شكراً جزيلًا. من الرائع العودة إلى بروكسل. لقد تلقّيت تحدّياً للمناقشة معكم السنوات الخمسين القادمة من الفيزياء، في غرفة مظلمة بدون نوافذ، بعد الغداء بساعة. إذاً، أرى الآن بعضاً منكم قد ارتعب خوفًا من المعادلات الاحتمالية وحساب التفاضل والتكامل. لن أفعل ذلك. لقد دعوت العرض التقديمي: "نظرية كل شيء (آخر)." محترفو الفيزياء اليوم يطوّرون نظريات مختلفة لكلّ شيء لمحاولة التوفيق بين النظريّتين الرئيسيتين الناجحتين في الفيزياء اليوم: النسبيّة العامّة وميكانيكا الكم. هناك سرّين صغيرين لا يخبرونكم بهما. الأول: هو أنّ هاتين النظريتين، كلّ منها يعمل بشكل جيد للغاية في مجاله الخاص. وبتناقضٍ شديد في عالمنا كل يوم. خصوصًا الجاذبيّة. لذلك، فإن الفكرة هي محاولة تطوير نظريّات لكلّ شيء من شأنها أن تنجح بطريقةٍ ما- مثل نظرية الأوتار وغيرها- وتوفّق بين وجهتي النظر هاتين المسيطرتين على الفيزياء. السرّ الصغير الآخر هو أنه في كلّ ذلك، لقد نسينا طفلة مفقودة. الطفلة المفقودة هي الأخت الصغيرة في الفيزياء. إنها فيزياء المعلومات، وهذا ما أرغب بالحديث عنه هذا المساء. الفيزياء التي يعلموننا إياها في الكليّات والجامعات هي فيزياء الطّاقة. لها علاقة مع أشعة الليزر والألوان والجسيمات والكتلة والحقول- مهما كان الحقل- والتسارع والعطالة وكلّ هذه الأشياء التي تعرّضتم لها في الثانوية أو الكلية أو الجامعة. المشكلة هي أنهم يعلموننا أيضًا أنّ المعلومات والطاقة وجهان لعملة واحدة، لكنهم لم يهتموا أبدًا بتعليمنا فيزياء المعلومات؛ بل يواصلون تعليمنا فيزياء الطاقة. الآن، بالعودة إلى القرن التاسع عشر، كان جيمس ماكسويل، يناقش الديناميكا الحرارية، أدركَ فكرة بسيطة للغاية أنه إذا كنتم تصبّون سائل ساخن في سائل بارد، ستحصلون على متوسّط درجة حرارة السائل بين هذين المكوّنين. الطريقة الوحيدة لإيقاف ذلك هي شيطان صغير، إنّه شيطان ماكسويل، ليكون هناك ويفصل بين هذه الجزيئات. لكن بغياب هذا الشيطان، قانون الديناميكا الحرارية سيقول أن السائلين سيختلطان وسوف يصبح الخليطُ فاتراً. ليو زيلارد، كان زميل آينشتاين، في عام 1929، من وجهة نظره، قال: ليتمكن الشيطان من القيام بذلك، فإنّه بحاجة إلى معلومات لمعرفة أيّ الجزيئات هو الساخن وأيها هو البارد. إذا عرف الشيطان ذلك، فإنه يستطيع، حقيقةً، فصل هذين السائلين، ونتيجةً لذلك، لن يصلوا أبداً إلى متوسط درجة الحرارة. ولكن هذا يعني أنّ هناك طاقة في النظام فقط بقدر المعلومات، وإنّ تلك المعلومات والطاقة، في الواقع وجهان لعملة واحدة. إذاً، أين الأخت المفقودة للفيزياء؟ يجب أن تهتم فيزياء الطاقة، مرة أخرى، بالجزيئات والذرّات والقوى الأساسية والكتلة والانتروبيا والحقول وأبعاد الفضاء - Y، X وZ - وT - للزّمن - وقوة الدفع والعطالة والسرعة وهلمّ جرا ... لكننا لا نتحدث أبداً عن مفاهيم مشابهة لفيزياء المعلومات، وحجّتي هي أنه في الخمسين سنة القادمة، سنفعل ذلك. يجب أن أفصح لكم ... أنا في حقلٍ حيث يعمل الجميع على الإفصاح المطلق، لذا أعترف لكم أنني قد انسحبت من الفيزياء. لديّ درجة متقدمة في الفيزياء فقط لأنني كنت جيدًا في الرياضيات، حتى أتمكن من حل المعادلات والوصول إلى الجواب. لكن بعد ذلك، انسحبت منها لبضعة أسباب. أولاً، أنا لم أفهم أبدًا ماذا قصدوا عندما قالوا أن الزمن كان بُعدًا. يقولون: "حسنا، هناك Y، X وZ" كنت أفهم ذلك من تجربة مشتركة. ويقولون، "فكّر في الزمن بنفس الطريقة؛ فقط في المعادلة، تضع "i" أمام "T" لتحصل على الجّذر التربيعي ل (1-) لكن لا تفكر في ذلك - ثم تعامله بنفس الطريقة، وكل شيء يعمل بشكل جيد. هذا في النسبية العامة وغيرها من مجالات الفيزياء - هذا ما تفعله. لم أفهم ذلك أبدًا لأنه في المحور X، يمكنني الذهاب من هذا الطريق أو من هذا الطريق. في محور الزمن، لا يمكنني- لا يُسمح لي بذلك. لذا، نحن نجيد الحديث عن كيفية مرور الوقت؛ ولا نعرف لماذا يمرّ الوقت. وبالمثل، نحن نجيد الحديث عن كيفية سقوط الأشياء؛ ولا نعرف لماذا تسقط. ومجدّدًا، هذا ليس شيئًا قد تعلمتموه في الكلية. لم يقولوا أبداً أنه لا يمكنهم شرح هذين الأمرين. الشيء الثالث الذي أثار اشمئزازي هو الجسيمات. كما تعلمون، لدينا جسيمات داخل الذرّات، ثم إنه لدينا جسيمات داخل الجزيئات؛ لدينا جسيمات داخل الإلكترونات والفوتونات وكل شيء آخر. وبما أنها لا تعمل بشكل جيّد، لدينا جسيمات من الجسيمات الفرعية. وهذا يذكّرني بشيء ما حدث في علم الفلك في العصور الوسطى، عندما كان لديهم دوائر وأفلاك للتدوير، وأفلاك تدوير لأفلاك التدوير. إذا استمرّيتم بفعل ذلك، سيعمل كل شيء بشكل جيّد، إلاّ أن هذه ليست طريقة عملها في الواقع. لذا أعتقد أنّ عليهم المواصلة بفعل ذلك؛ يجب أن يستمرّوا مع فيزياء الطاقة. نحن نحقّق أشياء رائعة بهذا العلم، لكن ليس هذا ما أريده فعلاً. لذا رجعت أبحث عن الأخت المفقودة للفيزياء، واتّضح أنها تسأل الأسئلة الأساسية حول طبيعة الزمن وبعض الأشياء التي تحدث في حياتنا، مثل المصادفات. في 20 يوليو(تموز)، 1996، كان لدينا منزل في البلاد، شمال سان فرانسيسكو، منطقة رائعة مليئة بالأخشاب الحمراء، مع بعضِ الأصدقاءِ مساءً، لتناول العشاء. كان أحدهم امرأة قالت أنها كانت ذاهبة إلى مسرحية، في مقاطعة ميندوسينو، وفي المسرحية، كانت ستقرأ شيئاً باللغة الفرنسية. ولم تمارس الفرنسية لفترةٍ من الوقت، لذا سألَتنا إذا كان لدينا كتاب باللغة الفرنسية، وكان لدينا رفّ من الكتب الإنجليزية والفرنسية. لذا سحبت زوجتي رواية، وكانت رواية للكاتب رينيه بارجافيل، "La peau de César" وأعطتها لي، ثم فتحته على صفحة عشوائية. قرأتُ فقرةً عشوائيةً، والتي كانت "كنت في طائرة "Boeing" التي انفجرت بعد الإقلاع في مطار "كينيدي"، قنبلة في الانتظار، 132 قتيل، تذكّر؟" حسنًا، هذا بعد ثلاثة أيام من إقلاع الطائرة من مطار "كينيدي" وانفجارها فوق المحيط الأطلسي، وصُدمنا من هذا. إذا كنتم تتحدثون عن هذا النوع من المصادفات مع أصدقائكم، ستجدون أن الكثير من الناس لديهم، في الواقع، هذا النوع من التجربة. و لم يكن استبصاراً؛ كان هذا بعد ثلاثةِ أيامٍ من حادثِ TWA 800. لكنّها أصابتنا بالقلق ثم تخطّينا ذلك. هذا هو الشيء الذي