مرحبًا بكم في Crash Course Economics،
أنا جيكوب كليفورد.
وأنا أدريان هيل. العالم مليء بعدم المساواة،
فهناك عدم المساواة العرقية
وعدم المساواة بين الجنسين وفي الصحة والتعليم
والسياسة ولا ننسى عدم المساواة الاقتصادية.
بعض الناس أغنياء والبعض فقراء،
وقد يبدو ذلك مستحيل الإصلاح.
ولعله ليس كذلك.
"ِشارة البداية"
ثمة نوعان رئيسيان من عدم المساواة الاقتصادية:
التفاوت في الثروة والتفاوت في الدخل.
الثروة هي الأصول المجمّعة ناقص الالتزامات،
لذا، فإنها قيمة أشياء كالمدخرات والمعاشات
والعقارات والأسهم.
وعندما نتحدث عن عدم المساواة في الثروة
فإننا نتحدث عن توزيع الأصول.
الدخل هو الإيرادات الجديدة التي تُضاف باستمرار
إلى تلك الثروة. وعليه عندما نتحدث
عن عدم المساواة في الدخل فإننا نتحدث
عن كيفية توزّع تلك الأصول الجديدة.
المهم أن الأمران ليسا سيان. فقاعة التخيل.
لننظر إلى نوعي عدم المساواة
على المستوى العالمي. الثروة العالمية اليوم
تُقدّر بحوالي 260 ترليون دولار،
وهي ليست موزعة بالتساوي.
تفيد دراسة بأن أمريكا الشمالية وأوروبا
اللتان تُشكلان أقل من 20% من تعداد سكان العالم
تحويان 67% من ثروة العالم، في حين أن الصين
التي تضم بشرًا أكثر منهما مجتمعتين
فتملك فقط 8% من الثروة. الهند وأفريقيا معًا
تضمان حوالي 30% من سكان الكرة الأرضية
ولكنهما تتقاسمان 2% فقط من الثروة العالمية.
نحن نُدرّس الاقتصاد
لذا، بإمكاننا أن نركز على التفاوت في الدخل.
هؤلاء الأشخاص العشر يمثلون جميع سكان الكوكب
وهم مصطفون وفقًا للدخل،
فالأفقر على اليسار والأغنى على اليمين.
هذه المجموعة تمثّل أفقر 20%،
وهذه ثاني أفقر 20%، وهذه الـ20% الوسط
وهكذا دواليك. إذا ما وزعنا 100 دولار
تبعًا للاتجاهات الحالية من حيث الدخل
فستحصل هذه المجموعة على 83 دولار،
وثاني أغنى مجموعة ستحصل على 10 دولارات
والوسط سيحصلون على 4 دولارات وثاني أفقر
مجموعة على دولارين وأفقر 20% على دولار.
برانكو ميلانوفيك، وهو خبير اقتصادي
متخصص في عدم المساواة، يشرح هذا كله
عبر وصف ما أسمِي "الانفجار الكبير الاقتصادي":
"في البداية كانت عائدات الدول كلها مُجمّعة،
ولكن مع حدوث الثورة الصناعية فارت الفروقات،
ودفعت ببعض الدول إلى الأمام
على الدرب إلى مستويات الدخل الأعلى في حين
بقيت دول أخرى حيث كانت منذ آلاف السنين."
وفقًا لميلانوفيك، في العام 1820، كانت
أغنى دول العالم، وهي بريطانيا العظمى وهولندا
أغنى فقط بثلاث مرات من أفقر الدول،
مثل الهند والصين.
أما اليوم فإن الفجوة بين أغنى وأفقر الأمم
هي 100 إلى 1، والفجوات آخذة في الاتساع.
شكرًا يا فقاعة التخيل. الثورة الصناعية
أحدثت الكثير من عدم المساواة بين الدول
ولكن العولمة اليوم والتجارة الدولية تسارع
هذه التفاوتات. معظم خبراء الاقتصاد متفقون
على أن العولمة قد ساعدت أفقر الناس في العالم
ولكنها أيضًا ساعدت الأثرياء أكثر بكثير.
