هل ترغب بتعديل حمضك النووي؟ | نيسا كيري | TEDxLiverpool

يستطيع العلماء الآن تسخير القوة الفريدة للتعديل الجيني وذلك ليغيروا من الجينوم عند أي كائن على كوكب الأرض، من بينها نحن البشر. هذا ما منح الفرصة لمعالجة الأمراض الوراثيّة الوخيمة التي لا علاج آخر لها، وإزالتها من العائلة المتأثرة بها وذلك لجميع الأجيال المستقبلية.

إذاً لماذا لايتقبّل المجتمع هذه التقنية؟ ولماذا تقلقنا إلى حد بعيد فكرة تعديل حرف واحد فقط من أصل 3 بليون داخل أبجديتنا الوراثيّة، وفي مورثات لجزء صغيرجداً من التعداد السكاني؟ ربما حان الوقت لنتحدى مشاعر الملكيّة الغريبة التي نشعر بها تجاه حمضنا النووي، ونتقبّل أن التعديل الجيني قد غيّرَ من مفهوم اللعبة الأخلاقيّة إلى الأبد.
نيسا كيري هي خبيرة في علم المورثات، ألفت كتاب"اختراق شيفرة الحياة" و"الحمض النووي غير الهام" و"ثورة التعديل الجيني اللاوراثي". وكانت سابقاً كبيرة محاضري الأحياء الجزيئية في الكلية الامبريالية، وحاليّاً تعمل هناك كأستاذ زائر.

تحمل نيسا شهادة دكتوراه بعلم الفيروسات من جامعة ايدينبورغ، وشهادة جامعية بعلم المناعة ولديها رسالة دكتوراه حول المورثات البشرية. بالإضافة إلى شهاداتها الأكاديمية والتجارب البحثية التي قامت بها، فلقد أمضت نيسا 13 سنة بالصناعة بالعمل على الاكتشافات الدوائية بالاعتماد على مبادئ العلوم الأساسية مع شركات حديثة الإنشاء إلى شركات عظمى مثل فايزر.

تم تقديم هذه المحادثة في حدث TEDx باستخدام تنسيق مؤتمر TED لكن تم تنظيمه بشكل مستقل بواسطة مجتمع محلي. لمعرفة المزيد في http://ted.com/tedx

حسناً، إنّني سعيدة جداً بوجودي هنا اليوم

للحديث معكم حول التعديل الجيني

لأنه يشكّل حاليّاً المجال الأبرز
في علم الأحياء.

حتى يكاد يكون الموضوع الوحيد الحالي،

وهو بالتأكيد يشكل نقلة نوعية بالتكنولوجيا،

والتي ستغيّر في حياة العديد
من الناس والكائنات الحيّة

على هذا الكوكب،

لذا لا بدّ أن يبدي الجميع رأيه ونتناقش

حول كيفيّة استخدامه.

بدأت هذه التقنيّة فعليّاً في عام 2012،

وذلك عند اكتشاف أن النظام الذي
تم تطويره داخل البكتيريا

يمكن استخدامه لتعديل الحمض النووي
لمختلف الكائنات الحيّة ومن مختلف المصادر

في أنبوب الاختبار.

في عام 2013، تم تبني هذه التقنيّة وبالتالي
أصبح من الممكن تطبيقها على الخلايا الحيّة،

وكما أشار هيرب منذ أسبوعين،

بأنه تم تعديلها ثانية ومنحها حساسيّة عالية

وبالتالي يمكننا حاليّاً تبعاً للنظريّة،

أن نعدّل الطفرات الوراثيّة التي تسبّب
90% من الأمراض الوراثيّة.

هذا مذهل حقاً.

المصطلح التقني لها

هو "التكرارات العنقودية المتناظرة
القصيرة منتظمة التباعد،"

ولهذا نطلق عليها جميعاً كريسبر،

ولفهمها بطريقة أبسط نطلق عليها
التعديل الجيني.