تصارع به وعيكَ نوعًا ما. فكّرَ بعض العلماء عميقاً بذلك. بالعودة إلى العصور الوسطى، فاسيوس كاردان، في القرن الخامس عشر، يكتب في يومياته أنه أجرى بعض التجارب. لجعل عناصر الهواء تظهر في مختبره. كان هذا رائعًا جدًا في القرن الخامس عشر، وظهرت تلك المخلوقات أمامه. كان هناك سبعة "sylphs"، التي هي مخلوقات الهواء. اثنان منهم كانوا الرؤساء، وجاؤوا إلى الأمام، وسألهم ماذا يعرفون حول طبيعة الكون. اتّضح أن اثنين منهم اختلفا في الرأي. قال أحدهم: "حسنا، لقد خلق الله الكون مرة واحدة وإلى الأبد، وها نحن ذا." قال الآخر: "لا. خلق الله الكون لحظة بلحظة، وإذا توجّب عليه التوقّف لمدة دقيقة، فإن كل شيء سيختفي." لذلك هذا الفرس ليس هو الفرس الذي أُعطيَ لي مؤخّراً. إنها فرصة أخرى، نموذج آخر من نفس الفرس. ولكن يتم إنشاء هذه الفُرس بشيء في مستوى أعلى، وكمهندس برمجيات، وأنا أفهم تمامًا؛ هذا يبدو منطقيًّا. لا يبدو منطقيًّا في مصطلحات فيزياء الطاقة، بل هو منطقيّ تمامًا في فيزياء المعلومات، لديكم هنا النموذجين من العالم. النموذج الفيزيائي الكلاسيكي، وميكانيكا الكم. عدد من الناس كانوا يبحثون مؤخرًا عن الأخت الصغيرة للفيزياء، بدءًا من "فولفغانغ باولي"، أحد مؤسسي ميكانيكا الكم، "كارل يونغ"- وهناك انسجامٌ كبير بين باولي ويونغ- بول كاميرر، آرثر كويستلر، ديفيد بوم، ماكس فيلمانز، فيليب غيلمانت في فرنسا، لانداور وسيث لويد وغيرهم الكثير. تجادل كارل يونغ مع باولي، وجمعَ كارل يونغ قائمة بالمصادفات التي قد حدثت معه. إحدى المرات، كان في مؤتمر في مدينة أخرى، وفي منتصف الليل، استيقظ لأنه شعر بوجود شخص ما في الغرفة. نهض وتحقّق فعلًا، ولم يكن أحد في الجوار، لكنه كان يشعر أن شيء ما يضرب جبهته وشيءٌ آخر يضرب رأسه من الخلف. عاد للنوم، وفي اليوم التالي تلقّى برقية تُفيد بأنّ أحد مرضاه قد انتحر بإطلاق النار على نفسه في الجبين، وقد استقرّت الرصاصة في مؤخرة رأسه. كارل يونغ، في كُتبه، يذكر عددًا من هذه المصادفات الرائعة. لديّ مثال آخر يشبهه. في السبعينيات، كنت قلقًا أنّ عدد الطوائف يكبر في كاليفورنيا وفرنسا وأماكن أخرى حول فكرة الكائنات الفضائية. يطلق بعض هذه الجماعات على أنفسهم اسم "Melchizedek". يستخدمون الكتاب المقدّس كمصدر للإلهام. هذا هو ممثلهم في كاتدرائية شارتر، وهو جميل جدًا. "Melchizedek" مثير للاهتمام جدًّا، وروحانيّ للغاية، شخصية غامضة جدًا في الكتاب المقدس. إنه رمزٌ قويّ للغاية لأنه ضمّ إبراهيم وهو في الواقع كان الأصل في جميع الأديان الثلاثة للكتاب: الإسلامي واليهودي والمسيحي. كنتُ ذاهبًا إلى مقابلة في لوس انجلوس، أخذتُ سيّارة أجرة، وقمتُ بالمقابلة. عندما وصلت إلى المنزل، نظرت في الإيصال الذي أخذته من السائق، وكان الإيصال مُوقّع من "Melchizedek"، الآن، هذا ما حصل لي على سلسلةٍ غريبةٍ من الأفكار. في الموعد، كان هناك بحثٌ يجري في معهد ستانفورد للبحوث، على التخاطر. كنت جزءًا من ذلك البرنامج، برنامج المقابلة عن بعد. كان يوري جيلر هناك. اعتقد يوري جيلر أنه يستطيع التواصل مع الكائنات