم لا يَقِلُّون عنا في شيءٍ،
-
وليسوا أسلافًا غبيةً همجيَّةً للبشر
كما كان يُدَّعى،
-
وقد أصبح هذا مقبولًا لدى عامة الداورينيين،
-
ونُشرت فيه أبحاثٌ كثيرة،
من آخرها بحثٌ جينيٌّ نُشر من حوالي شهرين
-
يُظهرُ أنَّ الفروقات الجينية
في الميتوكندريا (mitochondria)
-
بين النياندرتال والبشر الحاليين
-
هي أقلُّ من الفروقات بين
الدبِّ القطبي والدبِّ البنِّيِّ،
-
وأنَّه حصل تزاوج بين
الإنسان المعروف والنياندرتال.
-
ففي الخلاصة:
الـ(Australopithecus afarensis)
-
هي كالقِرَدَة الجنوبية،
ليست فيها خصائص انتقاليةٌ للإنسان،
-
وما سُمِّيَ بالـ(Homo habilis)
هو أيضا ليس شِبهَ إنسانٍ
-
بل من القِرَدةِ الجنوبيَّةِ فيما يظهر.
-
وكل ما زُعِم سابقًا أنهم
أشباه بَشَرٍ غيرُهم هم بَشرٌ،
-
الفروقاتُ بينهم وبين الهياكل البشرية
التي تتمُّ المقارنة بها
-
هي كالفروقات بين سلالاتِ
البشر الحاليَّة أو قريبٌ منها،
-
وهكذا ترى مرَّةً أخرى
-
لماذا السيناريوهات التطوريَّةُ للإنسان
مبعثرةٌ، غرقانةٌ، مربكةٌ، ملتويةٌ، معقَّدةٌ،
-
غامضةٌ، فَوْضَوِيَّة، مُهتزَّة من جُذُورِها،
"كعربة تفاح مقلوبةٍ رأسًا على عَقِبٍ"
-
وتَرى لماذا هذه الرسوماتُ
التخيُّليَّةُ الغبيَّةُ لا قيمةَ لها،
-
مجردُ خداعٍ وتضليلٍ ودجلٍ بالعلم الزائف،
-
تنااامُ عليه الكتبُ الجامعيَّة والمدرسية
-
ومواقع تبسيط العلوم الأجنبية
والعربية لعشرااات السنين،
-
تمامًا كما نامت على كِذْبة
(العظام الخلفية بلا فائدة في الحوت)
-
كما بيَّنا في حلقة (صح النوم)،
-
أو (رسومات هِيْكِلْ للأجنة)
كما بينا في حلقة (طرزان).
-
كلُّ الأبحاث التي استشهدنا بها
-إخواني- هي لداروينيين،
-
ولا يَعتَرِفُ أيٌّ من كاتبيها
بسقوط خرافة تطوُّر الإنسان،
-
ففي كل مرة تسقطُ فيها إحدى أيقوناتهم
فسيقولون:
-
(لا يُهِمُّ، هناك أدلة كثيييرة على التطور)،
-
كما بيَّنا في (حلقة طرزان)،
-
فالبديل -وهو الخلق الحكيم-
مرفوضٌ مسبقًا ولا يمكن التفكير به.
-
ما نعمله هو تجميع الصورة الكليَّةِ
التي لا يعترفون بها،
-
وبيانُ ارتباكهم، وأنهم لا يفكِّرون أصلًا
بالخروج من صندوق الإيمان الأعمى الدارويني؛
-
فهم قد ألزموا أنفسَهم
بإيجاد قصَّةٍ "ما" بديلةٍ عن الخَلْق،
-
فلا بد من إعادة كتابة سيناريو القصة
كما يعبِّرون هم بأنفسهم،
-
ورسمِ الأشجارِ عديمةِ الفائدةِ والثمار،
-
وإطلاقِ العنان للتخيُّلاتِ
والأساطيرِ وعملِ أيِّ شيء،
-
ولا أن يعترفوا بوجود خالق.
-
(Ernst Mayer) من جامعة هارفرد،
وهو من كبار الداروينيين يقول في كتابه
-
(ما الذي يجعل علم الأحياء فريدًا)
طبعةَ عام 2004:
-
"إن أقدم الأحافير للـ(Homo)
-يعني للبشر وأشباههم المزعومين-
-
وهي أحافير (Homo rudolfensis)
و(Homo erectus)
-
مفصولةٌ عن القردة الجنوبية
بفجوةٍ كبيرةٍ خاليةٍ من الأحافير،
-
كيف يمكننا أن نفسِّر ذلك؟
-
في غياب الأحافير
التي تلعب دور الشكل الانتقالي
-
فإنَّ علينا الرجوع إلى الطَّريقة
المتعارَف عليها في علوم التاريخ،
-
ألا وهي بناء رواية تاريخية
(historical narrative)".
