منذ بضع سنوات، كان أحد الأشخاص الذين
أقدرهم كثيراً
لديه مشكلة تؤرقه وكان مهموما جداً.
ورغم اعتراضاتي، فقد ذهب لمقابلة أحد السحرة
لكي يقرأ له المستقبل.
لماذا نفعل ذلك؟
لأننا نعيش في عالم معقد تسود فيه
الريبة والغموض،
والمستقبل هو ما يكشف لنا.
ولكن لو كان التنبؤ بتلك البساطة، فسنقرأ
دون شك عناوين مثل هذا
في الصحيفة الأكثر انتشاراً.
لكن الحقيقة، كما يقول أحد مشاهير
المدربين الرياضيين:
"التنبؤ أمر في غاية الصعوبة،
لاسيما فيما يتعلق بالمستقبل".
وأنا أضيف أن القيام بتنبؤات هو
في الحقيقة أمر سهل،
أما الصعب فهو أن تكون صحيحة.
(تصفيق)
لماذا جئت هنا اليوم؟
لا أجيد التنجيم بأوراق التاروت،
وليس لدي خط برقم 0900 تتصلون به لتعرفوا
متى ستعثرون على الحب،
ولكني أكرس نفسي للتنبؤ بالمستقبل.
على أي حال، أحاول.
أطور خوارزميات تقوم بالتنبؤات.
كيف يضع أخرق مدمن على الدراسة مثلي
نفسه في مشكلة كهذه؟
أنا مهندس وقد حصلت على الدكتوراه
في ميدان يسمى الذكاء الاصطناعي.
وقد شدني على الدوام كيف يمكن للدماغ
بسهولة حل مشكلات
يستحيل حلها على الحواسيب.
الحواسيب تحتاج إلى أن تُبرمج،
أما الدماغ فيتعلم.
ولهذا كرست نفسي لكيفية أن تتعلم
الحواسيب من تلقاء نفسها
على أساس خبرتها والكثير من البيانات.
نعيش اليوم في عالم تتميز فيه الأعمال
بالتخصص الدقيق،
ولكن يمكن تطبيق التقنية تقريباً على كل
جوانب حياتنا.
وقد كانت لدي الفرصة للعمل على مشكلات
كثيرة مع زملاء.
على سبيل المثال، لمساعدة الأطباء
بشأن عدم انتظام مرضاهم،
والتعاون مع المزارعين من أجل تحسين
مردودية مواسم الحصاد،
وإعداد خوارزميات تقوم من تلقاء نفسها
بإجراء معاملات،
دون إشراف بشري،
وتتنبأ بحركات أسواق مالية
مثل نيويورك ولندن وطوكيو.
وهناك أمر تعلمته خلال كل تلك السنوات
وهو أن للبيانات قدرة تكاد تكون فريدة
على وصف العالم.
ولكن لكي نفهم هذا، لنعد إلى البداية.
لماذا يبدو التنبؤ صعباً إلى هذه الدرجة؟
بعض التنبؤات أسهل من بعض.
طوال آلاف السنين، ظلت مظاهر خسوف الشمس
تثير استغراب ورهبة كل الحضارات.
وكان السحرة والمنجمون يحاولون دون طائل
أن يؤولوا نيات الآلهة كلما حصل خسوف.
وفي عام 1715 قام أدموند هالي
الذي ربما تتذكرونه بسبب المذنب الشهير
الذي يحمل اسمه،
قام باستخدام معادلات نيوتين لكي يتنبأ
لا بالموعد فقط،
بل أيضاً بالمكان الذي سيشهد الخسوف المقبل.
واليوم لا أحد يعتقد بوجود أمر خارج
عن الطبيعة في ظواهر الكسوف
لكن المجتمع، للأسف، هو نظام
بالغ التعقيد بحيث
لا يمكن وصفه عبر المعادلات البسيطة
المستخدمة في الفيزياء.
"البسيطة".
ولكن يوجد أمر يمكن أن يصف سلوك البشر
حتى حين تقف المعادلات عاجزة:
إنها البيانات.
لما ذا بتنا أخيراً نلقي بالاً للقوة
الكبيرة التي تتمتع بها البيانات؟
لأنها تمثل عاصفة حقيقية.
فمن جانب، يوجد نمو هائل في كمية البيانات.
