Return to Video

الصدمة المُرعبة بعد لقاء مع الموت

  • 0:01 - 0:05
    لقد كان الثامن من نيسان عام 2003.
  • 0:06 - 0:10
    كنت في بغداد،
    أغطّي حرب العراق.
  • 0:10 - 0:15
    في ذلك اليوم، دخلت الدبابات الأمريكية
    إلى بغداد.
  • 0:16 - 0:22
    كنا عدداً صغيراً من الصحفيين
    في فندق "فلسطين"،
  • 0:22 - 0:26
    وكما يحصل في الحرب،
  • 0:26 - 0:29
    بدأ القتال يقترب من نوافذنا.
  • 0:30 - 0:34
    كانت بغداد مغطاة بالدخان الأسود والنفط.
    كانت الرائحة كريهة،
  • 0:35 - 0:37
    لم نكن نرى أي شيء
  • 0:37 - 0:38
    وكنا نعرف ما يحدث
  • 0:38 - 0:41
    بالطبع، كان يفترض بي أن أكتب مقالة،
  • 0:41 - 0:44
    دوماً يجب أن تكتبها
    في يوم الحدث.
  • 0:44 - 0:49
    كنت في غرفتي في الطابق السادس عشر،
  • 0:49 - 0:52
    أكتب وأنظر من خلال نافذتي في كل لحظة
    لأرى ما كان يحدث.
  • 0:53 - 0:56
    فجأة، حدث انفجار ضخم.
  • 0:56 - 0:58
    خلال الثلاثة أسابيع الماضية،
  • 0:58 - 1:01
    كان هناك قصف بصواريخ
    تزن أكثر من نصف طن
  • 1:01 - 1:07
    ولكن هذه المرة، كانت صدمة
    شعرت بها بداخلي،
  • 1:07 - 1:11
    وقلت لنفسي، "إنه قريب جداً.
    قريب جداً، جداً."
  • 1:11 - 1:14
    لذلك نزلت لأرى ما الذي حدث.
  • 1:14 - 1:19
    نزلت إلى الطابق الخامس عشر
    لألقي نظرة
  • 1:19 - 1:22
    ورأيت أناساً وصحفيين،
    يصرخون في الرواق.
  • 1:22 - 1:24
    دخلت إلى غرفة
  • 1:24 - 1:29
    وأيقنت أنها قد أصيبت بقذيفة.
  • 1:29 - 1:32
    وهناك شخص مصاب.
  • 1:33 - 1:35
    كان هناك شخص بالقرب من النافذة،
  • 1:35 - 1:39
    مصوّر يدعى "تاراس بروتسيوك"،
  • 1:40 - 1:42
    ملقى على وجهه.
  • 1:46 - 1:50
    عملت في المستشفى سابقا، اردت مساعدته.
  • 1:50 - 1:54
    لذا ادرته،
    وعندما فعلت ذلك،
  • 1:56 - 2:00
    كان مفتوحا من صدره حتى العانة،
  • 2:00 - 2:02
    لكن لم ارى اي شيء، لا شيء على الاطلاق.
  • 2:02 - 2:09
    كل ما رأيته بقعة بيضاء، لامعة أعمتني.
  • 2:09 - 2:12
    ولم أفهم أي شيء.
  • 2:12 - 2:14
    فجأة اختفت البقعة واستطعت ان ارى جرحه،
  • 2:14 - 2:16
    الذي كان خطيرا جدا،
  • 2:16 - 2:18
    وضعناه انا ورفاقي داخل غطاء،
  • 2:18 - 2:22
    وحملناه في مصعد كان يتوقف
    في كل طابق لـ 15 طابقا.
  • 2:22 - 2:25
    وضعناه في سيارة أخذته الى المستشفى.
  • 2:25 - 2:29
    مات في طريقه الى المستشفى.
    و المصور الإسباني "جوسي كوسو"،
  • 2:29 - 2:32
    الذي كان في الطابق 14 مصاباً أيضاً
  • 2:32 - 2:34
    -- لأن القذيفة ضربت ما بين الطابقين--
  • 2:35 - 2:37
    مات على طاولة العملية. عندما عُدت،
  • 2:37 - 2:43
    بعد رحيل السيارة، كان يجب ان أكتب مقالة،
  • 2:44 - 2:47
    إذن، قدّمت نفسي..