-
"بناء رواية تاريخية" يعني
اختراع قصَّة "ما" لِسَدِّ الفجوة،
-
ثم النظر إن كانت هذه القصة
ستأتي أدلةٌ تعارضها أم لا،
-
وبالتالي فكثيرٌ مما يعرِضُه الداروينيون
هو رواياتٌ تاريخية لسَدِّ فجوات.
-
لا عجبَ، فماير نفسه يقول
أن البيولوجيا التطوُّرية
-
هي في كثير من جوانبها أقرب للإنسانيات
من العلم الرَّصدي التَّجريبي الحقيقي
-
(exact sciences)
-
حصروا تعريفَ العلمَ الحقيقيَّ
في العلم الرصدي التجريبي،
-
وأنكروا الغيبَ لأنه
ليس في متناولِ هذا العلمِ،
-
ثم لمَّا فشَلوا في تفسير الخلقِ به
راحوا يلجأون إلى غيبيات افتراضية
-
لا دليلَ عليها من رصدٍ
ولا تجريبٍ ولا عقلٍ ولا فطرةٍ
-
كلُّ هذا ونحن لا نريدُ أن نعيد ما بيَّناه
من مدى سُخفِ فِكرةِ رسم كائنٍ كاملٍ
-
وعملِ أفلامٍ ووثائقياتٍ عنه بناءً على
أجزاءٍ من جُمْجُمَةٍ أو عِظامٍ مُتناثرةِ
-
كما بَيَنَّا سابقًا في فضيحةِ رسمِ
شبهِ إنسانِ (Nebraska) بناءً على ضِرسٍ،
-
ونَشرِ بحثٍ عنه في Science،
-
ثم عودةُ المجلَّة لنشرِ بحثٍ آخر بعده بسنوات
أنَّ هذا السِنَّ هو سِنُّ خنزير، لا شبهِ إنسانٍ.
-
هنا مسألة مهمة جدًّا جدًّا… جدًّا… جدًّا:
-
هي أن كلَّ ما ذُكِرَ ليس هو أهمَّ ما في الأمر؛
-
يعني: حتى لو وجد هؤلاء أحافيرَ
لكائناتٍ بصفاتٍ مشتركةٍ،
-
ما الذي يثبتُ علميًّا أننا تطوَّرنا عنها؟
-
هذه مسألة مهمَّةٌ جدًّا إخوانِي
لأننا كثيرًا ما نضيع في التفاصيل،
-
بحيث يظنُّ المتابع أنه إذا ثَبَتَ مثلًا
أن لوسي كان لها صفاتٌ مشتركةٌ،
-
فإنَّ هذا يثبتُ أننا تطوَّرنا عنها،
-
وكأن الجدال على حفرية معينة هو جدالٌ إذا
حُسِم فإنه يُحسَم لصالح تطوُّرِ الإنسان أو ضدَّه،
-
أبدًا!... وعلينا ألا نضيع في التفاصيل
عن الصورة الكلية.
-
سيقول أتباع الخرافة:
-
هناك أشياءٌ أخفى يعرفها المختصُّون،
كالتسلسل المتدرِّج في المادَّة الوراثية،
-
فنقول: وهذا أيضًا ليس صحيحًا؛
-
هذا البحث في مجلَّةِ
البيولوجيا الجزيئية والتطور
-
يُبَيِّنُ أن هناك فروقاتٍ جينيةً ضخمةً
بين الجنس البشري والقردة الجنوبية
-
لا تتماشى مع التطوُّر التدريجيِّ البطيء،
-
وأن هناك توليفة من الصفات
ظهرت فجأةً لم تظهرْ من قبل.
-
طيب ما التفسير لديكم إذاً؟
-
قالوا: حصول ثورة جينية
(Genetic Revolution).
-
وهي تسمية تبدو علميةً
لفكرة كوميدية تكلَّمنا عنها،
-
مفادُها أن تغيراتٍ عشوائيةً كثييرةً جدًّا
حصلت بشكل متناسق
-
دون تخريب باقي المادة الوراثية لتُكسب
الكائن صفاتٍ راقيةً حوَّلته إلى الجنس البشري،
-
وأن هذا كله حصل بالصدفة.
-
طيب، ولماذا تتكلَّفون فكرة الثورة الجينية
-
أو ما يسميه البعض (rapid evolution -
التطور السريع)؟
-
بأيِّ حقٍّ تفترضون أن الإنسان تطوَّر عن
كائناتٍ أدنى مع أن الأحافير لا تُسعِفُكم
-
ومع أن الإنسان مختلفٌ في خصائصه
وجيناتِه اختلافًا كبيرًا عن الكائنات الأخرى؟
-
= آآ... مهو لازم يكون الإنسان تطوَّر عن غيره".
-
- لماذا؟
-
= حتى يكتمل التفسير العلمي…
الكائنات الأدنى تطوَّرت عن غيرها،
-
وهذه بدورها تطوَّرت عن الخليَّة البدائيَّة
التي نشأت صدفةً بطريقةٍ ما.