خبير الاقتصاد من جامعة هارفرد، ريتشارد فريمان
قال: "إن انتصار العولمة ورأسمالية السوق
قد حسّن مستوى المعيشة لمليارات الناس
في حين ركّز مليارات الدولارات عند القليلين."
إذن فإنها خليط من جيد وسيء.
الفقراء للغاية تحسنت أوضاعهم قليلًا
ولكن أثرى الأثرياء
أصبحوا أغنى بكثير من الجميع.
ثمة أسباب أخرى لزيادة عدم المساواة،
يشير خبراء الاقتصاد إلى شيء يسمى
"التغير التكنولوجي المنحاز للمهارة"،
حيث فرص العمل الناشئة في الاقتصادات العصرية
تقوم أكثر على التكنولوجيا،
بحيث تتطلب مهارات جديدة بشكل عام.
العمال الذين يملكون التعليم والمهارات
لأداء تلك الوظائف يزدهرون
في حين أن الآخرين يتخلفون عن الركب.
إذن، فإن التكنولوجيا نوعًا ما
قد أصبحت مكملًا للعمال المهرة، ولكنها أصبحت
بديلًا للعديد من العمال المفتقرين للمهارات.
والمحصلة النهائية هي فجوة آخذة في الاتساع،
ليس فقط بين الفقير والغني وإنما بين الفقير
والطبقة الكادحة. ومع نمو الاقتصادات
وانتقال الوظائف التصنيعية للخارج
بقيت فقط الوظائف منخفضة المهارة والأجر
والوظائف عالية المهارة والأجر.
الذين يمتلكون مهارات قليلة
يتخلفون عن البقية من حيث الدخل.
في الثلاثين سنة الأخيرة في أمريكا
تضاعف عدد الفقراء من المتعلمين جامعيًا
من 3% إلى 6%، وهذا أمر سيء.
وفي الفترة ذاتها ارتفع عدد الفقراء
الذين يملكون شهادات ثانوية عامة
من 6% إلى 22%، وهي نسبة ضخمة.
على مدار الخمسين سنة الماضية
واصلت رواتب خريجي الجامعات الارتفاع،
في حين أنه بعد أخذ التضخم في الحسبان،
نجد أن دخول خريجي الثانوية العامة قد هبطت.
إنه لسبب وجيه لمواصلة المرء تعليمه.
هناك أسباب أخرى لاتساع الفجوة في الدخل،
مثل تراجع نفوذ النقابات العمالية،
والسياسات الضريبية التي تحابي الأثرياء،
وحقيقة أنه لسبب ما يُسمح للمدراء التنفيذيين
بتقاضي رواتب تفوق رواتب الموظفين بمراحل.
كما أن عدم المساواة العرقية وبين الجنسين
وغيرهما من أشكال عدم المساواة
يمكنها أن تفاقم التفاوت في الدخل.
دعونا نلقي نظرة متعمقة إلى بيانات
الولايات المتحدة، ولنبدأ بذكر ماكس لورينز
الذي أنشأ رسمًا بيانيًا لبيان التفاوت في الدخل.
في المحور السيني لدينا نسبة الأسَر
من صفر إلى 100%،
وفي المحور الصادي لدينا نسبة حصة الدخل.
بالمناسبة، نحن نستخدم الأسر بدلًا من الأفراد
لأن أسَر عديدة فيها اثنين من أصحاب الدخل.
هذا الخط المستقيم
يُمثل المساواة في الدخل في الحالة المثالية،
بحيث تجني كل أسرة الدخل نفسه.
وفي حين أن المساواة المثالية في الدخل
قد تبدو مرغوبة ظاهريًا، إلا أنها ليست الهدف،
فعندما يكون للوظائف المختلفة عوائد مختلفة
يكون لدى الناس حافزًا لكي يصبحوا
أطباء أو رواد أعمال أو نجوم يوتيوب،
أي الوظائف التي يعتبرها المجتمع قيمة.