  • 2:47 - 2:52
    ذهبت إلى رواق الفندق،
    والدماء تغطي ذراعي،
  • 2:52 - 2:56
    أوقفني هناك عامل عراقي
  • 2:56 - 2:59
    طلب مني دفع ضرائب تأخير عشرة أيام
  • 2:59 - 3:02
    تخلّصت منه، وقلت في نفسي:
  • 3:02 - 3:05
    "دع هذا جانباً بالخصوص. دع هذا جانباً!
  • 3:05 - 3:09
    إذا أردت أن تكتب، يجب وضع هذا جانباً."
  • 3:09 - 3:12
    هذا ما فعلته، صعدت وكتبت مقالتي،
  • 3:12 - 3:13
    وأرسلتها، لاحقاً،
  • 3:15 - 3:18
    بعيداً عن التأثّر،
    عن خسارة زملائي،
  • 3:20 - 3:22
    كان شيء ما يزعجني:
  • 3:23 - 3:26
    رأيت من جديد تلك البقعة البيضاء اللامعة،
  • 3:28 - 3:30
    ولم أفهم معناها.
  • 3:32 - 3:35
    وهنا، بعد مرور الحرب...
  • 3:37 - 3:39
    قلت في نفسي، إنه غير ممكن.
  • 3:39 - 3:42
    لا يمكن أن لا أعرف ما حدث.
  • 3:42 - 3:44
    لأنها لم تكن المرة الأولى،
  • 3:44 - 3:46
    ليس فقط بخصوصي،
  • 3:46 - 3:50
    رأيت لدى الآخرين أشياء من هذا النوع
  • 3:50 - 3:52
    خلال 20 أو 35 سنة من التقارير الصحفية.
  • 3:53 - 3:57
    رأيت أشياء أثّرت فيّ أيضاً، ولكن مثلاً،
  • 3:57 - 4:00
    في لُبنان، عرفت رجلاً،
  • 4:00 - 4:02
    كان عمره 25 سنة، 5 سنوات من الحرب
  • 4:02 - 4:04
    كان محارباً قديماً نتتبعه في كل مكان!
  • 4:04 - 4:08
    كان يزحف ليلاً، بكلّ امان،
  • 4:09 - 4:12
    كان عسكرياً، جندياً حقيقياً! وكنا نتبعه
  • 4:12 - 4:14
    لأننا كنا نعرف أننا في أمان معه.
  • 4:14 - 4:18
    يوماً قالوا لي، وتأكدت من ذلك،
  • 4:18 - 4:20
    أنه كان يلعب الورق في الثكنة،
  • 4:21 - 4:26
    وأن شخصاً دخل وأفرغ سلاحه،
  • 4:26 - 4:35
    وأن إطلاق النار وحده ألقاه
    تحت الطاولة كطفل!
  • 4:35 - 4:38
    ارتجف، وذُعر!
    ومنذ ذلك الحين،
  • 4:38 - 4:42
    لم يستطع الوقوف والقتال.
  • 4:42 - 4:46
    وانتهى، وجدته يعمل في كازينو بيروت
  • 4:46 - 4:48
    لأنه لم يعد يستطيع النوم أبداً،
  • 4:48 - 4:50
    وبالتالي ناسبه العمل.
  • 4:50 - 4:56
    قلت في نفسي، ما هذا الشيء الذي بإمكانه
  • 4:56 - 5:02
    أن يقتلك بلا جروح ظاهرة؟ ماذا يحدث؟
  • 5:03 - 5:06
    ما هذا الشيء المجهول؟
  • 5:07 - 5:12
    كان يحدث كثيراً لدرجة أنه
    أكثر من مجرد صدفة.
  • 5:12 - 5:15
    إذن، بدأت البحث، هذا كل ما أجيده.
  • 5:15 - 5:25
    بدأت البحث في الكتب، لدى الأطباء النفسيين،
    المتاحف، المكتبات...إلخ.
  • 5:26 - 5:30
    وهنا اكتشفت أن هناك أشخاصاً يعرفون،
  • 5:31 - 5:35
    معظمهم أطباء نفسيون عسكريون،
    وأننا كنا في مواجهة شيء
  • 5:35 - 5:41
    يسمونه "صدمة"، ويسميه الأمريكون
    PTDS، صدمة، اضطراب ما بعد الصدمة،
  • 5:42 - 5:49
    أنه كان شيئاً موجوداً، لا يتحدث عنه أحد.
  • 5:52 - 5:55
    ولكن ما هذه الصدمة؟
  • 5:55 - 5:58
    إنها لقاء مع الموت.