-
- آها، إذن فتطور الإنسان عن غيره
هو افتراض مسبَقٌ (prejudice)
-
تُطَوِّعونَ الاكتشافات له
وتُلبِسونه لباسَ العلم،
-
وليس نتيجةً علميةً
قادتكم الأدلة العلمية إليها.
-
= طيب، وما البديل عن تطوِّر الإنسان
عن كائناتٍ أدنى؟.
-
- أن الله خلقه خلقًا مستقِلًّا عن علمٍ وإرادةٍ.
-
= هذا ليس تفسيرًا علميًا.
-
- ما معنى التفسير العلمي؟
-
= هو ما يخضع للرصد
والتجربة وإعادة الإنتاج.
-
- آها، وهل تَطَوُّرُ الإنسان عن كائناتٍ أدنى هو
شيءٌ رصدتموه أو جرَّبتموه أو أعدتم إنتاجه؟!
-
بينا سابقًا أن الظهور الأول للكائنات هو
أمر غيبيٌّ لا يمكن أن يخضع للحسِّ ولا التجربةِ،
-
وبالتالي فليسَ من مجال عمل العلم الرصدي
التجريبي الـ(Science)، ليس من اختصاصه،
-
وبالتالي فالبحث عن دليل من الـ(science)
لتفسير الظهور الأول للكائنات
-
هو استخدام للأداة الخطأ في الاستدلال.
-
وبيَّنا في الحلقات (49، 51، 52)
من رحلة اليقين
-
لماذا العلم ليس محصورًا في الـ(Science)؛
-
فالغيب الذي جاء به
الخبر الصحيح هو من العلم.
-
كيف نعرف أن هذا الخبر صحيحٌ؟
-
بإثبات صدق القرآن والسنة
بالأدلَّة الفطرية والحسيَّة والعقليَّة،
-
فالدليل على أصل الإنسان الأوَّلِ لا يُطلَب
من الـ(Science)؛ لأنه ليس من اختصاصه،
-
أمرٌ لا يقَعُ تحت الرصد ولا التجريب،
ولا يمكن إعادة إنتاجه،
-
فلا بدَّ أن يكون الدليل علميًّا خبريًّا
يُخبِر عما كان في هذا الزمان المُغَيَّبِ عنا.
-
قد تقول لي: أنا لم أقرَّ لك بعدُ بصحَّة
القرآن والسنة، ولم تُثبِتْ لي ذلك.
-
ماشي... لكن إلى أن نصلَ
تلك المحطَّةَ من (رحلة اليقين)
-
لا تقل لي أنَّ تطوُّر الإنسانِ
علمٌ مؤيَّدٌ بالأدلَّة العلمية،
-
بل إيمانٌ أعمى بتفسيراتٍ تخيُّليَّةٍ
ضاربةٍ في عُمْقِ التاريخ فحسب.
-
أمرٌ آخرُ مهمٌّ جدًّا جدًّا:
-
هو أنَّ تحوُّلَ كائنٍ إلى آخر
-
يجب أن ينبني ضِمْنِيًّا على أن هناك
من يُجري هذا التحويلَ عن قصدٍ وإرادةٍ،
-
لأنَّ التطوُّر الصُّدفي بلا قصدٍ
ولا غايةٍ لا يُحوِّل كائنًا لكائنٍ،
-
ولو امتلأت الأرض والسماء
بالمحاولاتِ العشوائية،
-
كما بينا بالتفصيل في حلقة (خاطبهم كأطفال)
-
عندما ذكرنا ما يتطلَّبُه تغيُّر بسيطٌ
في الكائن نفسِه كاستطالة عنق الزرافة،
-
وربطنا ذلك بمثال الأطفال الذين
يضربون بعشوائيَّةٍ على (كيبورداتٍ)،
-
والتغيراتِ المطلوبةَ في ملفاتِ الـ(Word)
بشكلٍ متزامنٍ دون تخريب الفقرات الأصلية.
-
وكما بيَّنا في حلقة (من سرق المليون)
بأنه حتى إذا تجاوزنا ذلك
-
فإن طبقات الأرض ستعُجُّ
بأحافيرِ الكائناتِ الانتقاليةِ المفترَضةِ
-
ومعها أحافيرُ الكائناتِ الفاشلةِ
الناتجةِ عن التغيُّراتِ العشوائية،
-
وهما حلقتان في غاية الأهمية لبيان سُخفِ
فكرةِ التحول من كائنٍ لكائنٍ بالصُّدَف
-
عبر التغيُّرات العشوائية والانتخاب الأعمى،
-
وسُخفِ الحفاوة بحفريَّةٍ
كدليلٍ على حصولِ التطوُّر،
-
وأنَّ عباراتٍ مثلَ (كائن انتقالي)
و(حلقة وسيطة) هي عباراتٌ مضلِّلَةٌ
-
لأنها مبنيةٌ على القصدِ والإرادة في تحويل
كائنٍ لآخرَ، بينما هم ينفون القصد والإرادة.