هذا الرسم البياني واسمه "منحى لورينز"
يساعدنا على تصوّر عمق فجوة عدم المساواة.
في العام 2010، وجد مكتب الإحصاء الأمريكي
أن أفقر 20٪ من الأمريكيين
قد جنوا 3،3% من الدخل، وأغنى 20%
جنوا أكثر من 50% من الدخل. هذا تفاوت كبير!
ولكن هل كان الحال كذلك دائمًا؟ في العام 1970،
جنت المجموعة الأفقر 4،1% من الدخل
والمجموعة الأغنى جنت 43،3%. بحلول عام 1990
كان التفاوت أكبر من ذلك، وأرقام العام 2010
ما هي إلا استمرار في ذلك الاتجاه.
وليست أفقر مجموعة فقط هي التي تتراجع،
فعلى مدار تلك السنوات الـ40،
كلّ من الشرائح الأفقر، أي 80% من الأسَر،
نالت حصصًا أصغر فأصغر من الدخل الإجمالي.
يمكننا استنادًا إلى منحنى لورينز أن نحسب
أكثر مقاييس عدم المساواة في الدخل شيوعًا
ألا وهو مؤشر GINI،
وتعريفيه من دون التعمق في التفاصيل الحسابية
هو حجم الفجوة بين التوزيع المتساوي للدخل
والتوزيع كما هو على أرض الواقع.
الصفر يُمثل المساواة الكاملة
و100 تُمثل انعدام المساواة الكامل.
قد يفاجئكم أن الولايات المتحدة لا تحل
في المرتبة الأولى من حيث عدم مساواة في الدخل،
ولكنها الأولى بين الدول الصناعية الغربية،
والمملكة المتحدة الأولى في الاتحاد الأوروبي.
الجدل حول عدم المساواة في الدخل لا يدور
حول ما إذا كان حقيقيًا أم لا، فهو جليّ للجميع.
ولكن النزاع يدور حول ما إذا كان يُمثل مشكلة
وما ينبغي فعله حياله.
دعونا نبدأ عند أولئك الذين لا يرونه مشكلة.
حجتهم هي إن البيانات تشير
إلى أن الغني يزداد ثراءً والفقير يزداد فقرًا،
ولكن قد لا يكون الأمر كذلك،
وإنما من الممكن إن جميع الشرائح تجني
مالًا أكثر ولكن حصة الأثرياء تنمو بسرعة أكبر.
فدعونا مثلًا نفترض أنكم تملكون شجرة تفاح
وأنني قطفت عشرة تفاحات منها،
فاحتفظتم بست تفاحات وأعطيتموني أربعة،
وبعد أسبوع قطفنا 20 تفاحة
فاحتفظتم بـ15 تفاحة وأعطيتموني خمسة.
عندها تكون حصتي قد هبطت من 40 إلى 25%،
ولكن كلانا حصل على تفاحات أكثر.
صحيح إن الناس في أدنى شريحة دخل قد جنوا
مالًا أكثر قليلًا على مدار الـ40 سنة الماضية،
ولكن في الـ20 سنة الأخيرة،
هبط متوسط الدخل ذلك لتلك الشريحة،
بينما ازداد الأغنياء ثراء بشكل متواصل.
إذن، ما رأي أثرى أثرياء العالم بذلك؟
قال بيل غيتس:
"أجل، عدم المساواة في الدخل إلى حد ما
هو شيء متأصل في النظام الرأسمالي،
ولكن السؤال الحقيقي هو ما مستوى عدم المساواة
المقبول؟ ومتى يفوق ضرر عدم المساواة منفعته؟"
ثمة مجموعة متعاظمة من خبراء الاقتصاد
الذين يعتقدون بأن عدم المساواة في الدخل
في الولايات المتحدة اليوم يُلحق ضررًا أكبر،
وهم يزعمون أن التفاوت الكبير في الدخل
مرتبط بمشاكل عديدة. وهم يشيرون إلى دراسات
تُظهر إن الدول التي تمتاز بعدم مساواة أكبر
تعاني من مستويات أكبر من العنف
وتعاطي المخدرات والسجن لأفرادها.