  • 5:59 - 6:02
    لا أعرف هل رأيتم الموت أمامكم،
    لا أتحدث عن الجثث،
  • 6:02 - 6:07
    لا أتحدث عن جثة الجدّ فوق سرير المستشفى،
    لا!
  • 6:07 - 6:11
    ولا عن شخص انقلب على الطريق.
  • 6:11 - 6:17
    أتحدث عن اللقاء مع العدم والموت.
  • 6:17 - 6:23
    وهذا لا نملك الحق في رؤيته.
  • 6:23 - 6:29
    قال القدامى: لا يمكن رؤية الشمس
    والموت وجهاً لوجه.
  • 6:29 - 6:33
    لا يملك الإنسان الحق في رؤية
    فراغ الموت أمامه.
  • 6:33 - 6:41
    وحين يحدث هذا، يظل غير مرئي لبعض الوقت،
  • 6:41 - 6:44
    أياماً، أسابيع، أشهر، أحياناً أعواماً .
  • 6:44 - 6:52
    ثم فجأة ينفجر ذلك، لأنه شيء يدخل الدماغ.
  • 6:52 - 6:59
    يشبه النافذة، بين صورة ودماغنا،
    ثم يلوذ بداخله،
  • 6:59 - 7:04
    يبقى هناك ويحتل كلّ مساحة الدماغ.
  • 7:05 - 7:08
    وهنا ترون أشخاصاً، رجالاً، نساءً،
  • 7:09 - 7:12
    فجأة، لا ينامون على الإطلاق،
  • 7:12 - 7:16
    تنتابهم أزمات قلق ورعب مروعة!
  • 7:16 - 7:18
    إنه الرعب! وليست مخاوف صغيرة.
  • 7:18 - 7:20
    يرفضون النوم نهائياً،
  • 7:20 - 7:21
    لأنهم حين ينامون،
  • 7:21 - 7:24
    يعيشون كلّ ليلة نفس الكابوس،
  • 7:24 - 7:27
    كلّ ليلة نفس الصورة. ما هي الصورة؟
  • 7:27 - 7:31
    إنها تشبه صورة مقاتل يدخل عمارة،
  • 7:31 - 7:34
    ويجد نفسه في مواجهة مقاتل آخر يصوّب نحوه،
  • 7:34 - 7:38
    يرى رأس البندقية، الذي يصبح فجأة عملاقاً
  • 7:38 - 7:44
    ومشوهاً، صوفياً، ويبتلع كلّ شيء.
    وهنا يقول...
  • 7:47 - 7:50
    بعد ذلك يقول:"لقد رأيت الموت،
    رأيتني ميتاً، أنا ميت"
  • 7:50 - 7:54
    ومن هذه اللحظة، يدرك أنه ميت.
  • 7:55 - 8:00
    إنه ليس تصوّراً، يقتنع بأنه ميت فعلاً.
  • 8:00 - 8:02
    وهذه البندقية، في تلك اللحظة، يصل شخص ما،
  • 8:02 - 8:05
    ويذهب الآخر، لا يطلق النار، لا يهمّ،
  • 8:05 - 8:07
    هو ميت في هذه اللحظة.
  • 8:07 - 8:09
    يمكن أن تكون أيضاً رائحة مقبرة.
  • 8:09 - 8:11
    رأيت الكثير منهم في رواندا.
  • 8:11 - 8:14
    يمكن أن يكون صوت صديق يُنادي،
  • 8:15 - 8:18
    تحت تأثير الجروح ولا نستطيع فعل شيء لأجله.
  • 8:18 - 8:22
    نسمع ذلك الصوت، كلّ ليلة، طيلة أسابيع،
  • 8:22 - 8:25
    أشهر، ثم يستيقظ الرجل.
  • 8:26 - 8:29
    مٌغمى عليه، خائفاً، مُرهباً، كطفل.
  • 8:29 - 8:34
    رأيت رجالاً يبكون، لكن كالطفل،
  • 8:34 - 8:38
    وهم يرون نفس الصورة.
    إذن بداخل الدماغ،
  • 8:38 - 8:44
    صورة الرعب، صورة العدم والموت،
  • 8:44 - 8:46
    التي تسمى (الآخر الذي يشبهك)،
  • 8:46 - 8:48
    أي صورة تُخفي شيئاً،
  • 8:48 - 8:49
    تحتل كلّ شيء.