-
هذا كلُّه -يا كرام- ونحن لم نتكلم عن
-
كوميدية التعامل مع هذه التقديرات
لأعمار الكائنات بملايين السنين
-
وكأنها أرقامٌ مُقدَّسَة فيها قَدْرٌ عالٍ من الدقة،
لكن يكفيك مثالٌ واحد:
-
حوالي عام 1992 وجدُوا حفريَّةً في إثيوبيا،
-
وبعد 17 عامًا قام الإعلام
بتضخيم هذا الاكتشاف،
-
فجعلتها Science موضوعَ غلافِها بعنوان:
-
(اكتشاف العام: Ardipithecus ramidus)
واشتهرت بـ: آردي.
-
ونَشَرتْ Science عنها مَقالًا،
-
ونَشَرت عنها National Geographic بعنوان:
(العثورُ على أقدمِ هيكلٍ عظميٍّ لسلف الإنسان)،
-
ووضَعوا لها مكانًا في الخطِّ التطوُّريِّ
المزعوم قبل 4.4 مليون سنة،
-
وهو للأمانة 4.387 مليون سنة ±0.031
مليون سنة كما في Nature؛
-
في النطاق الزمني المناسب لتطوُّر الإنسان.
-
لكن ما لبثت مجلة Science
في العام التالي أن نشرت مقالًا
-
يطعَن في أدلةِ أنَّ آردي سلفٌ للإنسان،
-
ونشرت Times مقابلةً مع مُختَصٍّ
-
بيَّن فيها أن أصحاب الدعوى استخدموا
أساليب غير علميَّةٍ لتمريرِ دعواهم،
-
ونشرت Nature أيضًا بحثًا يُعارض هذه الدعوى:
- أن آردي سلفٌ للإنسان.
-
مَحلُّ الشَّاهد:
-
كلَّفتُ نفسي أن أعود إلى البحث الذي ذكروا فيه
تقديرَ عُمُرِ آردي في مجلة Nature،
-
فوجدت الباحثين يُقَدِّرُون عمرها
بحسب الطبقات الرسوبية التي تواجدَتْ فيها،
-
ويقولون: "أكثر العينات مُلَوَّثَةٌ، بما يعطي
عُمُرًا مُبَكِّرًا يُقَدَّرُ بحوالي (23.5) مليون سنة…
-
إحدى العينات -مع أنَّها مُلوَّثَةٌ أيضًا-
أعطت عمُر (4.387) مليون سنة…
-
إن هذا العمُر يَبدو أفضلَ تقديرٍ للعيِّنةِ،
وبالتالي يُعطِي الحدَّ الأعلى لهذه البقايا،
-
البذورُ التسعة الأخرى من العينة نفسِها
تمثل مُلَوِّثَاتٍ عمُرها 23.6 مليون سنة".
-
هكذا بكل بساطة:
نحنُ نرى أن 4.4 مليون سنة أنسب،
-
ونستثني عينات الـ23.6 مليون سنة
مع أنَّ كلا العينتين باعترافنا ملوَّثة،
-
فعُمُر حفريَّة آردي:
قد يكون 4.4 مليون سنة...
-
قد يكون 23.6 مليون سنة...
(يعني حوالي خمسة أضعاف)،
-
قد يكون أقلَّ وقد يكون أكثر...
-
وسنضع لكم في التعليقات روابطَ لمقالاتٍ
-
تبيِّن مدى كوميدية فكرةِ أن هذه التقديراتِ
-بملايين ومليارات السنين- هي أرقامٌ دقيقةٌ.
-
هذا هو واقع "الدليل العلمي"
على تطور الإنسان.
-
قد تقول: لا،لا، ليس فقط الأحافير،
هناك الدليل الجيني،
-
فالإنسان تتشابه مادَّتُه الوراثيَّة
بنسبة 98.8% مع جينات الشمبانزي.
-
بيَّنا بُطلانَ هذه الدعاوَى -بالتفصيل- العلمي
في حلقتي (الغشاش) و(أكل زيد لحم الكلب).
-
قد تقول: لكن هناك دليلُ التشابه
بين تشريح الإنسان والكائنات الأخرى.
-
بيَّنَّا عدمَ دلالةِ ذلك
على الأصل المشترك -بالتفصيل-
-
في حلقة (ذيلك الذي لا تعرف عنه الكثير).
-
قد تقول: لكن هناك دليل الأخطاء في
تصميمِ بعض أجزاء الإنسان كشَبَكِيَّة العين.
-
بيَّنَّا بُطلان ذلك -بالتفصيل- في حلقة (أحرجتك).
-
نحن -يا كرام- بيَّنَّا عبر عشرااات الحلقات بُطلان
"نظرية التطوُّر" من جذورها بالتفصيل العلمي،
-
وبيَّنا بُطلانَ مبادئها، والأساليبَ التي
اتبعها أتباعها لترويجها على الناس،
-
فالذي لم يُتابع الحلقات الماضية
عليه أن يَعْلَم
-
أن ما نعرضه اليوم ليس إلا جُزءًا بَسيطًا
من مناقشةٍ مُفَصَّلةٍ مُطوّلة.