كما أن عدم المساواة في الدخل
يحدّ من المساواة السياسية
بما أن آراء الأثرياء تحمل وزنًا أكبر
في تقرير السياسات التي يتم وضعها،
كما أن الأُثرياء لديهم حافزًا
يدفعهم لدعم سياسات تعود بالنفع على الأثرياء.
إذن، كيف نعالج عدم المساواة هذه؟
ليس هناك اتفاق بين الخبراء في ذلك،
فالبعض يقولون إن التعليم
هو المفتاح لتقليص الفجوة،
حيث أن العمال ذوي التعليم الأفضل والأعلى
عادة ما يملكون المهارات التي تدر دخلًا أكبر.
بعض الاقتصاديين يطالبون برفع الحد الأدنى
للأجور، وهو ما سنتحدث عنه في حلقة أخرى.
بل ثمة طرح بأن خدمات رعاية الأطفال الممتازة
ومعقولة السعر يمكنها الإسهام في ذلك كثيرًا.
والبعض يرون إن على الحكومات
فعل المزيد من أجل توفير شبكة أمان اجتماعية
والتركيز على دفع أناس أكثر للعمل
وتعديل قانون الضرائب لإعادة توزيع الدخل.
بعض خبراء الاقتصاد يطالبون الحكومة برفع ضريبة
الدخل وضريبة الأرباح الرأسمالية للأثرياء.
ضرائب الدخل في الولايات المتحدة
هي تقدميّة نوعًا ما أساسًا،
ما يعني أن هناك شرائح ضريبية
تتطلب أن يدفع الأثرياء نسبة أعلى من دخلهم.
الحد الأقصى الحالي هو 40%، ولكن بعض خبراء
الاقتصاد يطالبون بزيادات تصل إلى 50 أو 60%.
إحدى الأفكار المطروحة تقتضي إصلاح الثغرات
التي يستغلها الأغنياء لتفادي دفع الضرائب،
بينما تزعم أخرى أن رفع ضرائب الأغنياء لن يجدي
بقدر خفض القيود التنظيمية والبيروقراطية.
أي كان المسار الذي سنسلكه، يجب معالجة التفاوت
المفرط في الدخل على الصعيدين الوطني والعالمي.
لعل الدافع لتحسين عدم المساواة سيكون الرغبة
الحقيقية في مساعدة الناس وتحقيق تكافئ الفرص،
أو ربما الخوف من حدوث انتفاضة اجتماعية.
ولكن لا يمكن تجاهل المشكلة في كلتا الحالتين.
حتى آدم سميث، وهو أكثر خبراء الاقتصاد
الكلاسيكيين تجسيدًا لمبادئ الاقتصاد، قال:
"لا يمكن لأي مجتمع أن يزدهر وتعمه السعادة
والغالبية العظمى من أفراده فقراء وتعسين."
شكرًا لمتابعتكم، نراكم في الحلقة القادمة.
شكرًا لمشاهدتكم سلسلة Crash Course Economics.
تم إعدادها بمساعدة كل هؤلاء الناس اللطفاء.
يمكنكم المساعدة في إبقاء
محتوى Crash Course مجانيّ للجميع وللأبد
عبر دعم البرنامج على Patreon،
وهو خدمة اشتراك طوعية تمكنكم من دعم البرنامج
بدفع مساهمات شهرية.
نود أن نشكر د. بريت هندرسون
ولينينا بوييف، وكذلك كاثي وكيم فيليب.
شكرًا لمشاهدتكم الحلقة،
ولا تنسوا أن تكونوا مذهلين.