العقل اللاواعي وإدراك العالم | ليونارد ملودينو | TEDxBratislava

عندما كان طفلاً، كان ليوناردو مهتماً بعلوم الرياضيات، الكيمياء والكيمياء العضوية. تحول اهتمامه للفيزياءعندما أخذ إجازة من الكلية لفصل دراسي لإنفاقه على الكيبوتز في إسرائيل، حيث لم يكن لديه الكثير ليفعله في الليل إلى جانب قراءة محاضرات فينمان في الفيزياء.

بينما كان طالب دكتوراه في جامعة كاليفورنيا، بيركلي، وفي هيئة التدريس في كالتيك، شارك في تطوير نوع جديد من نظرية الاضطراب لمشاكل القيمة الذاتية في ميكانيكا الكم. في وقت لاحق، قام بعمل رائد في نظرية الكم لوسائل العزل الكهربائي.

بين عامي 2008 و2010، عمل ملودينوعلى كتاب مع ستيفن هوكينج بعنوان "التصميم الكبير". وبصرف النظر عن أبحاثه وكتبه عن العلوم الشعبية، فقد كان كاتب سيناريو لمسلسلات تلفزيونية، بما في ذلك رحلة النجمة: الجيل القادم وماكجيفر.

تم تقديم هذا الحديث في حدث TEDx باستخدام تنسيق مؤتمر TED ولكن تم تنظيمه بشكل مستقل من قبل المجتمع المحلي. لمزيد من التفاصيل http://ted.com/tedx.

مرحباً، سأتحدث اليوم عن العقل اللاواعي

وتأثيره على سلوككم وإدراككم للعالم،

وبشكل خاص العالم الاجتماعي.

لذا سأبدأ بتعريف ماذا أقصد باللاوعي.

يعرف العلماء حالياً العمليات اللاواعية

بأنها، قبل كل شيء، عمليات تحدث دون القيام
بأي مجهود من قبلك

بلا مجهود واعي على الأقل وهي عمليات ذاتية.

لا تستطيع إدراك حدوثها.

أنت لا تحتاج إلى قوة الإرادة لتخلقها،

فهي خارجة عن سيطرتك.

وبالنتيجة، لا ندرك فعلياَ ما الذي يؤثر
علينا بطرق عديدة،

ولا نستطيع غالباً تجنب
السلوكيات الناتج عنها.

ولكن اللاوعي هنا ليس كاللاوعي الفرويدي،
دعوني أوضح لكم.

يشير مفهوم اللاوعي الفرويدي إلى اللاوعي

المخفي عنا لأسباب تحفيزية أو عاطفية

ويمكن إظهاره من خلال
التأمل الباطني أو العلاج.

لكن المفهوم الحديث للاوعي
يختلف بشكل كبير عن ذلك.

فهو شيء يتطور بشكل تقدمي
ليساعدنا على الاندماج مع عالمنا،

عالمنا الإدراكي والمجتمعي،

ويتوضع اللاوعي في أجزاء من دماغك

لا تسمح طبيعة هذه الأجزاء
بالتواصل مع العقل الواعي.

ويدعى المجال الذي سأتحدث عنه
بعلم الأعصاب الاجتماعي.

يتكون علم الأعصاب الاجتماعي
من مزيج من ثلاثة مجالات.

المعروف أنه لدينا علم النفس الاجتماعي،

والذي يشكل أحد مجالات علم النفس
التي تبحث كيفية تعامل الأفراد مع بعضهم،

وعلم النفس المعرفي، وهو علم يدرس كيف نفكر.

ولكن في منتصف عام 1990،
ظهر مجال جديد يدعى علم الأعصاب.

يرتكز علم الأعصاب بشكل كبير
على التكنولوجيا الجديدة،

وعلى العديد من التقنيات الجديدة ولكن
أحدها هو السائد بشكل خاص،

وتدعى هذه التقنية fMRI،
أو التصوير الوظيفي بالرنين المغناطيسي،

والتي تعد صعبة بعض الشيء،

ولكن ربما تكون الMRI مألوفة لديكم
من خلال الفحوص الطبية،

والتي تقدم لكم صورة واضحة
لأعضائكم الداخلية.

حسناً، تحمل الfMRI
كلمة "وظيفية" في بدايتها

لأنها تزودنا أيضاً،عندما نستخدمها
في تصوير الدماغ،

بالجزء الذي يعمل من الدماغ.

فعلى سبيل المثال، يمكن أن تلاحظوا هنا.

أن هذا يشكل ثورة في علم النفس

لأن علم الأعصاب الاجتماعي والحديث
أو علم النفس،

الذي يتطور انطلاقاً من ذلك،
لا يعتمد فقط على دراسات السلوك

وإنما يرتبط بالدراسات
التي تُعنى بالذي يجري داخل الدماغ.