  • 8:49 - 8:52
    لا يمكن أن يفعل أي شيء آخر.
  • 8:52 - 8:54
    لا يمكن أن يعمل،ولا أن يحبّ.
  • 8:54 - 8:56
    يعود لمنزله، لا يتذكر أحداً.
  • 8:56 - 8:59
    ولا حتى نفسه.
  • 9:00 - 9:05
    يختبئ في منزله، ثم ينغلق!
  • 9:05 - 9:08
    أعرف من كانوا يضعون
    مُعلبات صغيرة في الخارج
  • 9:08 - 9:11
    مع قطع نقدية في حالة مرور شخص من هناك.
  • 9:11 - 9:13
    وفجأة يرغب في الموت، يرغب في القتل،
  • 9:13 - 9:15
    يرغب في الاختباء، في الهرب،
  • 9:15 - 9:18
    يريد أن نحبه، يكره البشر،
  • 9:18 - 9:24
    ثم يغمره شيء ما بين ليلة وضحاها،
  • 9:24 - 9:31
    ثم يعاني من المأساة.
    ولا يفهم الآخرون أي شيء.
  • 9:31 - 9:33
    يقولون له:"لا تقلق، أنت بخير،
  • 9:33 - 9:36
    لست مصاباً، لقد كنت في الحرب، وعدت."
  • 9:36 - 9:42
    هؤلاء الأشخاص يعانون وبعضهم ينتحرون:
  • 9:42 - 9:44
    بعد كل شيء، الإنتحار هو تحديث مذكرتك فقط
  • 9:44 - 9:46
    ما دمت ميتاً أصلاً،
  • 9:46 - 9:49
    لا مشكلة إذا انتحرت، فلا ألم بعدها.
  • 9:49 - 9:51
    البعض ينتحرون، والبقية ينتهي
    بهم المطاف تحت الجسور
  • 9:51 - 9:52
    ويبدؤون الشرب...
  • 9:52 - 9:57
    لديكم جميعاً في ذاكرتكم
    قصة الجد أو العم/الخال،
  • 9:57 - 9:59
    أو الجار الذي كان يشرب، ولا يقول أي شيء،
  • 9:59 - 10:01
    الذي كان عنيفاً، ويضرب زوجته
  • 10:01 - 10:05
    والذي انتهى به الأمر إلى
    إدمان الشرب أو الموت.
  • 10:06 - 10:10
    ولا يتحدثون عنه، لا نتحدث عنه، لماذا؟
  • 10:10 - 10:13
    لأنه طابو! لا يمكننا القول،
  • 10:13 - 10:15
    لا يملك الإنسان الكلمات
    ليقول العدم والموت.
  • 10:16 - 10:18
    ولكن الآخرين لا يمكنهم سماعه!
  • 10:18 - 10:19
    أنا عندما عُدت من العمل،
  • 10:19 - 10:21
    في المرة الأولى قالوا لي: "آه لقد عاد !"
  • 10:21 - 10:23
    كان هناك عشاء، وغطاء طاولة أبيض،
  • 10:23 - 10:24
    شموع، ومدعوون،
  • 10:24 - 10:27
    "تعالَ، احكِ!" ثم رويت لهم.
  • 10:28 - 10:30
    بعد 20 دقيقة اختلفت نظرة الجميع لي،
  • 10:30 - 10:32
    صاحبة المنزل حشرت أنفها في مرمدة السجائر
  • 10:32 - 10:34
    كان ذلك مرعباً،
  • 10:34 - 10:35
    وفهمت أني خرّبت الأمسية.
  • 10:35 - 10:37
    لذلك الآن لم أعد أحكي،
  • 10:37 - 10:39
    لا أحد مستعد لسماع هذا،
  • 10:39 - 10:40
    يقولون: "آه، توقف!"
  • 10:41 - 10:43
    هل هي حالات نادرة؟
  • 10:43 - 10:45
    لا. إن هذا متكرر.
  • 10:45 - 10:47
    ثلث الجنود الموتى في العراق...
  • 10:47 - 10:50
    أوه، الموتى، أعتذر عن زلة اللسان.
  • 10:50 - 10:53
    ثلث الجنود العراقيين،
    الأمريكيين في العراق،
  • 10:53 - 10:55
    يعانون من اضطراب
    ما بعد الصدمة.