هناك شكل آخر لتعديل الجينوم

والّذي تم استخدامه لمدّة طويلة

يدعى "التعديل الوراثي،"

ولكن التعديل الجيني كريسبر يختلف عنه،

بالطريقة التي يعملان بها،

والأهم بما يمكن تحقيقه من خلالهما.

و سأقدم لكم مثالاً

يوضّح مدى أهميّة التعديل الجيني.

فلنبدأ.

سأناقشكم بالمقولة الأشهر في
الأدب الإنكليزي بمطلع أي رواية:

" إنها حقيقة مسلّم بها عالميّاً

أن كل رجل أعزب صاحب ثروة

بحاجة إلى زوجة."

لا تخذلوني الآن.

من أي رواية اقتبست هذا المطلع؟
(الجمهور) كبرياء و تحامل.

الحمدلله. أجل كبرياء و تحامل.

ولكن من المؤكد أن جين أوستن لم تكتب

"إن كل 'سيدة' عزباء صاحبة ثروة."

لأنه بذلك يتغيّر المقصد الذي أرادته جين.

إذاً هناك خطأ كتابي.

إذا أردنا استخدام ما يكافئ
الأسلوب القديم من التعديل الوراثي

لتعديل الخطأ الكتابي بغرض تصحيحه،

فهذا ما سنحصل عليه غالباً:

"إنها حقيقة مسلّم بها عالميّا،

أن كل رجل أعزب "- أجل ، لقد عدلناه -

"لقد قصدت الرجل القارئ الذي تزوجته في
بحق الجحيم ماهذا الجزء زوجة."

هذا ما سنحصل عليه أخيراً.

لقد أضفت عبارة أخرى مشهورة في الأدب،

بعد قليل،

أرجو منكم أن تخبروني ما هي،
(الجمهور) جين اير.

رائع ، جين اير
"القارئ الذي تزوجته."

إنكم تبلون جيداً هذه الليلة، أحسنتم.

فكما ترون

من خلال التقنية القديمة للتعديل الجيني،

استطعنا تصحيح الجزء الخاطئ،

ولكننا أدخلنا أجزاء أخرى لا نريدها،

وفقدنا أجزاء من النص الأصلي.

ولكن يمكننا من خلال التعديل الجيني
القيام بالتصحيح الأمثل -

فلا نفقد أي شيء، ولا نضيف أي شيء.

إذا طبقنا هذه العملية على الجينوم البشري،

حمضنا النووي،

فأنت تستقبل من أمك 3000 مليون
مورثة حاملة للمعلومات الوراثية

و3000 مليون مورثة حاملة
للمعلومات الوراثية من والدك.

وهوالشكل الأكثر دقة وإتقان،

يمكن للتعديل الجيني أن يجد ذاك الخطأ
الوحيد والطفرة الوحيدة ويصححها -

من بين الـ 3 بليون رسالة مورثية.

هذا مذهل.

لم يسبق لنا أن حصلنا على تقنية
قادرة على القيام بمثل هذا.

إنها رائعة، ولها استخدامات
في مجالات واسعة.

واليوم، سنتكلم عن هذه الاستخدامات.

كعلاج جديد للحالات الصحية للإنسان

لأنه، كما ترون، التعديل الجيني

هو مقاربة علاجيّة مغرية بشدة.

فعندما نقوم بالتعديل على الخليّة،
فإننا نغير في الحمض النووي DNA،

وهذا التغيير دائم،

وسيتم نقله إلى كل الخلايا التي
تنشأ من هناك،

في كل مرة تنقسم فيها الخلية.

فنحن نأمل أن نصبح قادرين
على شفاء الأمراض الوراثية -

لا أن نعالجها أو نطيل أمد الحياة،
وإنما نشفى منها تماماً.

وهذه التقنية لن تكون محصورة
فقط بالأمراض الوراثية،

فهنا واحدة من أكثر الاستخدامات غرابة.

يموت الكثير من الناس وهم
بانتظارزراعة الأعضاء

لأنهم يعانون من حالات
كالمرحلة النهائية للفشل الكلوي

أو المرحلة النهائية لقصور القلب.

