1 00:00:06,685 --> 00:00:11,032 في منتصف السبعينات، عقب عقود من الاضطراب السياسي، 2 00:00:11,032 --> 00:00:14,692 بدت اليونان أخيرًا وكأنها على طريق الاستفرار. 3 00:00:14,692 --> 00:00:17,092 عبر تقديمها دستورًا جديدًا 4 00:00:17,092 --> 00:00:21,092 ومفاوضات جارية للدخول للمؤسسات الأوروبية، 5 00:00:21,092 --> 00:00:23,702 توقع العديد من المحللين أن تحذو سياسة اليونان 6 00:00:23,702 --> 00:00:27,072 حذو الدول الغربية الكبرى. 7 00:00:27,072 --> 00:00:32,398 ثم في عام 1981، تولى حزب سياسي يُدعى باسوك مقاليد السلطة. 8 00:00:32,398 --> 00:00:37,585 احتجّ زعيمه المؤثر اندرياس بابندريو على الدستور الجديد، 9 00:00:37,585 --> 00:00:42,015 واتهم الذين بالسلطة بـ "خيانة الوطن." 10 00:00:42,015 --> 00:00:46,687 معارضًا عضوية اليونان في حلف الناتو والجمعية الاقتصادية الأوروبية، 11 00:00:46,687 --> 00:00:50,769 تعهد بابندريو بأن يحكم لتحسين أوضاع عامة الشعب 12 00:00:50,769 --> 00:00:52,649 فوق كل شيء آخر. 13 00:00:52,649 --> 00:00:58,651 بمقولته الشهيرة: "لا توجد مؤسسات، الشعب هو الموجود." 14 00:00:58,651 --> 00:01:02,191 وصول بابندريو إلى السلطة ليس بالقصة الفريدة. 15 00:01:02,191 --> 00:01:04,771 في العديد من الدول الديمقراطية حول العالم، 16 00:01:04,771 --> 00:01:08,032 يسعى القادة المؤثرون إلى تشويه سمعة خصومهم السياسيين، 17 00:01:08,032 --> 00:01:12,582 والحط من قدر المؤسسات، والادّعاء بأنهم في صفِّ الشعب. 18 00:01:12,582 --> 00:01:16,876 يصف بعض النقاد هذا النهج بالمستبد والفاشي، 19 00:01:16,876 --> 00:01:20,236 بينما يرى آخرون أن هؤلاء القادة يستغلون المشاعر 20 00:01:20,236 --> 00:01:23,156 للتلاعب وخداع الناخبين. 21 00:01:23,156 --> 00:01:28,409 إنه بالتأكيد أسلوب ديمقراطي، ولا يهم كونه عملًا أخلاقيًا أم لا، 22 00:01:28,409 --> 00:01:31,879 وكل ذلك يحدث باسم الشعبوية. 23 00:01:31,879 --> 00:01:35,009 كان مصطلح الشعبوية متداولًا منذ عهد الرومان، 24 00:01:35,009 --> 00:01:39,577 ومشتق من الكلمة اللاتينية "بابولوس" وتعني الشعب. 25 00:01:39,577 --> 00:01:44,704 لكن منذ ذلك الحين تستخدم الشعبوية في وصف الكثير من الحركات السياسية، 26 00:01:44,704 --> 00:01:48,704 بأن لها أهدافًا عادة غير منطقية وأحيانًا متناقضة. 27 00:01:48,704 --> 00:01:52,584 لقد ثارت الحركات الشعبوية ضد أنظمة ملكية واحتكارات 28 00:01:52,584 --> 00:01:55,974 ومجموعة كبيرة من مؤسسات سلطاوية. 29 00:01:55,974 --> 00:01:59,614 لا يمكن تغطية التاريخ الحافل لهذا المصطلح هنا. 30 00:01:59,614 --> 00:02:03,722 بدلًا عن ذلك سنتطرق إلى نوع معين من الشعبوية .. 