  • 10:55 - 10:57
    سنة 1939، كان لا يزال في
  • 10:57 - 10:58
    مستشفيات الأمراض
  • 10:58 - 10:59
    النفسية الإنجليزية
  • 10:59 - 11:04
    200.000 جندي من الحرب العالمية الأولى.
  • 11:05 - 11:09
    في فيتنام، كان هناك 54.000 ميتاً أمريكياً.
  • 11:09 - 11:12
    سنة 1987، أحصت الحكومة الأمريكية
  • 11:13 - 11:16
    102.000 حالة انتحار بين الجنود.
  • 11:17 - 11:20
    أكبر مرّتين من عدد موتى الفيتنام.
  • 11:20 - 11:23
    تفهمون إذن أنه شيء يغطي كلّ شيء!
  • 11:23 - 11:25
    ليس فقط الحروب المعاصرة، الحروب القديمة،
  • 11:25 - 11:27
    نجدها في النصوص القديمة!
  • 11:27 - 11:29
    لقد تمّت روايتها، قولها،
  • 11:29 - 11:30
    لم لا نتحدث عنها؟
  • 11:30 - 11:32
    لماذا لم نتحدث عنها؟
  • 11:33 - 11:37
    لأن المشكلة أنه إذا لم يتحدث هذا الشخص
  • 11:38 - 11:40
    فإنه يسير نحو الهاوية.
  • 11:40 - 11:44
    إذن، الطريقة الوحيدة للعلاج،
  • 11:44 - 11:47
    لأن الخبر الجيد هنا أنه يمكن معالجتها:
  • 11:49 - 11:52
    صرخة ميونخ و غويا و غيرها،
    نعم يمكن معالجتها!
  • 11:52 - 11:57
    الطريقة الوحيدة لمعالجة الصدمة،
  • 11:57 - 12:01
    هذا اللقاء مع الموت،
    الذي يصدمك، يفزعك، ويقتلك،
  • 12:02 - 12:06
    هو أن تتمكن من الحديث عنه.
  • 12:07 - 12:08
    روى أحدهم عن القدامى :
  • 12:08 - 12:12
    "نحن البشر نُواسي
    بعضنا البعض باللغة"
  • 12:12 - 12:14
    إذا انعدمت اللغة، انعدمنا أيضاً.
  • 12:14 - 12:17
    نحن بشر فقط لهذا السبب.
  • 12:17 - 12:19
    وفي مواجهة صورة الرعب هذه،
  • 12:19 - 12:20
    التي لا كلمات لوصفها،
  • 12:20 - 12:24
    لأنها مجرد صورة عدم تستحوذ علينا،
  • 12:24 - 12:27
    الطريقة الوحيدة للنفاذ بجلدنا،
  • 12:28 - 12:30
    هي أن نعبر عنها بالكلمات البشرية.
  • 12:30 - 12:33
    لأن هؤلاء يشعرون بأنهم
    مستبعدون من البشرية:
  • 12:33 - 12:35
    لا نرغب في رؤيتهم،
    ولا يرغبون في رؤيتنا.
  • 12:35 - 12:38
    يشعرون بأنهم قذرون، ملوثون، مُخجلون.
  • 12:38 - 12:40
    قال أحدهم:" هل تعرف يا دكتور،
  • 12:40 - 12:41
    لم أعد أركب الميترو
  • 12:41 - 12:44
    لأني أخشى أن يرى الناس الفزع الذي بداخلي
  • 12:44 - 12:45
    في عيني."
  • 12:45 - 12:46
    وقال آخر...--
  • 12:46 - 12:48
    كان مصابا بمرض جلدي مخيف،
  • 12:48 - 12:49
    قضى 6 أشهر لدى طبيب الجلد،
  • 12:49 - 12:51
    تمّ تمريره من قسم إلى آخر،
  • 12:51 - 12:54
    وفي النهاية قالوا:" فليذهب لطبيب نفسي."
  • 12:54 - 12:56
    ثم قال للطبيب في الحصة الثانية
  • 12:56 - 12:58
    (كان مرضه الجلدي يمتد حتى قدميه)
  • 12:58 - 13:02
    قال:"لماذا أنت في هذه الحالة؟"
  • 13:02 - 13:04
    أجابه المريض:"لأنني ميت، إذن أنا أتحلل."
  • 13:05 - 13:09
    هل ترون إذن كيف يلمس هذا أعماق الناس.
  • 13:10 - 13:12
    للعلاج يجب الحديث عن هذا،
  • 13:12 - 13:16
    يجب التعبير عن الفزع بالكلمات.