لا يوجد مايكفي من المتبرعين بالأعضاء.

وهذا إلى حد ما قانون النتائج غير المقصودة.

تسن الحكومات قوانين حزام الأمان،

فلا تسبب حوادث السير الموت للكثير من الناس
وهذا شيء جيد،

ولكنهم كانوا أحد المصادر الرئيسية
للأعضاء المتبرع بها.

ليس لدينا ما يكفي من البشر للحصول على
الأعضاء منهم،

ولكن من الممكن أن نستخدم الخنازير.

فلو فكرنا بشيء
كالمرحلة النهائية للقصور القلبي،

فإن الخنازير ستكون مناسبة

لأن قلوبهم مشابهة جداً لقلوبنا،

فلها نفس الحجم تقريباً،

ونفس الخصائص الميكانيكيّة و الكهربائية.

وسيكون من الرائع إن حصلنا
على القلوب من الخنازير.

فهناك الكثير من الخنازير.

لدينا عقبات.

إحداها أن أجسادنا سترفض مباشرة
قلوب الخنازير،

والمشكلة الأخرى أن قلوب الخنازير
تحوي عوامل مجهولة.

مختفية داخل حمضها النووي وهي
فيروسات قديمة وهي حيّة،

وفعّالة ولكنّها كامنة.

مثلاً، لو أن الجهاز المناعي
لا يعمل جيداً -

كما في حالة مرضى زراعة القلب

لأنهم يتلقّون الأدوية المثبطة للمناعة -

فهنا يمكن لقلوب الخنازير أن تقوم
بإعادة تفعيل تلك الفيروسات،

ويمكن لهذه الفيروسات
أن تسبب العدوى للمتلقي

وكذلك يمكن لها أن تنتقل إلى الآخرين،

ليس لنا جميعاً،

وإنما إلى ناس مع عوامل خطورة
كالكبار بالسن أوالأطفال أو الحالات الحرجة.

تُجرى عمليّة زراعة القلب في المشفى.

ويمتلأ المشفى بالكبار السن،

والأطفال والحالات الحرجة،

فكما ترون قد لا تسير الأمور على مايرام.

باستخدام التعديل الجيني،

تم تشكيل فريق من الولايات المتحدة
ليقوم بتعطيل الـ 65 فيروس

التي تختبئ داخل جينوم الخنزير.

وهذا ما لا تستطيع
التقنية القديمة القيام به.

وإنه لشيء قيّم للغاية
أن الشركة المؤلفة من هذا الفريق

قد تم تمويلها بمئة مليون دولار

لتتابع تطوير هذه التقنية

وذلك إلى أن نتمكن من زراعة
أعضاء الخنازير في جسم الإنسان.

لكن يمكن أن نشاهد
استخدامات أكبر لهذه التقنية

وذلك في علاج الأمراض الوراثية عند الإنسان،

وبالتحديد ما ندعوه "العلاج الجسدي،"

حيث نعالج فقط الخلايا الجسديّة.

إن هذا رائع جداً.

حاليّاً، هناك تجارب سريريّة

تستخدم التعديل الجيني
في علاج فقر الدم المنجلي وتلاسيميا بيتا.

إنها سنة 2019.

لقد مضى سبع سنوات

على اثبات هذه التقنيّة للمرة الأولى.

لم يسبق لنا أن رأينا تقدماً مشابهاً،

وإنه لاستخدام جميل لهذه التقنية

لأن ما يقومون به هو أنهم
يستخرجون الخلايا من نقي العظم

من مرضى فقر الدم المنجلي أو التلاسيميا.

حيث يوجد لدى هؤلاء المرضى
طفرة في إحدى مورثات الهيموغلوبين.

الهيموغلوبين هو البروتين الذي
يحمل الأوكسجين بالدم.