-
هذا إذن هو واقع "الدليل العلمي"
على تطور الإنسان عن كائناتٍ أدنى:
-
1. سيناريوهات نَقَضَتها الاكتشافاتُ الحديثةُ
حتى أصبحت مبعثرةً، غرقانةً،
-
مُهتزَّةً من جُذورها بتصريحات التطوريين أنفسهم.
-
2. وأيقونات هذه السيناريوهات
مُفَنَّدة واحدةً واحدةً بلا استثناء.
-
3. أدلَّةٌ تُوَظِّف خيالاتِ (الفوتوشوب)
وأفلامَ هوليوود بناءً على عظامٍ مبعثرةٍ.
-
4. تفترض تَعسُّفًا أن الإنسان تطوَّر
عن غيرِه بلا دليلٍ عِلميٍّ.
-
5. مَبنِيَّةٌ على مُحاولةِ إنكارِ
فكرةِ الخَلْقِ بأيِّ ثمنٍ.
-
6. وعلى طَلبِ أداةِ الاستدلالِ الخطأ
على قضيَّةٍ غَيْبِيَّةٍ.
-
7. وتتجاهلُ تَبِعَات الصُّدفية واللاقصديَّة
التي لا يُمكن أن تُحوِّل كائنًا لكائنٍ.
-
8. وتتجاهل عدم الدقَّة بشكل كبير
في عُمُر الأحافير.
-
﴿ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ
إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا ۗ
-
وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ﴾
[سورة النور: 40]
-
عقيدة داروينية عمياء.
-
تعالوا الآن -يا كرام- نرى تعامل
بعض المتكلِّمين العرب مع الموضوع،
-
واسمحوا لي بدايةً أن أؤكِّد على أمر:
-
الشخصيات الثلاثة الأولى التي سنذكر كلامَها
-
نحسب أنَّها لم تتعَمَّد
مُخالفةَ الحقِّ في هذه المسألة،
-
لكنَّها لم تَبذُل ما ينبغي
للوصول للحق فأخطأتْه،
-
وقد تواصلتُ معهم واحدًا واحدًا طلبًا للنقاش
إكرامًا لما يجمعنا من انتسابٍ للإسلام،
-
وقد ردَّ بعضُهم بأدبٍ وخُلُقٍ
مُعتذِرًا عن النقاش حاليًّا،
-
واختار البعض الآخر عدمَ الردِّ أصلًا؛
بل اللجوءَ إلى الطعنِ والافتراءِ.
-
فليعذِروني جميعًا أني اضطُرِرتُ
للخروج بهذه المادة على العلن؛
-
فإن الأخطاء التي وقعوا فيها
في هذا الموضوع على العلن كبيرةٌ جدًّا،
-
ولها أثر سلبِيٌّ للغايةِ،
-
ومع ذلك فأسأل الله أن يهديَنا
وإياهم لما يحب ويرضى،
-
وأرجو من إخواني أن يحاولوا التأثيرَ على
الشخصيات المذكورَةِ بالنُّصح والتذكير،
-
لا بالتَهَجُّمِ ولا التجريحِ.
-
الدكتور (نضال قسُّوم) في حلقةٍ له
من برنامجه (تأمَّل معي) بعنوان:
-
(نظريَّةُ التطوُّر وأدلَّتُها العلميَّة) يقول:
-
طيب يقولك: (طب وين
هذي الحلقات المفقودة بينهم؟
-
وين هذه الأجناس؛ الهياكل، التي تقولون
أنها... يعني بين الإنسان وبين القرد القديم؟
-
وين وريني أنت حالة إلِّي تبين
أن الإنسان كان شيء قبل الإنسان،
-
وأنه انحدر فعلاً من قردة أو القردة الكبيرة
أحيانًا تسمى Apes هذه)،
-
لدينا عددٌ كبيرٌ من هذا النوع من الأحافير،
صدَّقوا أو لا تصدِّقُوا!
-
نجد أن هذه الجماجم تتراوح في الأعمار
-
بين حوالي مليوني سنة إلى أحدثها -الأخير،
ربما يعني ثلث مليون سنة (300,000)...
-
وفعلًا عندما نأتي إلى كل واحدةٍ
من هذه الستة وننظرُ إلى حجمها وعمرها
-
نجدها أنها فعلًا تتسَلسَل من الأقدم إلى
الأحدث وتصير تقترب إلى البشر
-
لا معلش يا دكتور…هذه الدَّعاوى لأتباع التطور
قديييمةٌ جدًّا، من عام 1963 كما أوضحنا،
-
وأنا لا أدري -حقيقةً- من أين تأخذ معلوماتك،
-
خاصَّةً أنك لا تضع مراجعَ عند كلِّ معلومةٍ.