وتخيلوا أن هذا الرسم البياني يمثل
مجموع البيانات التي أنشأتها البشرية
منذ فجر الحضارة.
تقدر "آي بي أم" أن هذا هو الجزء الذي تم
توليده خلال الـ 700 يوم الأخيرة وحدها.
ولا أعني الجزء الأخضر، بل الأزرق.
ومن جانب آخر، لحسن الحظ،
تزداد أيضاً بقدر هائل قدرتنا على معالجة
هذه البيانات.
فالهاتف الذي في جيبي أسرع بأكثر
من 50 مرة
من النموذج الأصلي، الذي أُطلق
منذ 7 أعوام فقط.
لكي تكوّنوا فكرة عن مقدار سرعة حصول هذا،
لو أن صناعة السيارات تقدمت بمثل هذه السرعة
خلال الأعوام السبعة الماضية،
لكان بوسعك اليوم ركوب سيارة والدوران حول
الأرض في حوالي 5 ساعات.
وذلك دون الحاجة إلى ملء خزان الوقود.
اليوم كل شيء يمثل وحدة بيانات.
تغريدة ما هي وحدة بيانات.
"إعجاب" في فيسبوك وحدة بيانات.
تحديد موقع هاتفك بـ"نظام تحديد المواقع"
هو وحدة بيانات.
اختيار فلم للمشاهدة على "نتفلكس"
هو وحدة بينات أخرى.
طوفان البيانات هذا لا يعني
أننا نتوفر على معرفة أكبر.
كما هو الحال مع النفط،
البيانات التي نستخرجها هي خام،
وعندما نقوم بتكريرها عبر الخوارزميات
حينها فقط
تتحول إلى شيء ثمين فعلاً.
ولنشاهد مثالاً بسيطاً على ذلك.
كيف يتنبأ هاتفك بالكلمة المقبلة
التي سوف تكتبها؟
إذا كنت أريد أن أكتب:
"المستقل مجهول"...
عفواً، يفترض أن يظهر هناك.
الهاتف يستبق كلماتي.
كما هو واضح، لا يعلم الهاتف
أننا نتحدث عن TED...
وعن مستقبل TED.
كما أنه لا يقرأ ما في دماغي.
ببساطة، حين صمموه استخدموا بيانات كثيرة.
حين يكون لدى المرء كمية هائلة،
آلاف الوثائق باللغة الإسبانية،
فالتنبؤ بالكلمة الموالية التي ستكتبها
ليس بتلك الصعوبة.
يمكن استنتاج أنه بعد بعد كتابة كلمة
"المستقبل"،
يتبعها الناس بكلمات من قبيل
"مجهول" أو "لنا".
وببساطة يقوم الهاتف بهذا مع كل
توليفة من الكلمات.
وزيادة على ذلك، بقدر ما نستخدمه يتعلم
أسلوبنا في الكتابة.
ويمكنني استخدام هذا المبدأ البسيط
في أشياء أكثر أهمية بكثير.
عملاق التجارة الإلكترونية "أمازون" تقوم
بشيء مماثل للتنبؤ
بالمنتجات التي ستعجبك والتي لن تعجبك.
إذا كانت لديك بيانات كثيرة عن زبائنك
الذين يعدون بمئات الملايين،
كما لدى "أمازون"،
فالتنبؤ بالمنتج المقبل الذي ستشتريه
ليس مختلفاً كثيراً عن التنبؤ بالكلمة
الموالية التي ستكتبها.
أكثر من ذلك، أمازون واثقة من توقعاتها
بشأن رغباتك إلى درجة
أنها مؤخراً سجلت ابتكار نظام من خلاله
ترسل المنتج إلى بيتك قبل أن تشتريه.
(ضحك)
وإذا استلمته وقلت إنك لا تريد شراءه
فيمكن حتى أن يعطوك إياه مجاناً.
أعرف فيمَ تفكرون الآن،
لكن أمازون لن تطلق هذه الخدمة هنا.
(ضحك)
فجأة تدرك
وجود مشكلات كثيرة شبيهة بهذا.
قد لا توجد صيغة رياضية للحب،
ولكن توجد بيانات عنه.
شركات المواعدة عبر الإنترنت
تستخدم خوارزميات لتحسين تنبؤاتها
بشأن مكان العثور على الحب.
