ما هي حقيقة التوحد؟

يقول إيثان ليسي أن التوحد ليس مرضاً، إنه طريقة أخرى في التفكير. يعرض إيثان لمحة عن كيفية مواجهته للعالم، يفند الرأي الشائع المضلل حول التوحد، ويوضح السلوكيات الشائعة كالتحفيز الذاتي والتنكر ويعزز الفهم الشامل لاضطراب طيف التوحد.

التوحد شيء يعلم عنه العديد من الناس.

على سبيل المثال، يظن البعض

أن المتوحد هو ذكر ذو بشرة فاتحة

يتحدث بنغمة واحدة

ويكرر نفس الموضوع بشكل مستمر.

يظن البعض أيضاً أن الأشخاص المتوحدين
لا يميزون بين الصواب والخطأ.

ويتجنبون لفت الانتباه

وعادةً ما يقولون الشيء الخاطئ
في الوقت الخاطئ.

يظن البعض أن الشخص المتوحد
هو شخص غير ملائم اجتماعياً

ويفتقر إلى حس الدعابة والتعاطف مع الغير.

الآن، إن كنتم تتفقون مع ما قلته للتو،

يؤسفني أن أقول لكم،

ليس لديكم الانطباع الصحيح حول التوحد.

كيف أعلم ذلك؟

لأنني متوحد.

لدي بعض الهواجس حول أشياء
مثل الإلكترونيات،

والنقل العام،

لكن هذه الأمور لا تعبر عني.

كل واحد منا مختلف ومميز بطريقته الخاصة.

لكن ليس هنالك الكثير من المعلومات

حول ماهية حياة الشخص المتوحد،

لذا يلجأ الأشخاص للرأي الشائع.

وغالباً ما نرى ذلك في وسائل الإعلام.

بعض الأمور الشائعة في وسائل الإعلام،

تشمل كون المتوحد غير ملائم اجتماعياً،

ويفتقد التعاطف مع الآخرين،

وحتى كونه عبقرياً خارقاً.

لم تتوقف المعرفة حول التوحد عند هذا الحد.

هل تعلمون أن البعض
يحاول إيجاد علاج للتوحد؟

لأنهم يرونه كشيء سلبي،

مثل المرض.

تحدى الكثيرون هذه الفكرة

وبالنسبة لنا، نعتقد أن التوحد ليس مرضاً.

إنه فقط طريقة أخرى للتفكير ورؤية العالم.

تعمل أدمغتنا بشكل مختلف
عن أدمغة معظم الناس.

فكروا في الأمر مثل المقارنة بين إكسبوكس
وبلاي ستيشن.

كلاهما لوحتان معالجة بقدرة عالية
لكن مع برمجة مختلفة.

لكن إن وضعتم لعبة خاصة بالإكسبوكس
في جهاز البلاي ستيشن،

لن تعمل، لأن البلاي ستيشن
تتواصل بشكل مختلف.

عندما أنظر في المرآة،

أرى شخصاً يفكر بشكل مختلف.

وأرى كذلك شعراً رائعاً.

(ضحك)

(تصفيق)

لكن السؤال هو:

هل أكون مريضاً فعلاً إذا فكرت بشكل مختلف؟

المشكلة الرئيسية مع عيش حياة التوحد
في مجتمع اليوم

هي أن العالم لم يُبنى من أجلنا.

هنالك العديد من الأمور
التي تسبب لنا الإرباك.

على سبيل المثال،

الشيء الذي يربكني طوال الوقت
هو الضجيج الصاخب،

ما يعني أنني لا أرفع صوت الموسيقى
بشكل كبير

ولست عادة ً من معجبي الحفلات الكبيرة.

ولكن أشخاصاً آخرين ربما تربكهم

أشياء كالضوء الساطع أو الروائح القوية

أو الملمس اللزج

وكل ذلك له القدرة على إثارة القلق.

فكروا في جميع التجمعات الاجتماعية
التي كنتم فيها في السابق.

هل كانت تتضمن موسيقى صاخبة؟

هل كانت تتضمن أضواءً ساطعة؟

هل كانت هنالك روائح طعام
مختلفة ومنتشرة في ذات الوقت؟

هل كان هنالك العديد من المحادثات
التي تجري في ذات الوقت؟

ربما لا تزعجكم هذه الأمور،

لكن بالنسبة لشخص متوحد،

يمكن أن تكون مربكة.

لذلك في هذه المواقف، نقوم بشيء
يدعى التحفيز الذاتي،

وهو عبارة عن تكرار لحركة أو ضجيج

أو سلوك عصبي عشوائي
ربما يبدو عادياً أو لا.

البعض ربما يخفق بذراعيه،

أو يصدر ضجة أو يدور.

نعم، إنها طريقتنا في التعبير.