-
طيب، ماذا نفعل يا دكتور نضال
مع آيات الله في القرآن،
-
والتي تتكلم عن خلق آدم بيدي الله -تعالى؟
-
يجيبك الدكتور:
-
"أوَّلًا أنا أحكم على أي نظريَّةٍ سواءً (تطور)
أو (بيج بانج) أو (جاذبية آينشتاين)
-
أو (كوانتم ميكانيكس) أو ذرية أو نووية…
أحكمُ عليها بأدلَّتها العلمية،
-
لا أحكمُ عليها بكتبٍ دينيَّةٍ، وإلا بتصير
العملية مفتوحةً على كل الاحتمالات…
-
بيجيني كتاب آخر، واحد يحكم لي من
كتاب هندوسي، واحد يكتب لي من التوراة،
-
واحد من التلمود، واحد يحكم على النظرية
بالقرآن، واحد... ما راح نخلص هكذا).
-
لا يصِحُّ أن يُوضع القرآنُ في سَلَّةٍ واحدةٍ
مع كتبِ الأديان الباطلة والمحرَّفةِ،
-
ككتب الهندوسِ والتوراةِ والتلمودِ،
أليس كذلك يا دكتور؟
-
ويقول لك:
-
"عندنا حل من حلين: نقول له: (لا لأ
هو صحيح كتابك يقول هذا، ولكن كتابك غلطان)،
-
أو نقول له: (لأ،
أنت ما تفهمها بهذه الطريقة…
-
إلِّلي اختاره البشر، سواء المسلمين
أو حتى النصارى أو اليهود،
-
إنو لأ، ما نفهم هذه الآيات بهذه الطريقة…
نعيد تفسيرَها)
-
وهل اليهود والنصارى أُسوةٌ للمسلمين؟
-
وهل القرآن ككتبهم في الاحتواء على
المغالطات ومصادمة العقل والعلم
-
لتطالبنا أن نفعل مثلهم يا دكتور نضال؟!
-
- "فهذه النظرية… هذه الحقائق
عن التطور ثابتةٌ في الأرض…
-
ما لها علاقة بـك...
تَقبلُ، لا تَقبلُ أنت حر،
-
الآن -كما قلت لك آنفًا-
تأتي في الكتب الدينية،
-
في القرآن وغيره، يتكلم عن الإنسان
وأصل الإنسان وخلق الإنسان،
-
فيأتي الناس، ومن الطبيعي أن يسألوا:
-
طيب هذه الآيات كيف أفهمها
على ضوء ما تقولون أنتم يا علماء؟
-
هل هناك إمكانيةٌ أن نفهم هذه الآيات على منوال…
بطريقة تكون متناغمة مع ما يقوله العلم؟
-
أنا أقول: نعم...
(المحاور) = أن نُؤَوِّل النص.
-
- "نُؤَوِّل الأجزاء التي يبدو أنها
إذا فُهِمتْ حرفيًّا، تتناقضُ مع العلم".
-
كيف يعني نُؤَوِّل القرآن؟
-
يعني يَعتبِر الدكتور القولَ بخلقِ الإنسان
كما هو واضح من القرآن والسُنَّة
-
وكما فَهِمَتْه الأمَّة عبْرَ القرونِ،
يعتبر ذلك فَهمًا سطحيًّا:
-
(د.قسوم): عندما ننظر إلى الآيات القرآنية
وإذا نظرنا إليها بسطحيَّةٍ وحَرْفِيةٍ
-
نرى وكأنَّ الإنسان هذا خُلق بشكلٍ
مستَقِلٍّ تمامًا عن باقي الخليقة.
-
ويتكلم د.نضال عن إنسان بدائيٍّ كما في
الأفلام الهوليوودية التطورية، فيقول:
-
وهذا هو تاريخ الإنسان،
يعني في الأول كان إنسان بدائي،
-
مش فاهم شيء، مش فاهم، فاكر أنه الأشياء
هكذا، بتصير حواليه يعني هكذا، كلها مخيفة،
-
وهناك آلهات كثيرة، وكل آلهة تتعارك
في السماء، هذه الآلهات وكذا،
-
وبعدين ابتدى يتطوَّر شوية مع نفسه،
-
وابتدى يفكر أن أنا لي معنى،
وجودي له معنى، حياتي هنا لها ضوابط،
-
هؤلاء الأشخاص... ايش… طب
وهذا إلِّلي بيقول شيء ثاني عني و...و…و"
-
هذه محاور اختلافنا مع المروِّجينَ
لفكرَةِ تطوُّر الإنسان عن كائنات أدنى:
-
1. لا منهجيَّةَ للتفريق بين
العلم الحقيقيِّ والخرافات.
-
2. لا منهجيَّةَ في التعامل مع القرآن،
بل وجرأةٌ على الخوض فيه بغير علمٍ.
-
3. ولا منهجيةَ في التوفيق بين
الوحيِ والعلومِ الطَّبيعيَّة.