ومن خلال استعراض بيانات ملايين المستخدمين،
وجد أحد هذه المواقع علاقات مفاجئة فعلاً.
أعطيكم هذه المعلومة مثلاً.
إذا كنت رجلاً مستقيم السلوك الجنسي،
وتريد إقامة علاقة في موعدك الأول،
فهل تعرف أفضل سؤال يمكن توجيهه إليها؟
السؤال هو: هل تحبين الجعة؟
وإذا كان الجواب "نعم" فالاحتمال
أقوى بـ 60%
بأن لا تكون لديها مشكلة في القيام بذلك
في الموعد الأول.
(ضحك)
وإذا كنت امرأة وتهتمين بإقامة علاقة
في أول موعد لك
فيمكن أن تطرحي نفس السؤال، فهو فعال.
ولكن في الحقيقة، لا يهم ما تسألين عنه،
فأغلبية الرجال سيرغبون في ذلك في أول موعد.
(تصفيق)
وليست هذه هي العلاقة الوحيدة المهمة.
أمر آخر يثير الاهتمام هو:
ما هو العمر الأكثر جاذبية لدى الشخص؟
إذا كنت امرأة في حدود العشرين من العمر،
ففي المعدل، الرجال الذين تنجذبين إليهم
أكثر هم في عمر 22.
وبالنسبة لامرأة في الثلاثين،
في المعدل، تنجذب إلى الرجال في نفس عمرها.
وبالنسبة لامرأة في الـ50،
فالرجال الأكثر جاذبية هم، في المتوسط،
في الـ 46.
فيما يخص الرجال فالأمور تبدأ على نحو
متشابه إلى حد ما.
الرجل في العشرين من العمر،
في المعدل، يميل أكثر إلى النساء
في عمر العشرين
والرجل في عمر 30، النساء اللاتي يميل إليهن
أكثر هن في عمر العشرين.
وبالنسبة لرجل في الـ 40، فالنساء الأكثر
جاذبية هن في سن الـ 20.
(تصفيق)
أما في الخمسين من العمر،
ففي المعدل، النساء الأكثر جاذبية له
هن في سن 22 عاماً.
(ضحك)
ولكن بغض النظر عن هذه الإحصائيات
المثيرة للفضول،
فالخوارزميات تدل على شيء مهم في بياناتنا.
إحدى الدراسات المنشورة حديثا أظهرت أنه
في الولايات المتحدة أظهرت
ثلث حالات الزواج في الفترة الأخيرة بدأت
على الإنترنت.
كما أن نسب الطلاق وعدم الرضا
عن الشريك
أدنى بين الأزواج الذين تعارفوا
عبر الإنترنت
مقارنة بمن تعارفوا بطرق أخرى.
العثور على نصفك الآخر ليس أمراً سهلاً،
ولا يتبيّن دوماً أنك عثرت على الشخص
الذي كنت تأمل.
والمثال الأفضل على ذلك هو
الرجل المريض بالربو والمرأة المدخنة
اللذين تعارفا عبر موقع "ماتش دوت كوم".
يبدو أنه لا شيء يجمعهما ومع ذلك فهما
على وشك الزواج.
من الذي تنبأ أنهما سيكونان زوجين رائعين؟
إنها خوارزمية.
(ضحك)
ربما مثل الكثيرين منكم،
لا أستمع إلى الإذاعة.
لماذا؟
لأنه لا توجد أي محطة إذاعية تبث
موسيقى تعجبني وحدي.
ما أستمع إليه هو أنظمة على الإنترنت
مثل "سبوتفاي"،
الذي يستخدم خوارزمية ليتوقع إن كانت
الأغنية ستعجبني أم لا.
وعلى هذا النحو، يجهزون قسماً مخصصاً،
لا يبث إلا الموسيقى التي تعجبني.
قد يكون كل واحد منا فريداً من نوعه،
ولكن يوجد مليارات الأشخاص في هذا العالم
والكثيرون لديهم أذواق شبيهة بأذواقنا.
من خلال بيانات كافية أستطيع أن أعرف
هل ستعجبك أغنية معينة أم لا،
قبل أن تسمعها.
هل تعرفون ما الذي يشبه محطة إذاعة
تبث موسيقى لا تعجبك؟
إنه التعليم.