وما يقومون به هو

أنهم يستخرجون الخلايا من نقي العظم،

ويقومون بتعديلها في المخبر
ليغيروا من الطفرة،

ثم يرجعوها إلى المريض،

وسوف تعود هذه الخلايا من جديد
إلى نقي العظم،

وعندها ستعيد تكوين نقي العظم

وتنتج خلايا دم حمراء طبيعية.

إذاً نحن أمام حالة

حيث كان كل ما يتوفر لدينا
سابقاً من علاجات غير كافية أبداً،

وتمكنا من شفاء هؤلاء المرضى.

فلم يعودوا يعانون من فقر
الدم المنجلي أو التلاسيميا،

لقد تم شفاؤهم.

إن هذا التطبيق للتقنية متّفق عليه تقريباً

لأن كل ما نقوم به هو
تبديل خلايا نقي العظم.

إن المرضى الذين يتلقون هذا العلاج،

لن ينقلوا الطفرة إلى نسلهم.

أما الاستخدام المختلف عليه بشدة
فهو ما ندعوه "علاج السلالة الوراثية" -

عفواً، "تعديل" السلالة الوراثية

وهنا سنستخدم التعديل الجيني

على المراحل المبكرة للجنين

لنعدل الطفرة التي ستسبب المرض.

ثم نعيد الجنين إلى داخل أمّه -

تقنية طفل الأنبوب التقليدية -

ومن ثم فإن هؤلاء الأفراد،

عندما يكبرون، ستكون جيناتهم قد تغيّرت،

لكننا سنكون قد غيرنا أيضاً
في السلالة الوراثيّة

لنسلهم التالي وإلى الأبد.

إنه تعديل دائم في التكوين الوراثي للإنسان.

وما نتوقع حدوثه

أن هذا سيتم تطويره بالكامل

من أجل فقط الحالات المهددة للحياة،

مثل مرض هنتنغتون.

تستطيعون أن تروا خلفي
شريحة من الدماغ بعد الوفاة

لشخص لم يكن يعاني من مرض تنكسي،

وترون أيضاً دماغ

لشخص مصاب بمرض هنتنغتون

وهو حالة تنكسية مميتة بالخلايا العصبية.

كما تلاحظون فإن الدماغ متنكس بشكل كامل.

نظريّاً، يمكننا استخدام التعديل الجيني في
وقف هذا المرض الوراثي ضمن العائلة الواحدة.

فيا له من تطور مذهل.

لم يسبق لنا أن حظينا
بفرصة للقيام بمثل هذا،

وما علينا أن نفكر به هو،
هل يجب أن نستغل هذه الفرصة؟

يبدو أن الأسئلة بدأت تأخذ منحى أخلاقي

أكثر من كونها علميّة،

وأحد المصادر الرئيسية لنقاشنا هذا
هو مجلس نافليد لأخلاقيات البيولوجيا،

الذي نشر تقريراً رائعاً
حول طبيعة هذه التقنية.

من بين الأشياء المطروحة فيه هو
"من يملك الحق بمنحه الموافقة؟"

ولأن الموافقة ضرورية جداً لأي إجراء طبي.

ولطالما كنا ميّالين

للاعتقاد أن الوالدين هما طبعاً
من سيمنحان الموافقة،

ولكن التعديل لم يُجرَ على الوالدين.

ولا نستطيع أن نسأل الجينين فيما
إذا كان سيوافق عليه،

لأن الجنين هو مجموعة من الخلايا الكبيرة.

فماذا يمكننا أن نفعل؟

هل عندها سنسأل هذا الشخص
عندما يصبح عمره 18؟

هل نقول له،
"هل تمانع أننا قمنا بتعديلك؟

هل تعتقد أنك ستكون بحال أفضل لو لم نقم
بالتعديل عليك؟"

يخلق لنا التعديل الجيني فرصة

التي أنهيناها بطلب الموافقة

لشكل تخيلي

من فرد لم يولد بعد، في عالم بديل.

فهذا لم يعد طلب موافقة،
بل أصبح أقرب للمراوغة.