31 00:02:03,722 --> 00:02:06,412 النوع الذي يصف إدارة بابندريو 32 00:02:06,412 --> 00:02:12,107 وعدد من الحكومات الأخرى خلال السبعين سنة الماضية: الشعبوية الحديثة. 33 00:02:12,107 --> 00:02:16,549 لكن لفهم كيف عرّف المفكرون السياسيون هذه الظاهرة 34 00:02:16,549 --> 00:02:20,605 نحتاج أولًا لمعرفة إرهاصاته. 35 00:02:20,605 --> 00:02:22,465 في أعقاب الحرب العالمية الثانية، 36 00:02:22,465 --> 00:02:26,858 ابتعدت العديد من الدول عن المذاهب الشمولية. 37 00:02:26,858 --> 00:02:28,812 بحثت عن نظام سياسي جديد 38 00:02:28,812 --> 00:02:31,722 يعطي الأولوية لحقوق المجتمع والفرد، 39 00:02:31,722 --> 00:02:36,029 ويهدف إلى توافق الآراء السياسية، ويحترم سيادة القانون. 40 00:02:36,029 --> 00:02:41,352 كنتيجة لذلك، تبنت أغلب الدول الغربية نظام حكم طويل الأمد 41 00:02:41,352 --> 00:02:43,382 يُدعى الديمقراطية الليبرالية. 42 00:02:43,382 --> 00:02:46,862 في هذا السياق، مصطلح "الليبرالية" لا ينسب إلى أي حزب سياسي، 43 00:02:46,862 --> 00:02:51,434 إنما هو نوع من ديمقراطية تتكون من ثلاثة عناصر أساسية. 44 00:02:51,434 --> 00:02:54,578 أولًا، تقبل الأنظمة الديمقراطية الليبرالية 45 00:02:54,578 --> 00:02:59,278 بأن المجتمع مليء بالانقسامات المتشعبة التي تخلق صراعات. 46 00:02:59,278 --> 00:03:02,338 ثانيًا، يقتضي ذلك أن تبحث العديد من شرائح المجتمع 47 00:03:02,338 --> 00:03:05,628 عن أرضية مشتركة لهذه الانقسامات. 48 00:03:05,628 --> 00:03:09,138 أخيرًا، تستند الأنظمة الديمقراطية الليبرالية على سيادة القانون 49 00:03:09,138 --> 00:03:11,608 وحماية حقوق الأقليات، 50 00:03:11,608 --> 00:03:15,308 كما هو منصوص عليه في دساتير وقوانين تشريعية. 51 00:03:15,308 --> 00:03:17,873 تقترح هذه المثل مجتمعة معًا 52 00:03:17,873 --> 00:03:22,308 أن التقبل والمؤسسات التي تحمينا من التحامل، 53 00:03:22,308 --> 00:03:27,225 تشكل حجر الأساس لمجتمع ديمقراطي عملي ومتنوع. 54 00:03:27,225 --> 00:03:31,225 ساهمت أنظمة الديمقراطية العلمانية في جلب الاستقرار للدول التي تبنتها. 55 00:03:31,225 --> 00:03:35,405 لكن كأية نظام حكم، فهي لا تحلّ كل شيء. 56 00:03:35,405 --> 00:03:38,965 من بين المسائل الأخرى، فجوة الثروة المتزايدة 57 00:03:38,965 --> 00:03:41,275 التي خلقت مجتمعات تفتقر للخدمات 58 00:03:41,275 --> 00:03:45,914 لا تثق في جيرانها من المجتمعات الثرية وقادتها السياسيين. 