الخطط التعليمية، كما هو الحال
مع المحطات الإذاعية،
تفترض أن لدينا جميعاً نفس
الاهتمامات والقدرات.
توجد مدرسة في نيويورك تستخدم خوارزميات
لتتوقع إن كان درس ما سوف يكون سهلاً
أم صعباً على التلميذ.
وعلى هذا الأساس تعد قسما مخصصاً،
ومنهجاً مصمماً بشكل خاص لاحتياجات كل طفل.
ونتيجة لذلك، مثلاً، ارتفعت بأكثر من 50%
نسب النجاح في الرياضيات مقارنة
بالمعدلات الوطنية.
وفي أوروغواي نعطي حاسوباً لكل طفل
ضمن خطة "ثيْبال".
ما الذي سنفعل بكل هذه البيانات
التي ننشئها؟
علينا أن نأخذ في الحسبان أنه
في مستقبل قريب
سيمتد هذا إلى كل جوانب حياتنا،
ويصل بالذكاء (الاصطناعي) والتخصيص
إلى مستوى ربما يصعب تخيله حالياً.
أجهزتنا الإلكترونية المساعِدة سوف تتعرف
علينا بشكل حميم.
سوف تعرف أذواقنا وأين نوجد،
وسوف توفر لنا نصائح حول أي كتب نقرأ
وأي أماكن نزور.
سوف تستبق احتياجاتنا وترفع
مستويات إنتاجيتنا.
لدرجة أننا سنتساءل: كيف كنا نعيش بدونها؟
بنفس الطريقة التي نتساءل بها اليوم
كيف كنا نستطيع العيش دون هواتفنا المحمولة؟
وكما هو واضح، فمن أجل كل هذا تحتاج
الخوارزميات إلى بيانات كثيرة.
ولهذا فكل الشركات الكبرى مثل غوغل
وفيسبوك
تجمع كل البيانات التي تستطيع جمعها عنكم.
فيسبوك، مثلاً، يعرفك بشكل دقيق إلى حد
أن دراسة نشرتها حديثاً أكاديمية
العلوم الأمريكية
أظهرت أنه بعد أن تضغط زر الإعجاب
10 مرات
فبوسع إحدى الخوارزميات التنبؤ بجوانب
من شخصيتك
بشكل أفضل مما يستطيع زميل لك في العمل.
وبعد 70 إعجاباً، بشكل أفضل من أصدقائك.
وابتداء من 150 إعجاباً، بشكل أفضل من أمك.
وبعد 300، بشكل أفضل حتى من شريك حياتك.
ولتأخذوا فكرة إلى أي درجة تعرفكم فيسبوك
بشكل دقيق،
أعطيكم إحصائية أخيرة.
كل واحد منكم لديه 230 إعجاباً على فيسبوك.
وهذا الرقم يزداد باضطراد.
ولكن لا تنحصر قدرة هذه الخوارزميات فقط
في التنبؤ بجوانب من شخصيتك.
إضافة إلى التعليم، هناك مشكلة أخرى تقلقنا
نحن في أوروغواي
وهي الأمن.
في فيلم "تقرير الأقلية"،
تقضي شرطة المستقبل على الاغتيالات
باعتقال المجرمين قبل ارتكاب جرائمهم.
من المؤكد أن فيليب ديك،
مؤلف الرواية التي اعتمد عليها الفلم،
لم يتخيل أبداً أن يكون في ذلك الخيال
القليل من العلم.
وكما يقول مارك توين: "التاريخ لا يعيد
نفسه، لكن قوافيه متناغمة".
يتصرف المجرمون وفقاً لعدد من الأنماط،
وبوسع الخوارزميات تحليل هذه الأنماط
ضمن البيانات
وتوقع الأمكنة التي يُحتمل أن تحصل
فيها جرائم.
وعندما تتوفر هذه المعلومة للشرطة يمكنها
إرسال دوريات
لتتجول في المناطق التي يُحتمل أن ينشط
فيها المجرمون.
بالطبع ليست هذه التنبؤات بتلك الدرجة
من الدقة
مقارنة بالمتنبئين في فيلم
"تقرير الأقلية".
ولكن هذه الخوارزميات توجد فعلاً.
وبعض الاستنتاجات الأولية في مدن عديدة
في الولايات المتحدة وأوروبا
تظهر فعلاً نتائج مشجعة.