الفضائية. من خلال منصّة تسمى"هوفر،" وأنّه كان يحصل على المعلومات منهم، مما مكّنه من القيام بما كان يعمل عليه في مختبرنا. فكّرت، "حسنًا، يبدو هذا نفس النوع من التواصل. هناك شيء ما يتواصل معي." على مدار الأسابيع القليلة القادمة، لقد أجريت عددًا من التجارب، وأقنعتُ نفسي بأن هذه المصادفات، بعضًا منها يعني شيئًا قويًا، كما قال يونغ. والبعض الآخر لا يعني أي شيء. إنها فقط الطريقة التي تنظّم العالم، لذلك دعونا نعود ونفكّر قليلاً بالطريقة البرمجية. إذا كانت لديك مكتبة صغيرة هذه هي مكتبة الكونغرس، فيها 33 مليون كتاب. 33 مليون كتاب لا شيء. أعني، هذا ما يفعله الفيس بوك في فترة مساء واحدة. اليوم، جوجل يحصل على 35 ساعة من تسجيلات الفيديو في الدقيقة تُحمّل على اليوتيوب. لذلك، إذا كان لديكم مكتبة صغيرة، لا يزال بإمكانكم العمل مع الإحداثيات. لديكم رفوف، ولديكم مكدِّسات عمودية، وهكذا لديكم المحاور Y، X وZ، وهذا يعمل بشكل جيد. إذا أرسل إليكم شخص ما 10,000 كتاب، يمكنكم دفع الكتب الموجودة قليلا لإدراج الكتب الجديدة. إذا كان لديكم ما يكفي من الموظفين تحت تصرفكم، سيكون العمل على ما يرام. إذا كان لديكم مكتبة حديثة تشبه هذه- هذا هو جوجل، فيسبوك، تويتر- لا يمكنك فعل ذلك بعد الآن، لا يمكنك استخدام الأبعاد. تنشرون المعلومات التي تأتي، إحصائيًا، في ذاكرة افتراضيّة، في ذاكرة افتراضية لا نهائية. ثم لديكم رمز يتيح لكم استرجاع المعلومات عندما يسأل شخص ما سؤالاً إلى جوجل. والنتيجة هي إحصائية. بعضها يعني شيئًا؛ وبعضها الآخر لا يعني أي شيء. بدأ هذا ليكون الفيزياء السائدة. د. غويلمانت في فرنسا هو فيزيائي CNRS، وفي آخر كتاب له، -La route du temps- - طريق الزمن- يجادل بأنّ "التزامنات في وقوع الأحداث" ناتج عن سببية مزدوجة: نوايانا تسبب آثارًا في المستقبل التي تصبح الأسباب المستقبلية للآثار الحالية. أُكرّر، أصبح هذا الآن الفيزياء السائدة. في الختام، هناك أربعة متطلبات للفيزياء الجديدة لعام 2061. أولاً، يجب أن ندرك الكون كنظامٍ فرعيّ لواقعٍ فكريّ من بنية المعلومات. إنها كل بيانات المعلومات، وكلّها متزامنة. أنا لا أقصد أنها قاعدة بيانات. لا أقصد استخدام النظير مع التكنولوجيا الحالية البحتة. من الواضح أنه شيء أكبر بكثير، أكثر تعقيدًا، لكنكم فهمتم الفكرة. يجب علينا إدراك الأبعاد كشيء من صنعِ الإنسان. نحن نخلق الأبعاد لأنه لدينا مكتبات صغيرة ونحتاج إلى المحاور X و Y و Z. لكننا لا نحتاجهم في الفيزياء، لذلك يجب علينا الابتعاد عن مفهوم الأبعاد في فيزياء المستقبل. الحاضر تم تحديده بشكل مبالغ فيه. كما يقول غويلمانت، يتم تحديده من الماضي والمستقبل. وأخيرًا، يولّد الوعيُ فكرة الفراغ والزمن. هذا هو زمن الفراغ. هو وعيٌ اجتاز الجمعيات في عالم المعلومات وخلق وهم الفراغ والزمن. لذا، أقترح عليكم أن نسمح للفيزيائيين الاستمرار مع فيزياء الطاقة. يقومون بذلك بشكلٍ جيد للغاية وسوف يكون في النهاية طريقة للتوفيق بين النسبية مع ميكانيكا الكم. دعونا نواصل البحث عن الأخت المفقودة. شكرًا جزيلًا. (تصفيق)