1
00:00:00,571 --> 00:00:03,187
قبل عدة سنوات، وصل هوَسي بالإنتاجية

2
00:00:03,211 --> 00:00:06,697
إلى أقصاه، لدرجة أنني كنتُ أعاني من حالة
من الاحتراق الوظيفي

3
00:00:06,721 --> 00:00:08,607
أخافتني بشدة.

4
00:00:08,631 --> 00:00:12,447
فقد أُصَبتُ بالأرق، وزيادة الوزن
وتساقُط الشعر وكل ما هو على نفس الشاكلة.

5
00:00:12,471 --> 00:00:14,817
كُنتُ أُفرط في العمل لدرجة أن مُخي

6
00:00:14,841 --> 00:00:17,467
لم يعُد بإمكانه ابتكار أي أفكارٍ جديدة.

7
00:00:17,491 --> 00:00:21,970
وكان ذلك مؤشرًا لي بأن هويتي كانت مرتبطة
بفكرة الإنتاجية ومدى قدرتي على تحقيقها.

8
00:00:22,010 --> 00:00:24,699
[الطريقة التي نعمل بها]

9
00:00:26,221 --> 00:00:29,897
هل تشعر بالذنب عندما لا تكون مُنتجًا
بشكلٍ كافٍ خلال يومك؟

10
00:00:29,921 --> 00:00:32,351
هل تقضي ساعاتٍ في القراءة عن نصائح
لتحقيق الإنتاجية،

11
00:00:32,351 --> 00:00:34,507
وتجربة أنظمة واختبار تطبيقاتٍ جديدة

12
00:00:34,507 --> 00:00:36,041
لكي تساعدك في إنجاز مهامٍ أكثر؟

13
00:00:36,041 --> 00:00:38,786
لقد جربتُها جميعًا؛ جربت تطبيقات المهام،
والجداول الزمنية،

14
00:00:38,786 --> 00:00:39,899
وتطبيقات إدارة الوقت،

15
00:00:39,899 --> 00:00:41,851
وكل الأساليب المعنية بتنظيم وإدارة اليوم.

16
00:00:41,851 --> 00:00:44,257
لقد أصبحنا مهووسين بكثرة الإنجاز
والإنتاجية

17
00:00:44,281 --> 00:00:46,337
لدرجة أننا أغفلنا أهم شيء.

18
00:00:46,361 --> 00:00:48,577
وهو أن كثير من تلك الأدوات لا تساعدنا،

19
00:00:48,601 --> 00:00:50,367
بل تجعل الأمور أسوأ.

20
00:00:50,391 --> 00:00:53,049
حسنًا، دعونا نتحدّث قليلًا
عن الإنجاز والإنتاجية.

21
00:00:53,382 --> 00:00:56,120
في السابق، كان مفهوم الإنتاجية
كما نعرفه اليوم

22
00:00:56,144 --> 00:00:58,357
يُستخدَم خلال فترة الثورة الصناعية.

23
00:00:58,381 --> 00:01:02,137
كان نظامًا لقياس أداء العاملين بحسَب
استمرارية وثبات الإنتاج.

24
00:01:02,161 --> 00:01:03,538
فكان الشخص يبدأ دوامَه

25
00:01:03,562 --> 00:01:06,117
بحيث يكون مسئولًا عن تنفيذ عددٍ مُعيَّن
من القطع

26
00:01:06,141 --> 00:01:07,537
وتجهيزها على خط التجميع.

27
00:01:07,561 --> 00:01:09,787
وبذلك، في نهاية اليوم، كان من السهل

28
00:01:09,787 --> 00:01:12,321
معرفة من أتمَّ عمله على أكمل وجه،
ومن لم يفعل ذلك.

29
00:01:12,321 --> 00:01:14,207
وعندما تحوَّلنا إلى اقتصادٍ معرفي،

30
00:01:14,231 --> 00:01:17,337
أصبحت مهام الناس أكثر تجريدية فجأة؛

31
00:01:17,361 --> 00:01:19,897
كالكتابة، وحَل المشكلات، والتخطيط،

32
00:01:19,921 --> 00:01:21,767
أي أنها أصبحت مهامًا صعبة القياس.

33
00:01:21,791 --> 00:01:23,782
ووجدَت الشركات صعوبة كبيرة في إيجاد طريقة

34
00:01:23,782 --> 00:01:26,069
للتفريق بين من يجتهدون في عملهم ومَن لا.

35
00:01:26,093 --> 00:01:29,887
لذلك لجأوا إلى الأساليب والأنظمة القديمة
كأفضل حل متاح لديهم.

36
00:01:29,911 --> 00:01:32,367
وهو ما أدى إلى وجود سِجلات الدوام المُروعة

37
00:01:32,391 --> 00:01:34,307
التي تضع الجميع تحت ضغطٍ

38
00:01:34,331 --> 00:01:37,417
لتبرير كيفية قضائهم لكل ثانية من اليوم.