-
والنتيجة بالنسبة لهم:
تطوُّر الإنسان حقيقةٌ،
-
والطريقةُ الوحيدة لتحافظَ على القرآنِ هي أن
نُعيد تفسيرَه بما يتوافق مع "حقيقة التطور"
-
كما فعل أصحاب الأديان الأخرى،
-
ولعلَّ الدكتور يطَّلعُ على
هذه الحلقةِ وسابقاتِها ليعلم
-
أن "العلم" الذي يريد إعادةَ تفسير القرآن
من أجلِه ما هو إلا خيالات هوليوودية
-
وسيناريوهات رأينا ظُلُمَاتِها المُتراكمةِ.
-
من أشكال إعادة التفسير هذه ما ذكرته
إحدى الدكتورات في مجال البيولوجيا،
-
والتي كرَّرَت في مقطعٍ من ثماني دقائقٍ عبارةَ
(التطوُّر حقيقة… التطوُّر حقيقةٌ) ثماني مراتٍ!
-
ثم قالت:
-
إذن فتعتقد الدكتورة أن آدم -عليه السلام-
ما هو إلا كنايةٌ (metaphor)
-
رمزٌ للبشريَّة بشكلٍ عامٍّ،
وليس كائنًا حقيقيًّا مستقِلًّا محدَّدًا.
-
سُئلتْ مُجَدَّدًا فأكدَّت وقالت:
-
إذن بحسب الدكتورة فآدم قد يكون
مجازًا عن مجموعةٍ من البشر
-
تطوَّرت لديهم القدراتُ العقليَّة
والإدراكُ وما إلى ذلك.
-
ولنا أن نسأل الدكتورة:
-
إذا كان آدم كنايةً أو مجازًا يا دكتورة
-وليس كائنًا محدَّدًا حقيقيًّا-
-
فكيف سنفهم قول الله -تعالى:
-
﴿يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ
كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ﴾ [الأعراف: 27]
-
وقولَه تعالى: ﴿فَقُلْنَا يَا آدَمُ
إِنَّ هَٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ﴾ [طه: 117]
-
وغيرَ هذه الآياتِ الكثيرَ الكثيرَ،
-
وغيرَها الكثير الكثير من الأحاديثِ
الصحيحة في الحديث عن آدم -عليه السلام.
-
وطبعًا الذين يتجرَّؤون على القرآن
بهذا الشكل فَهُمْ على السُنة أجرأُ،
-
ما الذي يمنعُ أصحاب التفاسير الباطنيَّةِ
للقرآن من تفسيرِ القرآن كما يشاؤون،
-
حيث يخترع من شاء ما شاء من المعاني،
-
ويزعُم أنَّها هي المقصودةُ بهذه الآيات
وليس معانيها الواضحة الظاهرة،
-
كَمَا حصل مع الحركات الباطنية
في التاريخ الإسلامي؟
-
إذا كان آدم الذي فصَّل القرآن في قصَّته
تفصيلًا مجرَّد رمزٍ أو مجازٍ،
-
فما الذي يمنع أن تكون الجنَّة مجرَّد مجازٍ،
والنارُ: مجازٌ، والآخرة: مجازٌ…
-
بل ولماذا لا يكون الله -عز وجل- مجرَّد مجازٍ؟!
-
تذكروا -إخواني- من أجل ماذا يتمٌّ الخوض
في القرآن بهذا الشكل!
-
من أجل خرافات، ظُلُمَاتٍ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ
-
الدكتور الروائي (أحمد خيري العُمَرِي) يروِّج
أيضًا لفكرة فَهم آياتٍ بناءً على نظرية التطور،
-
وقد أصدر كتابه (ليطمئنَّ عقلي)،
-
والذي أعاد فيه نفس استدلالات
المواقع الشَّعْبَوِيَّةِ على صحَّة التطوَّر،
-
غيرَ ملتفتٍ طبعًا إلى ردودِنا وردودِ الكثيرين
العلميةِ المفصَّلةِ على كلٍّ منها،
-
ثم أتبع هذه الأدلة بقوله:
-
"ولعله من نافلة القول أنه لا يمكن لأي
نظرية علميَّةٍ أن تكون بديلةً لنظرية التطوُّر
-
دون أن تأخذها أوًّلاً على محمل الجد التام
والدراسة العلميَّة المكثَّفةِ
-
خصوصًا أنَّ سِجِلَّ الأحافير الذي تستخدمه
نظريةُ التطوُّر يضمُّ (ملايين الأحافير)
-
إن لم يكن المليارات منها".
-
جُملةٌ مُصاغةٌ بطريقةٍ توهِم أن هناك الملايين
-
أو الملياراتِ من الأدلَّة
على الخرافة من الأحافير،
-
"سجل الأحافير الذي تستخدمه نظرية التطور".
-
بعيدًا عن المبالغةِ الشديدةِ في الأرقامِ
-
فهذا السِجِلُّ مليءٌ بأحافيرَ
-
لهياكلَ بشريَّةٍ وحيوانيةٍ مثيلةٍ للمخلوقات
المعروفة الموجودة حاليًّا بيننا،
-
ولم يدَّعِ ولا حتَّى كبارُ مروِّجي الخرافةِ
الأجانبِ أنها دليلٌ على التطوَّر،
-
وإنما الحديث عن أحافيرَ محدودةٍ
-
أريناكم اليوم وفي حلقاتٍ ماضيةٍ
-
بالتفصيل العلمي ومن أوراقهم
ما يُكذِّب دلالتها على التطوُّر.
