العديد منا يستخدم التكنولوجيا في حياته اليومية. والبعض يعتمد على التكنولوجيا لإنجاز أعماله، لفترة، فكرت في الآلات والتقنيات التي تقودها كأدوات مثالية والتي يمكنها أن تجعل عملي أكثر كفاءة وإنتاجية. ولكن مع صعود نجم الأتمتة في العديد من الصناعات المختلفة، قادني هذا الأمر لأتساءل: إذا أصبح بمقدور الآلات أن تقوم بإنجاز الأعمال التي يقوم بها البشر بشكل تقليدي، ما الذي سوف يحصل لليد البشرية؟ كيف سوف تؤثر رغبتنا في المثالية والدقة والأتمتة على قدرتنا على الإبداع؟ في عملي كفنانة وباحثة، أدرس الذكاء الصناعي والروبوتات لأطور إجرائيات جديدة للإبداع البشري. خلال السنوات الخمس الماضية، قمت بالعمل بجانب آلات وبيانات وتقنيات مستحدثة. إنّه جزء من افتتان على مدى الحياة بالديناميكيا بين الأشخاص والأنظمة وكل ما يتبع ذلك من فوضى. إنها الطريقة التي اكتشف بها أين ينتهي الذكاء الصناعي ونبدأ نحن حيث أقوم بتطوير العمليات التي بدورها تتحقق من إمكانية حصول الخلطات الحسية مستقبلًا أعتقد أنها حيث تتقاطع الفلسفة والتكنولوجيا. إنّ القيام بهذا العمل قد علمني بضعة أشياء. علمني كيف يمكن لتقبل النقصان أن يعلمنا شيئًا عن أنفسنا. لقد علمني أنّ الاستكشاف في الفنون يساعد فعلًا في تحديد شكل التقنيات التي تشكّلنا. وقد علمني هذا أنّ الدمج ما بين الذكاء الصناعي والروبوتات من جهة والأشكال التقليدية للإبداع --الفنون البصرية في حالتي -- يمكنه أن يساعدنا لنفكر بشكل أعمق حول ما هو الإنسان وما هي الآلة. وقد قادني هذا إلى إدراك أنّ التعاون هو المفتاح لإيجاد مساحة للطرفين ونحن نتقدم للأمام. بدأ كل الأمر بتجربة بسيطة مع الآلات، تدعى "وحدة عمليات الرسم: الجيل 1." أسميها الآلة "و.ع.ر.ج" قبل أن أبني و.ع.ر.ج لم أكن أعلم شيئًا عن بناء الروبوتات. حصلت على بعض التصاميم مفتوحة المصدر لأذرع روبوت، قمت بتجميع نظام حيث يقوم الروبوت بمطابقة تعابيري ويتبعهم في الزمن الحقيقي. الفكرة كانت بسيطة: كنت أتحرك أولًا، ثم يتبعني. كنت أرسم خطًا، وكان يماثل خطي. فبالعودة إلى 2015، كنا نرسم للمرة الأولى، أمام جمهور صغير في نيويورك. كانت العملية بسيطة جدًا لا أضواء، لا أصوات، لا شيء لنختبئ خلفه. فقط راحة يدي المتعرقة ومتحكم الروبوت الجديد يزداد حرارة. (تضحك) إنّه من الواضح أننا لم نبني للقيام بهذا. ولكن شيئًا مثيرًا للاهتمام حصل، شيئًا لم أكن أتوقعه. حيث أنّ و.ع.ر.ج، في حالته البدائية، لم يكن يقلد خطّي بشكل مثالي. أثناء المحاكاة البرمجية حصل الأمر على الشاشة كان تقليده مثاليًا، أما في الواقع الفيزيائي كانت قصة أخرى تمامًا. كان ينزلق ويخطئ ويتعثر، وكنت مضطرة إلى الاستجابة. لم يكن هناك أي شيء مثالي في الموضوع. ولكن بشكل ما، الأخطاء جعلت العمل أكثر إثارة للاهتمام. الآلة كانت تفسر خطي بشكل غير مثالي. وكنت مضطرة للاستجابة. كنا نتأقلم على بعضنا في الزمن الحقيقي. ورؤية ذلك علمتني بضعة أشياء. كيف أنّ أخطاءنا جعلت العمل أكثر إثارة للاهتمام. ولقد أدركت من خلال أخطاء الآلة، أنّ أخطاءنا أصبحت ما يضفي الجمال على تفاعلنا. ولقد كنت متحمسة، لأن ذلك قادني إلى الإدراك أنّ جزءًا من الجمال في الأنظمة الآلية والبشرية هو الحتمية المتأصلة لحصول الأخطاء. بالنسبة للجيل الثاني من و.ع.ر.ج علمت أني أردت تقصّي هذه الفكرة. لكن بدلًا من التسبب بها بحادث سببه دفعي للذراع الآلية إلى حدودها، أردت تصميم نظام يتجاوب مع رسومي في طرق لم أكن أتوقعها. لذا استخدمت خوارزمية بصرية لاستخراج المعلومات البصرية من عقود من رسومي الرقمية والتناظرية. ولقد دربت شبكة عصبونية على هذه الرسوم من أجل توليد أنماط متكررة في العمل والتي تم إدخالها من خلال برنامج خاص إلى الآلة. جمعت بدقة كل ما يمكنني إيجاده من رسوم أعمالًا منتهية وتجارب غير منتهية ورسومات عشوائية وأرفدتهم لنظام الذكاء الصنعي. وكوني فنانة، فإن لي أكثر من 20 