رغم أن الوقت مبكر جداً
لمعرفة إلى أي درجة سوف تؤدي إلى خفض
عدد الجرائم.
ويبدو أنه لا توجد زاوية من التجربة البشرية
تفلت من قوة تنبؤات الخوارزميات.
وقد قامت مجموعة من الباحثين بـ"مايكروسوفت"
باستخدام الخوارزميات للتنبؤ بشكل دقيق
بـ 20 من أصل 24 فئة من الأوسكار هذا العام.
ويشمل ذلك كل الفئات الأساسية
مثل أفضل فلم، أفضل مدير إنتاج، أفضل ممثلين
أساسيين وثانويين.
وفي الفئات الأربع التي أخطأت فيها
كان خيارها الثاني هو الفائز.
ولم يكن الأمر مصادفة.
في العام السابق،
تنبؤوا بشكل دقيق بـ 21 من الفئات الـ 24.
وفي العام الذي قبل ذلك، بـ 19.
ولم يتمكنوا فقط من التنبؤ بنتائج
المنافسات الفنية.
مجموعة "مايكروسوفت" نفسها
استخدمت الخوارزميات للتنبؤ على نحو دقيق
بنتائج كل مباريات مرحلة التصفيات
من كأس العالم في البرازيل عام 2014.
ولم يستخدموا لا الأخطبوط
ولا أي حيوانات روحانية أخرى.
(ضحك)
هل يعني كل هذا أن المستقبل لن يظل مجهولاً؟
كلاَّ، على الإطلاق!
من السهل جداً الوقوع في الخطأ عند التنبؤ،
لكن بقدرما يتوفر المزيد من البيانات، وتكون
بيانات جيدة، تصبح حالات الشك أقل.
توجد بضع مشكلات نفهمها بشكل جيد
إلى حد ما.
مشكلات أخرى، مثل الأسواق المالية،
نحن فيها ببساطة أحسن بقليل
من الصدفة المجردة.
ولسوء الحظ، توجد مشكلات أخرى كثيرة، مثل
الزلازل والأوبئة،
تقدمنا فيها حتى الآن بشكل ضئيل جداً.
ولكننا نعيش حقبة مدهشة.
فالذكاء الاصطناعي بدأ أخيراً يؤتي أكله
وفي الوقت الراهن،
يمكن أن تتصل عبر سكايب بشخص في الصين
وتتحدث أنت بالإسبانية وهو بالصينية،
ويترجم عنك "سكايب" تلقائيا.
بوسعك أن تركب إحدى سيارات غوغل
وتخبرها إلى أين تود الذهاب
وتذهب بك السيارة من تلقاء نفسها.
وهذا علم، وليس خيالاً.
ولكنه قبل عشر سنوات كان يبدو مستحيلاً.
هذا المجال يتقدم بسرعة فائقة
إلى درجة أننا حتى نحن الذين نكرس له أنفسنا
نجد أنفسنا دوماً أمام مفاجآت.
التنبؤ بالمستقبل أمر مهم
لا من أجل إشباع تلك الرغبة لدى جميع
البشر في معرفة ما سوف يحصل
بل من أجل القدرة -السحرية تقريباً-
على تغييره.
أنا مجرد أخرق مدمن على الدراسة ومعي حاسوب
ولكن تلك هي قوتنا الخارقة.
لسنا "باتمان"، لكن بوسعنا القضاء
على الجرائم.
لسنا الدكتور هاوس،
لكن بوسعنا استباق أمراض قبل أن تنتشر.
رغم المشكلات التي قد تصاحب هذه التقنية،
مثل انعدام الخصوصية، أو البطالة المحتملة،
إلا أن قدرتها على تحسين حياتنا
ليس لها أي حدود، سوى حدود خيالنا.
المساعدة والوقاية من عمليات الانتحار،
تحسين خدمات المرور،
وقف انتشار الأوبئة،
تحسين مردودية محاصيلنا الزراعية،
كلها أمور تمثل فقط قمة جبل الجليد
مما يمكن فعله.
وسواء شئنا أم أبينا، فقد جاءت
هذه التقنية لتبقى.
لكن أن يكون أثرها إيجايباً، فذاك أمر منوط
حصراً بأن نختار كيف نستخدمها.
شكراً جزيلاً
(تصفيق)