1 00:00:06,983 --> 00:00:11,265 تتشارك أعداد قليلة من الكائنات على الأرض، سمة تبدو غامضة وهي : 2 00:00:11,265 --> 00:00:13,132 الدورة الشهرية. 3 00:00:13,132 --> 00:00:15,152 نحن نُعد واحدة من هذه القلة المخُتارة. 4 00:00:15,152 --> 00:00:19,545 تعتبر القرود والخفافيش و البشر وربما أيضاً الزبابة 5 00:00:19,545 --> 00:00:22,998 الثديات الوحيدة على سطح الأرض التي تحيض. 6 00:00:22,998 --> 00:00:25,426 ونحن نفعل ذلك أيضا أكثر من أي حيوان آخر، 7 00:00:25,426 --> 00:00:29,509 على الرغم من كونها مضيعة للعناصر المغذية، ومصدر إزعاج جسدي. 8 00:00:29,509 --> 00:00:33,649 إذاً ما الفائدة من هذه العملية البيولوجية الغير المألوفة ؟ 9 00:00:33,649 --> 00:00:35,968 تبدأ الإجابة بالحمل. 10 00:00:35,968 --> 00:00:39,563 أثناء هذه العملية، تبدأ أعضاء الجسم بتشكيل 11 00:00:39,563 --> 00:00:42,297 بيئة مناسبة للجنين بذكاء. 12 00:00:42,297 --> 00:00:46,920 وإنشاء ملاذ داخلي للأم لرعاية جنينها. 13 00:00:46,920 --> 00:00:50,427 في هذه الحالة، يعتبر الحمل أمرًا مهيبًا. 14 00:00:50,427 --> 00:00:53,312 ولكن هذا هو نصف القصة فقط. 15 00:00:53,312 --> 00:00:58,294 أما النصف الآخر فإنه يكشف أن الحمل يضع الأم وجنينها في صراع. 16 00:00:58,294 --> 00:01:00,193 بالنسبة لجميع المخلوقات الحية، 17 00:01:00,193 --> 00:01:03,787 فإن جسم الإنسان يتطور ليشجع انتشار جيناته. 18 00:01:03,787 --> 00:01:06,805 بالنسبة للأم، فإنه يجب عليها أن تحاول تزويد نفس القدر من الجينات 19 00:01:06,805 --> 00:01:09,048 لجميع أفراد نسلها. 20 00:01:09,048 --> 00:01:13,042 ولكن الأم وجنينها لا يتشاركان نفس الجينات بالضبط. 21 00:01:13,042 --> 00:01:15,672 حيثُ أن الجنين يرث جينات من والده كذلك. 22 00:01:15,672 --> 00:01:19,201 وتعزز تلك الجينات بقاءها عن طريق أستخلاصها 23 00:01:19,201 --> 00:01:23,065 أكثر من حصتها الاصلية من الأم من الموارد. 24 00:01:23,065 --> 00:01:25,005 صراع المصالح التطوري هذا، 25 00:01:25,005 --> 00:01:28,735 يضع المرأة وطفلها الذي لم يولد بعد في حرب شد وجذب بيولوجية، 26 00:01:28,735 --> 00:01:32,372 والتي تتم داخل الرحم. 27 00:01:32,372 --> 00:01:35,249 إن أحد العوامل التي تساهم في هذا الصراع الداخلي، 28 00:01:35,249 --> 00:01:39,488 هو المشيمة ، وهي العضو الجنيني الذي يرتبط مع إمداددات دم الأم، 29 00:01:39,488 --> 00:01:42,129 ويغذي الجنين خلال مرحلة نموه. 30 00:01:42,129 --> 00:01:47,777 في معظم الثدييات، تكون المشيمة محصورة خلف حاجز من خلايا الأم. 31 00:01:47,777 --> 00:01:52,349 هذا الحاجز يتيح للأم فرصة التحكم في كمية الإمدادات الغذائية لجنينها. 32 00:01:52,349 --> 00:01:54,503 أما بالنسبة للبشر وقلة من الكائنات الأخرى، 33 00:01:54,503 --> 00:01:58,731 فإن المشيمة تخترق الدورة الدموية للأم، 34 00:01:58,731 --> 00:02:01,716 للوصول مباشرة إلى مجرى دمها. 35 00:02:01,716 --> 00:02:05,323 من خلال المشيمة فإن الجنين يضخ الهرمونات في شرايين الأم، 36 00:02:05,323 --> 00:02:10,548 والتي تبقيها مفتوحة لتزودها بتدفق دائم من الدم الغني بالمواد الغذائية. 