  • 13:16 - 13:20
    كلمات البشر، التّمكن من الحديث بعفوية،
  • 13:20 - 13:24
    يجب مواجهة الموت مباشرة.
  • 13:25 - 13:29
    إذا نجحنا في فعل هذا، وتحدثنا عنه،
  • 13:30 - 13:32
    عندها، نبدأ في استعادة جانبنا البشري
  • 13:32 - 13:36
    شيئاً فشيئاً عن طريق الكلمات.
  • 13:38 - 13:41
    وهذا مهم، لأن الصمت يقتلنا!
  • 13:42 - 13:47
    ما معنى هذا؟ معناه اننا إذا فقدنا
  • 13:47 - 13:49
    خفّة الكائن التي لا تُحتمل،
  • 13:49 - 13:52
    وفقدنا إحساسنا بالخلود الذي يجعلكم هنا،
  • 13:52 - 13:54
    إذا كنتم هنا، فلأنكم تشعرون بقناعة
  • 13:54 - 13:56
    أنكم خالدون! لستم كذلك!
  • 13:56 - 13:58
    وإلاّ فلن تكونوا هنا،
    ستقولون:
  • 13:58 - 13:59
    "ما نفع هذا؟"
  • 13:59 - 14:02
    أما هم، فقدوا هذا الإحساس بالخلود.
  • 14:02 - 14:04
    فقدوا خفّتهم. ولكن وجدوا شيئاً آخر!
  • 14:05 - 14:07
    يعني أننا إذا بدأنا نرى الموت أمامنا،
  • 14:10 - 14:14
    وبدأنا نواجهه بدل الصمت والاختباء،
  • 14:15 - 14:17
    هناك رجال أو نساء أعرفهم
  • 14:17 - 14:19
    -- مايكل من رواندا،
  • 14:19 - 14:24
    كارول من العراق، فيليب من الكونغو،
  • 14:24 - 14:25
    كلّ من عرفتهم،
  • 14:25 - 14:27
    سورج كالوندون، الذي هو كاتب كبير الآن
  • 14:27 - 14:29
    ترك التقارير بعد صدمة.
  • 14:29 - 14:31
    لدي 4 أو 5 أصدقاء انتحروا،
  • 14:31 - 14:34
    ولم ينجوا بعد الصدمات.
  • 14:34 - 14:39
    إذا تمكنا من مواجهة الموت،
  • 14:39 - 14:42
    إذا عرفنا نحن البشر الفانون،
  • 14:42 - 14:45
    أين نكون بشراً وفانين، فانين وبشر،
  • 14:45 - 14:49
    إذا نجحنا في مواجهة هذا ووضعه على
  • 14:49 - 14:53
    هذا الشيء الذي هو الأرض المجهولة أكثر
  • 14:53 - 14:55
    من كل الأراضي المجهولة
  • 14:55 - 14:58
    ما دام لم يرها أحد.
  • 14:58 - 15:00
    إذا نجحنا في وضع أشياء عليها،
  • 15:01 - 15:09
    نعم، يمكننا أن نموت، ننجو ونعيش من جديد،
  • 15:06 - 15:13
    ولكن أقوى، أقوى بكثير من قبل.
  • 15:14 - 15:15
    شكرا لكم.
  • 15:15 - 15:16
    (تصفيق)
Title:
الصدمة المُرعبة بعد لقاء مع الموت
Speaker:
جون-بول ماري
Description:

في أبريل/نيسان من عام 2003، عندما بدأت عملية نشر القوات الأمريكية في بغداد، سقطت قذيفة على المبنى حيث كان الكاتب و المراسل العسكري (جون-بول ماري) متموقعا. في تلك اللحظة، وجد نفسه أمام الموت المحقق و هناك تعرف على الشبح الذي يطارد أولئك الذين يخاطرون بحيواتهم منذ فجر التاريخ. يتسائل (ماري) "ما هو هذا الشيئ الذي يقتلكم دون ترك أي جرح خارجي؟"، نحن نعرفه تحت مسمى "اضطراب ما بعد الصدمة" -- أو كما يصفه (ماري) باللقاء مع شبح الموت. في خلال مهمته سيقوم بالبحث عن إجابات بخصوص الظروف البشرية و الوفيات و الصدمة النفسية المترتبة عن الرعب.

more » « less
Video Language:
French
Team:
closed TED
Project:
TEDTalks
Duration:
15:30

Arabic subtitles

Revisions