إذاً سنكون هذه التقنية على نحو ما،

مستخدمة فقط لعدد صغير نسبياً من الناس،
ولكن ليس هذا المهم.

فالأخلاقيات واضحة.

لايوجد عدد معين

يصبح عنده السؤال الأخلاقي مهم؛

فالسؤال مهم منذ البداية.

ولأول مرة،

كان العلماء حذرين بشدة

فهم مدركون أن هذا السؤال مهم جداً وضروري

ويجب أن لا يتم طرحه على العلماء فقط.

بل لابد من تدخل المراقبين
والأخلاقيين والفلاسفة

وبشكل خاص أقرباء المريض.

ومن التصاريح الهامّة حول هذا

والذي تم طرحه من قبل أحد أقرباء المريض،

حيث قال: "لماذا تثيرون كل هذا الجدل؟

كل مانطلبه هو أن يتم تعديل جينوم طفلنا

فيصبح مثله مثل ال 7.5 بليون شخص
على هذا الكوكب،"

وبالنظر إليه من هذا المنظور
فإنه يبدو مثيراً.

وكان يسير بشكل جيد،
فالجميع يريد الوصول إلى اتفاقيّة،

يريد الجميع أن يتخذ هذه الخطوة الواعية
وهذا ما حدث.

وقف العالم الصيني، هي جيانكوي،
في أحد الاجتماعات

وأعلن أنه قام بتعديل جنينين،

وزرعهم داخل أمهاتهم،
وقد تمت ولادة هذين الطفلين.

كان قد قام بتعديل السلالة الجينية لهما،
الجميع كان خائفاًً.

خوفهم هذا يعود لأسباب عديدة.

عليك احترام هذا الرجل،

فقد تمكن من إثارة الفوضى
سياسياً وأخلاقياً وتقنياً،

وهذا مثير جداً.

قام بالتعديل بشكل سيء جداً.

وليس من الواضح فيما إذا كان لديه
موافقة أخلاقية مجدية،

سواء من العائلة المعنيّة أو من المراقبين.

وهو في الصين،

ولقد أثار الفوضى سياسياً بشكل مدهش

لأن الصين تريد أن تكون

جزء من المجتمع العلمي العالمي الدولي

ولكنها تبدو الآن كدولة منبوذة،

وهو الآن تحت رهن الإقامة الجبريّة.

وهذا ما سبب اضطراب حقيقي

لأن إمكانية مناقشة هذا الأمر بطريقة منظمة

قد حُرِم الجميع منها،

والخوف من أن تبدأ الحكومات بالقول،

"إن هذه التقنية تتقدم بسرعة،

وسنعمل على وقف كامل لها،"

والذي أعتقد بأنّه سيكون خطوة إلى الوراء.

ولكن أحد الأشياء التي يجب أن نفكر بها

هو، لماذا نبدي كل هذا الاهتمام؟

لماذا نقلق إلى هذه الدرجة العالية؟

حول ماذا سيحدث للحمض النووي ومورثاتنا؟

فعندما نتحدث عن العلاج الجيني
وعلاج السلالة المورثية

وتغيير الحمض النووي لجيل المستقبل،

فإني أعتقد أنه لن يبدي أي أحد
اهتماماً كبيراً لهكذا أمور

لو تم استخدامه

حصراً للأمراض الخطيرة
والمزمنة والمهددة للحياة،

مثل مرض هنتنغتون.

ولكن ماذا لو قمنا باستخدامها
لأغراض أخرى كالصمم؟

يمكنك بسهولة تعديل الحمض
النووي داخل الجنين

لتحرص على أن لا يصبح
هذا الطفل أصماً أبداً.

ولكن يرتبط الصمم مع مجموعات ثقافية مختلفة.

وتم تطوير لغة الإشارة
حول العالم بشكل مستقل،

فلو بدأنا باستخدام التعديل الجيني
لعلاج االصمم

عند عائلات و مجتمعات محددة،

فإننا نقضي بذلك على المجموعات اللغوية.