39
00:01:37,441 --> 00:01:38,891
وهناك مشكلة في هذه الأنظمة،

40
00:01:38,891 --> 00:01:41,901
فهي لا تجدي نفعًا مع الأعمال الإبداعية.

41
00:01:42,280 --> 00:01:45,581
وما زلنا نتعامل مع فكرة الإنتاجية
كأنها إحدى رياضات القُوَى والتحمُّل؛

42
00:01:45,581 --> 00:01:47,627
فنحاول نشر أكبر عدد ممكن من التدوينات

43
00:01:47,761 --> 00:01:50,107
أو ملء يومنا بالاجتماعات.

44
00:01:50,131 --> 00:01:54,187
ولكن هذا النموذج من الإنتاج المستمر
لا يساعد ولا يشجع على التفكير الإبداعي.

45
00:01:54,211 --> 00:01:57,767
واليوم، يواجه المفكرون والمبدعون
تحدياتٍ كبيرة.

46
00:01:57,791 --> 00:02:01,387
حيث يُتَوقَّع منهم أن يكونوا منتجين
ومبدعين بشكلٍ مستمر

47
00:02:01,411 --> 00:02:02,926
في آنٍ واحد وبنفس القدر.

48
00:02:02,926 --> 00:02:04,667
ولكن بالطبع يكاد يكون من المستحيل

49
00:02:04,691 --> 00:02:07,147
أن تستمر عقولنا في ابتكار أفكارٍ جديدة

50
00:02:07,171 --> 00:02:08,427
بدون أي راحة.

51
00:02:08,451 --> 00:02:12,157
في الحقيقة، إن وقت الراحة
هو أمرٌ ضروري للمُخ

52
00:02:12,181 --> 00:02:14,217
لكي يتعافى ويعمل بشكلٍ سليم.

53
00:02:14,301 --> 00:02:17,261
ولا بد أن نأخذ في الاعتبار أنه وفقًا
لما يقوله فريق من الباحثين

54
00:02:17,261 --> 00:02:18,917
من جامعة جنوب كاليفورنيا،

55
00:02:18,951 --> 00:02:22,487
فإن السماح لعقولنا بالراحة والتوقُّف
عن العمل هو حالة عقلية ضرورية

56
00:02:22,511 --> 00:02:24,768
تساعدنا في تطوير هويتنا،

57
00:02:24,792 --> 00:02:26,687
وصياغة التفاعلات الاجتماعية،

58
00:02:26,711 --> 00:02:30,327
كما تؤثر أيضًا على بوصلتنا
الأخلاقية الداخلية.

59
00:02:30,351 --> 00:02:34,662
وتصطدم حاجتنا إلى الراحة
بمفهومنا الثقافي عن الاجتهاد والكفاح.

60
00:02:34,686 --> 00:02:37,477
أي القصص التي نرويها كمجتمعٍ

61
00:02:37,501 --> 00:02:39,867
لبعضنا البعض حول كيف يكون النجاح

62
00:02:39,891 --> 00:02:41,377
وما يتطلبه الأمر للوصول إليه.

63
00:02:41,401 --> 00:02:43,077
فقصصٌ كقصة الحلم الأمريكي،

64
00:02:43,101 --> 00:02:45,997
وهي إحدى أكثر معتقداتنا رسوخًا بداخلنا،

65
00:02:46,021 --> 00:02:49,217
تقول بأنه علينا العمل باجتهاد
لكي نصل إلى النجاح.

66
00:02:49,241 --> 00:02:50,767
ولكن من ناحيةٍ أخرى،

67
00:02:50,791 --> 00:02:52,677
إذا لم تكُن ناجحًا،

68
00:02:52,701 --> 00:02:56,277
فلا بد أن يعني ذلك أنك لم تجتهد بما يكفي.

69
00:02:56,301 --> 00:02:58,567
وبالتالي، إذا كنت تعتقد أنك لم تجتهد
بشكلٍ كافٍ،

70
00:02:58,591 --> 00:03:01,247
فبالطبع سيؤدي ذلك إلى سهرك طويلًا
وقضاءك الليالي

71
00:03:01,271 --> 00:03:04,067
باذلًا أقصى جهدك رغم علمك بعواقب ذلك.

72
00:03:04,111 --> 00:03:06,917
لقد تغلغلت فكرة الإنجاز والإنتاجية
وارتبطت بقيمتنا الذاتية،

73
00:03:06,941 --> 00:03:10,197
لذلك أصبح من المستحيل تقريبًا
أن نسمح لأنفسنا

74
00:03:10,221 --> 00:03:11,429
بالتوقف عن العمل.