59 00:03:45,914 --> 00:03:51,474 في بعض الحالات، أوهن الفاسد السياسي ثقة الشعب أكثر. 60 00:03:51,474 --> 00:03:54,824 ازدياد الشكوك والسخط حول هؤلاء الساسة 61 00:03:54,824 --> 00:03:57,974 حثّ المواطنين للبحث عن قائد جديد من نوع آخر 62 00:03:57,974 --> 00:04:00,394 الذي سيتحدى مؤسسات الدولة 63 00:04:00,394 --> 00:04:03,224 وسيضع احتياجات الشعب أولًا. 64 00:04:03,224 --> 00:04:07,495 بطرق عديدة، يسلط رد الفعل هذا الضوء على طريقة عمل الديمقراطية: 65 00:04:07,495 --> 00:04:12,207 إذا شعر أغلبية الشعب أن مصالحهم لم يحسن تمثيلها، 66 00:04:12,207 --> 00:04:17,144 يمكنهم انتخاب قادة لتغيير الأنظمة الديمقراطية الموجودة حاليًا. 67 00:04:17,144 --> 00:04:23,004 لكن عند هذه النقطة يمكن أن يقوض المرشحين الشعبويين المعاصريين الديمقراطية. 68 00:04:23,004 --> 00:04:28,568 يعرّف الشعبويون المعاصرون أنفسهم على أنهم يمثلون إرادة الشعب، 69 00:04:28,568 --> 00:04:30,478 ويضعون هذه المصالح 70 00:04:30,478 --> 00:04:35,487 فوق المؤسسات التي تحمي حقوق المجتمع والفرد. 71 00:04:35,487 --> 00:04:38,457 يجادل الشعبويون المعاصرون أن هذه المؤسسات 72 00:04:38,457 --> 00:04:41,567 تديرها أقلية حاكمة ذاتية الخدمة، 73 00:04:41,567 --> 00:04:45,771 تسعى للسيطرة على الأغلبية الساحقة من شرفاء عامة الشعب. 74 00:04:45,771 --> 00:04:51,147 لذلك، لم تعد السياسة حول البحث عن تسوية وتوافق الآراء السياسية 75 00:04:51,147 --> 00:04:53,947 عبر المؤسسات التي تنعم بالديمقراطية والتقبل. 76 00:04:53,947 --> 00:04:59,676 بدلًا عن ذلك، يسعى هؤلاء القادة للإطاحة بما يعتبرونه نظامًا متهالكًا. 77 00:04:59,676 --> 00:05:04,225 هذا يعني أن الديمقراطية العلمانية تحترم للغاية مؤسسات 78 00:05:04,225 --> 00:05:08,225 كالمحاكم، الصحافة الحرة، الدساتير المحلية، 79 00:05:08,225 --> 00:05:12,860 يقلل الشعبويون المعاصرون من شأن أية مؤسسة تتعارض 80 00:05:12,860 --> 00:05:15,560 مع ما تُسمى بالإرادة العامة. 81 00:05:15,560 --> 00:05:18,720 تولت أحزاب شعبوية معاصرة العديد من المناصب، 82 00:05:18,720 --> 00:05:22,490 لكن قادة هذه الحركات متشابهون للغاية. 83 00:05:22,490 --> 00:05:24,560 عادة ما يكونوا ذوي شخصيات مؤثرة 84 00:05:24,560 --> 00:05:28,804 يعرفون أنفسهم كممثلين لإرادة الشعب. 85 00:05:28,804 --> 00:05:31,634 يقدمون وعودًا خيالية لداعميهم، 86 00:05:31,634 --> 00:05:36,730 في حين يقذفون خصومهم كخونة يضعفون مكانة الدولة باستمرار. 87 00:05:36,730 --> 00:05:41,736 لكن عما إذا كان هؤلاء الساسة مؤمنين صادقين أو انتهازين مخادعين، 88 00:05:41,736 --> 00:05:43,386 الديناميكيات التي يطلقونها 89 00:05:43,386 --> 00:05:47,386 يمكن أن تزعرع استقرار الديمقراطية العلمانية بالكامل. 90 00:05:47,386 --> 00:05:50,296 حتى عندما لا يفي قادة الشعبوية المعاصرون 91 00:05:50,296 --> 00:05:52,676 بوعودهم الخيالية، 92 00:05:52,676 --> 00:05:57,652 تأثيرهم على الخطاب السياسي وسيادة القانون وثقة الشعب 93 00:05:57,652 --> 00:06:00,582 يمكن أن يطيل من فترة بقائهم في السلطة.