نحن بحاجة غالباً لأن نجري نفس الحركات.

على كل حال، غالباً يثير هذا الامتعاض،

ونُجبر على إخفائه.

عندما نُجبر على إخفاء سلوكنا المتوحد هذا،

يدعى هذا التنكر.

والبعض يجيد التنكر أفضل من الآخرين.

أتنكر جيداً في بعض الأحيان
لدرجة أن البعض لا يعلم أني متوحد،

إلى أن أبوح لهم بالسر الكبير. (ضحك)

ولكن في نهاية اليوم، يصبح مرهقاً فعلاً.

حتى أن إنجاز أعمالي في الليل

يصبح أمراً متعباً جداً.

يظن البعض،

بفضل قدرتنا على التنكر،

أن هذا علاج التوحد.

ولكن حقيقة الأمر أنه يجعلنا نشعر بالخجل

من إظهار حقيقة أنفسنا.

من الآراء الشائعة والمترافقة
مع التوحد أيضاً

أن المتوحدين يفتقرون التعاطف مع الآخرين.

مجدداً، هذا ليس صحيحاً.

حقاً لدي الكثير من التعاطف،

لكنني لا أجيد إظهار ذلك.

عندما يحاول أحد الأصدقاء أن يخبرني

بعض الصعوبات التي يمر بها،

غالباً لا أعلم كيف أعبر عن رد فعلي.

لذلك أنا لا أظهر الكثير من التعاطف

كما يفعل أصدقائي غير المتوحدين.

التعبير العاطفي،
سواء كان قليلاً أم كثيراً،

هو أمر صعب بالنسبة لي.

وذلك بسبب أني أنفجر من الداخل

بكل العواطف مجتمعة.

مع ذلك بالتأكيد،
لا يمكنني التعبير عنه بتلك الطريقة.

بطريقة أخرى، على سبيل المثال، السعادة،

يمكن أن تصدر كانفجار كبير من فرط البهجة

والتخبيط بالأيدي والصريخ.

(ضحك)

بينما أنتم تبتسمون فقط.

(ضحك)

سواءً عند تلقي هدية عيد ميلاد جميلة

أو الاستماع إلى قصة مأساوية في الأخبار،

لا يمكنني التعبير عن ردة فعلي
بدون أن أنفجر.

مرة أخرى، علي أن أتنكر لكي أظهر طبيعياً.

شعوري الداخلي غير محدود،

لكن عقلي يدفعني للتعبير
بشكل مبالغ فيه أو عدم فعل أي شيء.

لذلك...

أنا لست بارعاً في عواطفي،

وأتواصل بشكل مختلف،

وبسبب ذلك، تم تشخيصي باضطراب طيف التوحد.

هذا التشخيص ساعدني
وساعد أصدقائي وعائلتي

لمعرفة كيف يعمل عقلي.

وفي العالم،

تقريباً 1% من السكان

يشخصون باضطراب طيف التوحد.

وهذا الرقم يزداد.

على كل حال، ما زلنا أقلية.

وهنالك الكثيرين ممن لا يرون أننا مساوون

للآخرين.

هذه عائلتي.

وفي عائلتي،

هنالك شخص آخر متوحد.

أمي.

نعم، يمكن للنساء البالغات أن تكن متوحدات.

أبي وأخي غير متوحدين.

أحياناً، قد يكون من الصعب
قليلاً لنا التواصل.

على كل حال،

أحياناً أقول أشياء مثل:

"أوو، محطة اتحاد تورنتو، أليس كذلك؟"

ظاناً أن بإمكاني

مساعدتهم على تذكر أوجه محددة لها.

عندما يصابون بالارتباك،
يكون علي غالباً أن أوضح لهم قصدي.

وغالباً يكون علينا أن نقول أشياء

بعدد من الطرق المختلفة
ليتمكن الجميع من الاستيعاب.

على كل حال،
على الرغم من كل ذلك،

نحن نحب ونحترم بعضنا كأشخاص متساوين.

في كتابه "نيوروترايبز"،

يشير الكاتب ستيف سيلبيرمان
إلى أن التوحد والحالات العقلية الأخرى

يجب أن يُنظر إليها كصفات إنسانية طبيعية،

وكجزء طبيعي من الطيف البشري،

وليس كعيوب.

وهذا شيء أتفق معه بشكل كامل.

إذا نُظر إلى التوحد
كجزء من الطيف البشري الطبيعي،

سينجح العالم بشكل أفضل للأشخاص المتوحدين.

أنا لا أشعر بالخجل بسبب كوني متوحداً.

وربما لا أفكر مثلكم،

أو أتصرف مثلكم،

لكني ما زلت إنساناً ولست مريضاً.

شكراً لكم.

(تصفيق)