75
00:03:11,453 --> 00:03:16,247
يستخدم المواطن الأمريكي العادي نصف رصيد
إجازاته مدفوعة الأجر فقط،

76
00:03:16,271 --> 00:03:19,767
مما يُثبت أنه حتى وإن أُتيح لنا
خيار الاستراحة،

77
00:03:19,767 --> 00:03:21,037
لا نلجأ إليه.

78
00:03:21,061 --> 00:03:23,707
ولأكون واضحة، 
أنا لا أعتقد أن الإنجاز والإنتاجية

79
00:03:23,761 --> 00:03:25,957
أو محاولة تطوير أدائنا هو أمر سيء.

80
00:03:25,981 --> 00:03:30,017
ولكنني فقط أقول أن النماذج المُستخدَمة
حاليًا لقياس مقدار عملنا الإبداعي

81
00:03:30,041 --> 00:03:31,284
لا فائدة منها.

82
00:03:31,308 --> 00:03:33,657
فنحن نحتاج إلى أنظمةٍ تعمل لصالح إبداعنا

83
00:03:33,681 --> 00:03:34,983
وليس ضده.

84
00:03:35,007 --> 00:03:36,237
[فكيف نُصلح ذلك؟]

85
00:03:36,261 --> 00:03:38,577
لا يوجد حَل سريع لهذه المشكلة.

86
00:03:38,601 --> 00:03:40,307
وأعلم جيدًا أنه لأمرٌ مزعج.

87
00:03:40,331 --> 00:03:43,127
ولا يوجد مَن يحب وجود إطار عمل جيد

88
00:03:43,151 --> 00:03:44,310
أكثر مني.

89
00:03:44,334 --> 00:03:47,397
ولكن الحقيقة هي أن كل شخصٍ لديه
معتقداته ومفاهيمه الخاصة

90
00:03:47,421 --> 00:03:48,767
التي يجب أن يكتشفها بنفسه.

91
00:03:48,791 --> 00:03:52,097
فعندما بدأتُ البحث والتفكير في معتقداتي
حول العمل

92
00:03:52,121 --> 00:03:55,663
استطعتُ حينها فقط اكتشاف جذور
وأسباب ما أؤمن به بخصوصه،

93
00:03:55,687 --> 00:03:58,627
وتمكنتُ من التخلي عن السلوكيات المؤذية،

94
00:03:58,651 --> 00:04:01,167
واستبدالها بتغييراتٍ إيجابية طويلة المدى.

95
00:04:01,191 --> 00:04:02,681
والسبيل الوحيد للقيام بذلك

96
00:04:02,705 --> 00:04:05,797
هو أن تسأل نفسك بعض الأسئلة الصعبة مثل:

97
00:04:05,821 --> 00:04:08,057
هل تستمد قيمتك من مدى انشغالك بالعمل؟

98
00:04:08,081 --> 00:04:10,587
من الذي تتخذه قدوةً لك في النجاح؟

99
00:04:10,611 --> 00:04:12,953
من أين تنبُع أفكارك حول أخلاقيات العمل؟

100
00:04:12,977 --> 00:04:16,197
إلى أي مدى ترتبط كينونتك بما تقوم به؟

101
00:04:16,221 --> 00:04:18,877
إن إبداعنا له إيقاعه الخاص.

102
00:04:18,901 --> 00:04:22,617
وطاقاتنا تتقلَّب يوميًا، وأسبوعيًا،
وحسَب تغيُّر الفصول أيضًا.

103
00:04:22,641 --> 00:04:25,797
فأنا أعلم أنني أكون أكثر طاقة
في بداية الأسبوع دائمًا

104
00:04:25,821 --> 00:04:26,971
أكثر من نهايته،

105
00:04:26,995 --> 00:04:29,637
وبالتالي أقوم بترتيب جدول عملي وفقًا لذلك.

106
00:04:29,661 --> 00:04:32,777
وبما أنني أحب السهر، أخصّص فترات
ما بعد الظهيرة والمساء

107
00:04:32,801 --> 00:04:33,971
للعمل الإبداعي.

108
00:04:33,995 --> 00:04:35,836
وأعلم أنني أنجز أكثر كتاباتي

109
00:04:35,860 --> 00:04:38,467
في شهور الشتاء المريحة أكثر من الصيف.

110
00:04:38,491 --> 00:04:39,777
وذلك هو السر.

111
00:04:39,801 --> 00:04:42,737
فتفكيك معتقداتنا الباطلة،
وتحدي وجهات نظرنا القديمة،

112
00:04:42,761 --> 00:04:44,195
والتعرُّف على مفاهيمنا الخاصة،

113
00:04:44,219 --> 00:04:47,087
كلهم معًا يمثلون العمل الحقيقي
الذي يجب علينا القيام به.

114
00:04:47,111 --> 00:04:48,549
فنحن لسنا آلاتٍ،

115
00:04:48,573 --> 00:04:51,271
وأعتقد أن الوقت قد حان لنتوقف عن العمل
كواحدة منها.