وهذا يكاد يقترب بشدة

من تعريف الأمم المتحدة
لما يشكّل الإبادة الجماعية.

لذا لا بد من اتخاذ قرارات

حول الحالات التي يُسمح والتي يُمنع فيها
استخدام هذه التقنية

اصطلاحاً الحالات المهددة للحياة مقابل
الحالات المغيرة للحياة.

هناك جد الآخر حول الانجراف بهذه التقنية -

فالجميع سيرغب بالحصول على أطفال
بعيون زرقاء و شعر أشقر

والذين سيصبحون شباباً طوال القامة وأقوياء،

ورياضيين وأذكياء.

حسناً، لن يتمكنوا من ذلك.

ربما يرغبون بذلك ولكن
لن يتمكنوا من القيام به.

تتأثر جميع هذه الصفات بالعديد من المورثات،

المئات من المورثات المحمولة على الصبغي،

لن تستطيع تعديلهم جميعاً،

بالإضافة إلى أنها تتأثر بشدة
بالبيئة المحيطة.

فبالرغم من أنني أعتقد أنه من الجيد
إدراكنا لهذا الانجراف،

ولكن لا أظن أنها مسألة بتلك الأهمية.

أعتقد أن السبب الآخر الذي يجعلنا
مهتمين بشدة

أنه لدينا شعور ملكية غريب تجاه صبغياتنا.

إنه لي، حمضي النووي، إنه من أكون -

وليس من تكون أنت.

إنه نقطة البداية،

لكننا أصبحنا نشعر بالملكية بشكل غريب

لهذه الثلاث بليون رسالة مورثية،

والتي معظمها لا نعرفه في الواقع.

ولكنني أعتقد أن التعديل الجيني رائع.

أفضل شيء فيه هو سهولة القيام به.

وهذا يعني أنه يمكننا تطوير علاجات جديدة.

ويعني أيضاً أن له تطبيقات أخرى،

مثل تطوير محاصيل جديدة
لأكثر الناس فقراً في هذا العالم،

والتي لا يبذل فيها مربو النباتات أي جهد.

فهي إذاً رائعة و سهلة.

ولكن سهولتها جعلتها كارثية.

فأحد الأشخاص والمدعو جوسيا زاينر.

وهو بيوهاكر بدأ بشكل ذاتي.

وحاول حقن العضلة ذات الرأسين عنده
بعوامل معدلة للجين

وذلك ليجعل عضلته أكبر.

لم ينجح بذلك، وأعتقد أن هذا مؤسف

لأنه سيكون من المضحك رؤية
شاب بعضلة ذات الرأسين واحدة كبيرة.

لست قلقة على البيوهاكرز في المرآب.

إنما قلقة حول الأشخاص
القادرين على الوصول إليها

ليجعلوا من العوامل الممرضة أكثر إمراضاً.

فليس بإمكاننا ضبط هذه التقنية بسهولة.

ومن المؤكد

أننا سنشهد عيادات سيئة السمعة

ضمن شروط غير نظامية

تقدم علاجات إعجازية وذلك بالتعديل الجيني
وتأخذ فوائد ضخمة من الناس.

لذلك أطن أننا سنواجه مشكلات.

ولكن أحد الأشياء التي علينا إدراكها جيداً

أنه إذا غيّر التعديل الجيني من الموقف
الأخلاقي الافتراضي،

وخصوصاً فيما يتعلق بعلاج الأمراض البشرية:

فالسؤال الآن ليس:
"هل من حقنا أن نتدخّل؟"

فهذه التقنية أمر جيد
لذا ماعلينا أن نسأل أنفسنا الآن،

"هل نملك الحق بعدم استخدامها؟"

الشيء الأخير الذي سأترككم معه

هوعندما تفكر بالتعديل الجيني

ما عليك أن تتذكره ليس فيما إذا كانت
هذه التقنية سيئة أو جيدة،

إنما بماذا يمكننا أن نقوم به من خلالها.

شكراً جزيلاً لكم.

(تصفيق)