37 00:02:10,548 --> 00:02:14,386 يستطيع هذا الجنين مع هذا النفاذ غير المقيد أن يُنتج هرمونات 38 00:02:14,386 --> 00:02:17,796 لزيادة نسبة السكر في دم الأم ، وتوسيع شرايينها، 39 00:02:17,796 --> 00:02:20,815 وتضخيم ضغط دمها. 40 00:02:20,815 --> 00:02:25,676 يمكن للأمهات عند الثدييات أن تطرد أو تعيد امتصاص الأجنة إذا لزم الأمر، 41 00:02:25,676 --> 00:02:29,326 أما بالنسبة للبشر، فبمجرد ارتباط الجنين بالدم، 42 00:02:29,326 --> 00:02:33,252 فإن انقطاع هذا الارتباط ، يمكن أن يؤدي إلى حدوث نزيف. 43 00:02:33,252 --> 00:02:35,585 إذا نما الجنين بصورة سيئة أو توفي، 44 00:02:35,585 --> 00:02:38,581 فإن ذلك يعرض صحة الأم للخطر. 45 00:02:38,581 --> 00:02:43,397 إن حاجة الجنين المستمرة للموارد، قد تسبب التعب الشديد للأم، 46 00:02:43,397 --> 00:02:45,138 وارتفاع ضغط الدم، 47 00:02:45,138 --> 00:02:49,022 وحالات : كمرض السكري وتسمم الحمل. 48 00:02:49,022 --> 00:02:50,465 وبسبب هذه المخاطر، 49 00:02:50,465 --> 00:02:55,814 فإن الحمل يعتبر عملية ضخمة وخطيرة أحياناً. 50 00:02:55,814 --> 00:02:59,122 ولذلك فإنه من المنطقي أن يفحص الجسم الأجنة بعناية فائقة، 51 00:02:59,122 --> 00:03:01,551 ليكتشف من بينها من يستحق التحدي. 52 00:03:01,551 --> 00:03:04,059 وهنا تأتي عملية الحيض. 53 00:03:04,059 --> 00:03:06,889 يبدأ الحمل بعملية تسمى الغرس. 54 00:03:06,889 --> 00:03:12,049 حيث أن الجنين يعزز وجوده داخل بطانة الرحم. 55 00:03:12,049 --> 00:03:15,234 بعد نمو وتطور بطانة الرحم، تصبح عملية الغرس أكثر صعوبة، 56 00:03:15,234 --> 00:03:19,084 حتى تبقى الأجنة السليمة فقط على قيد الحياة. 57 00:03:19,084 --> 00:03:20,560 ولكن بحدوث ذلك، 58 00:03:20,560 --> 00:03:24,223 يتم اختيار الأجنة الأكثر قوة فعليا، 59 00:03:24,223 --> 00:03:28,239 محدثة حلقة تغذية راجعة. 60 00:03:28,239 --> 00:03:32,811 يدخل الجنين في تبادل هرموني ذي توقيت رائع، 61 00:03:32,811 --> 00:03:37,560 والذي من خلاله يقوم بتهيئة بطانة الرحم لعملية الغرس. 62 00:03:37,560 --> 00:03:40,613 ماذا يحدث إذا فشل الجنين في الاختبار؟ 63 00:03:40,613 --> 00:03:42,755 قد لا يزال أمامه فرصة للارتباط ببطانة الرحم، 64 00:03:42,755 --> 00:03:45,764 أو حتى للوصول جزئيا خلالها. 65 00:03:45,764 --> 00:03:49,524 بوفاة الجنين ببطء، فإنه يترك أمه عُرضة للإصابة بالعدوى، 66 00:03:49,524 --> 00:03:55,849 و قد يبعث طوال الوقت إشارات هرمونية تعطل أنسجتها. 67 00:03:55,849 --> 00:04:00,832 ويتجنب الجسم هذه المشكلة عن طريق إزالة كل المخاطر المحتملة ببساطة. 68 00:04:00,832 --> 00:04:04,594 وفي كل مرة لا تُنتج فيها الإباضة حملًا صحيًا، 69 00:04:04,594 --> 00:04:07,779 فإن الرحم يتخلص من أي متعلقات ببطانة الرحم، 70 00:04:07,779 --> 00:04:12,816 بالإضافة إلى أي بويضات غير ملقحة أو أجنة ميتة، أو مريضة أو محتضرة. 71 00:04:12,816 --> 00:04:16,127 وتُعرف هذه العملية الوقائية باسم الحيض، 72 00:04:16,127 --> 00:04:19,109 والتي تؤدي الى حدوث الدورة الشهرية. 73 00:04:19,109 --> 00:04:22,316 وهذه السمة البيولوجية الغريبة كما يمكن أن تكون، 74 00:04:22,316 --> 00:04:26,621 تحدد لنا استمرارية الجنس البشري.