-
في المقابل: الدكتور العمري الذي أصدر سلسلته
في التحصين من الإلحاد بعنوان: (Anti-إلحاد)
-
عنده مشكلةٌ في تعريف الإيمان نفسه،
فهو يقول:
-
"في الحقيقة الإيمانُ بأيِّ شيءٍ
يحتاجُ إلى هذه القفزة؛ الـ(Leap)،
-
أن تؤمن بشيءٍ دونَ كل الأدلَّة
القاطعة الحاسمة".
-
ومثلَ هذه العبارات وغيرَها من العبارات
-
التي تجعل الإيمان بوجود الله -وبالغيب
عمومًا- أمرًا أغلبيًّا لا قطعيًّا يقينيًّا.
-
وهو ما وضَّحنا بُطلانه تمامًا في حلقةِ
(الله غيب، هل معناه أن وجوده غير يقيني؟)
-
وحلقةِ (هل يمكن إثبات وجود الله علميًّا؟)
وغيرِها من رحلة اليقين.
-
فعندما يكون تطوُّر الإنسان مؤيَّدًا بالأدلَّة
العلمية القويَّةِ كما يقول الدكتور العمري،
-
بينما الإيمانُ بالله نفسِه لا يُمكنُ البرهنة
عليه بشكلٍ قطعيٍّ ويحتاجُ قفزةً في الفراغ،
-
فلا عجَبَ أن يتَأوَّل القرآنَ
ليناسِب تطوُّر الإنسان.
-
أما الدكتور عدنان إبراهيم فقد بيَّنَّا
طريقتَه في ترويج خرافة التطوُّر عمومًا
-
في حلقة:
(لماذا يلحد بعض أتباع عدنان إبراهيم؟)،
-
وفي حلقة اليوم ما يُفنِّد دعاواه
عن تطوُّر الإنسان.
-
وأنا ختاما أسأل من يروِّجون
لهذه الخرافة من العرب:
-
هل أنتم تقرؤون الأوراق العلمية؟
-
هل تعودون إلى الأبحاث الأصلية
وتقرؤونها بلغتها الأصليَّة
-
للتحقُّق من صحَّة المعلومات وصحَّة الاستنتاجات؟
-
أم أن مصادرَ معلوماتكم هو المواقعُ
التي يَضحك بها أتباع الخرافة على الناس،
-
والرسوماتُ التي يستخدمها
مروِّجو الخرافة الشَعْبَوِيُّون؛
-
فتنقلون عنهم كأنهم أناسٌ ثقاتٌ مُؤتَمَنُون؟
-
أَلِأَجْلِ هذه الخرافات المُهتَرِئة تريدوننا
أن نعبث بتفسير كتاب الله -تعالى-
-
ونتجاهل الأحاديثَ الصحيحة؟
-
عندما تعود إلى القرآن لتطَوِّع نصوصَه
بما يناسب العِلم الموهوم،
-
وكأنَّ القرآن مائعُ الدلالة،
قابلٌ للتشكُّل حسب الطلب،
-
هل أنت بذلك تُوفِّقُ حقيقةً
بين العلم التجريبي والقرآن؟
-
أم تسقط هيبةَ القرآن من قلوب المسلمين
بجَعْله تابعًا هُلاميًّا؟
-
هذا القرآن عزيز؛
-
﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ
لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ
-
تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾
[سورة فصلت: 41-42]
-
لا يلتبس بباطل، ولا يُفسر بباطل،
ولا يُطوَّع لباطل،
-
كتاب مُهيمِن، حاكمٌ غير محكومٍ،
قائدٌ لا مقودٌ؛
-
﴿إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ﴾
[سورة الطارق: 13-14]
-
إذا أدركت هذا كلَّه -أخي وأختي-
فانفضْ عنك تخاريفَ العلم المُزيَّف،
-
وأصغِ بسمعك وكيانك إلى قول ربك -سبحانه-
وهو يذكِّرك بأصلك،
-
بكلامٍ فصْلٍ لا لبسَ فيه ولا غموضَ،
-
ليَجعل من بعد ذلك لحياتك معنًى،
ويبنيَ عليه منظومةً أخلاقيةً،
-
إذ تعلم أنك عائدٌ إليه فيقول:
-
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم
مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا
-
وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ
-
وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ
إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا
-
وَآتُوا الْيَتَامَىٰ أَمْوَالَهُمْ ۖ
وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ ۖ
-
وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَىٰ أَمْوَالِكُمْ ۚ
إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا﴾ [سورة النساء: 1-2]
-
نسأل الله -تعالى- أن يهدينا جميعًا
ومن يخالفُنا لما يحبُّ ويرضَى.
-
والسلام عليكم ورحمة الله .