سنة وأنا أصنع الأعمال الفنية. جمع كل تلك الرسومات أخذ أشهرًا، لقد كان مهمة بحالها. وأما بالنسبة لتدريب أنظمة الذكاء الصنعي إنّ الأمر يتطلب عملًا شاقًا. الكثير من العمل يحدث خلف الكواليس. لكن بقيامي بالعمل أدركت المزيد عن عن كيفية تكوين معمارية أنظمة الذكاء الصنعي. وأدركت أنها ليست مصنوعة فقط من نماذج ومصنِفات من أجل الشبكة العصبونية. بل هي في الجوهر أنظمة مرنة ويمكن تحديد شكلها، حيث أثر اليد البشرية دائمًا حاضرة. إنّه بعيد عن نظام الذكاء الصنعي الشمولي الذي قيل لنا أن نؤمن به. لذا جمعت تلك الرسومات من أجل الشبكة العصبونية. وقد أدركنا شيئًا لم يكن سابقًا ممكن. روبوتي و.ع.ر.ج أصبح انعكاسًا تفاعليًا في الزمن الحقيقي للأعمال الفنية التي أنجزتها طيلة حياتي. البيانات كانت شخصية، ولكن النتائج كانت مؤثرة. ولقد تحمست كثيرًا، لأنني بدأت أفكر أن الآلات لا تحتاج لأن تكون مجرد أدوات، بل يمكن أن تعمل كمتعاونين غير بشريين. بل أكثر من ذلك حتى، فكرت أنّه لربما مستقبل الإبداع البشري ليس بما ينتجه بل بتعاونه لاكتشاف طرق جديدة للإبداع. إذًا و.ع.ر.ج-1 كان العضلات، و و.ع.ر.ج-2 كان العقل، ولذلك أحب أن أفكر في و.ع.ر.ج-3 كالعائلة. علمت أني أريد استكشاف فكرة التعاون البشري وغير البشري على نطاق واسع. لذلك خلال الأشهر الماضية، عملت مع فريقي لتطوير 20 روبوت مصمم بشكل خاص بحيث يستطيعون العمل معي بشكل جماعي. يستطيعون العمل كمجموعة، ومعًا نستطيع التعاون مع مدينة نيويورك بكاملها. لقد ألهمني عمل الباحث في جامعة ستانفورد في-في لي، والذي قال: "إذا أردنا تعليم الآلات كيف تفكر، يجب علينا أن نعلمهم أولًا كيف يرون." لقد جعلني أفكر في العقد الأخير من حياتي في مدينة نيويورك، وكيف كانت كاميرات المراقبة تشاهدني عن كثب في أنحاء المدينة. وفكرت في أنّه سيكون من المثير إذا كان بمقدورنا استخدامهم لتعليم روبوتاتي الرؤية. وبهذا المشروع، فكرت في رؤية الآلات، وبدأت في التفكير في الرؤية بشكل متعدد الأبعاد، كمشاهدات من مكان ما. جمعنا فيديوهات من تسجيلات الكاميرات المتاحة للعامة على الانترنيت لأشخاص يمشون على الأرصفة، عربات وسيارات أجرة على الطريق، كل أشكال الحركة في المدينة. قمنا بتدريب خوارزمية بصرية على هذه المدخلات بناءً على تقنية تدعى "التدفق البصري" لتحليل الكثافة الجماعية، والاتجاهات وحالات السكون والسرعة في الحركة المدنية. نظامنا استخرج هذه الحالات من مدخلات بيانات الموقع وأصبحت رقعة لروبوتاتي لترسم عليها. بدلًا من تعاون واحد-لواحد، قمنا بالتعاون بشكل العديد-مع-العديد. وبدمجنا النظر لكل من البشر والآلات في المدينة، لقد أعدنا تخيل كيف يمكن أن يكون رسم المناظر الطبيعية. من خلال كل تجاربي مع و.ع.ر.ج لم نجد أدائين متماثلين أبدًا. ومن خلال التعاون، نصنع شيئا لم يكن أي منّا ليصنعه لوحده. نحن نتقصّى الحدود لإبداعنا، بشر وغير بشر يعملون على التوازي. أعتقد أن هذه فقط البداية. هذا العام، أطلقت "سيليسيت" مختبري الجديد لاستكشاف التعاون البشري. نحن حقًا مهتمون في حلقة التغذية الراجعة بين الأنظمة المفردة الصنعية والبيولوجية. نحن نربط مابين خرج البشر والآلة عبر قياسات حيوية وأنواع أخرى من البيانات المحيطية. نحن ندعو أي أحد لديه اهتمام في مستقبل العمل والتعاون ما بين الأنظمة والبشر ليستكشف معنا. نحن نعلم أن هذا العمل ليس حكرًا على التكنولوجيين فقط وأن لكل منا دور ليؤديه. نحن نؤمن أنه بتعليم الآلات كيفية القيام بالأعمال التي تخص البشر بشكل تقليدي، نستطيع استكشاف وتطوير معايرنا عما يمكن لليد البشرية إنجازه. وجزء من الرحلة هو تقبل الأخطاء والاعتراف بقابلية الخطأ لكل من البشر والآلة، من أجل توسيع أفق الطرفين. اليوم، مازلت أسعى لإيجاد الجمال في الإبداع البشري والغير بشري. لا أدري كيف سوف يبدو ذلك في المستقبل، ولكن لدي فضول كبير لمعرفة ذلك. شكرًا لكم. (تصفيق)