وهذا ما يجعل من المفاهيم أكثر تحديداً

ويجعل منها علم صعب للغاية.

سأقدم لكم مثالاً عن الfMRI وكيف يعمل،

وما سنحصل عليه من نتائج.

هذه دراسة أقيمت في بيركلي،

حيث تم عرض شرائح مختلفة ليراها
المشاركون

ويمكنكم رؤية أربعة من هذه الشرائح هنا.

كان المشاركين ينظرون إلى الشرائح
عبر نظارات واقية

وذلك أثناء استلقائهم داخل آلة الfMRI.

قام العلماء بأخذ البيانات من دماغهم

ولم يأخذوا هذه البيانات من الشرائح وإنما
أخذوا فقط القراءات من دماغهم

من القشرة البصرية وأجزاء أخرى من دماغهم

والتي ترتبط بالطبيعة المواضيعية
لما كانوا يرونه.

ويطلبون من الكمبيوتر إعادة تشكيل الشرائح
التي كان يراها الأشخاص

كنوع من قراءة الأفكار.

قام الكمبيوتر بأخذ كل البيانات

ومن ثم اتطلع على قاعدة البيانات
التي تحوي 6 ملايين صورة

واختار المجموعة الأقرب.

فكما نرى، فإنها تكاد تكون متماثلة،

ليس فقط بالمخطط
والبيانات الفيزيائية للشرائح،

لكن مواضيعيّاً،
فقد كانت أشبه بقراءة الأفكار.

لذا سأتحدث اليوم
عن العقل اللاواعي من جانبين.

الجانب الأول هو إدراكنا الفيزيائي
والآخر هو إدراكنا الاجتماعي.

الفكرة الرئيسية هنا هي
أننا نكوّن تصورنا الخاص عن الآخرين،

وعن الوضع الاجتماعي، والعمل،
والوضع الاقتصادي،

وذلك باستخدام تفكيرنا الواعي
وعقلنا الباطن.

سأبدأ من الإدراك الحسي لشرح ذلك،

من ناحية لأن الإدراك الحسي

أكثر درامية وسهولة لتوضحيه
في حديث مثل هذا

ومن ناحية أخرى لأن الطرق التي نعيد بها
بناء الواقع انطلاقاً من بيانات محددة

تكون متماثلة في كل من
الإدراك الحسي والإدراك المجتمعي.

أودّ منكم أن تبتعدوا عن التفكير
أن إدراكاتنا،

البصرية منها والسمعية

وذكرياتنا وإدراكنا المجتمعي،

جميعها ليست تماماً نتاج عما يحدث بالخارج،

وإنما يقوم الدماغ بتركيبها

من مايحدث بالخارج ومن أشياء أخرى،

كالموضوع، والتوقع وحتى الرغبة.

أود أن تبتعدوا عن التفكير أن
الطريق الذي نكتشف به العالم

يتم تسييره بالشكل الأكبر
عبرهذه المعالجة اللاواعية.

إليكم مثالاً.

هذا ما ستدركونه عندما ستنظرون
إلى الطريق مثلاً.

فليس هذا ما يصل إلى شبكية عينك.

البيانات التي تصل إلى شبكية العين
أكثر ضبابية، حيث تبدو كهذا.

تم إضافة النقطة الصفراء
لإظهار المكان الذي كان ينظر إليه الشخص.

لم يتم إضافة النقطة السوداء.

حيث يرتبط فيها العصب البصري بالشبكية،
ولايوجد هناك أي بيانات

إذاً تلتقط أعينكم هذه البيانات الضبابية

وبدون أي جهد وبشكل ذاتي
وبدون أي تحكم من قبلكم

تحول أعينكم هذه البيانات إلى صورة واضحة.

سأوضح ذلك بشكل خاص من خلال هذه الشريحة.

إذا نظرتم هنا، سترون لعبة الداما،

وربما ترون المستطيل مع حرف B في داخله

يبدو كمربع أبيض-

والمستطيل مع حرف A في داخله،
يبدو كمربع أسود.

ولكن ما سأخبركم به الآن،

حقيقة أن حرف A و B متطابقان،

إذاًَ الضوء الفيزيائي الحقيقي المنبثق
من A وB، والذي ترونه على الشاشة،

فهو متماثل.

المربع B نفس لون المربع A.

لذا أريد منكم أن تحاولوا جعل عقلكم الواعي
أن يكون هو المسيطر هنا.

لقد قلت أن هذه العملية ذاتية
ولا يمكنكم التحكم بها.

أريد منكم أن تنظروا إلى هذا
وتروا B بنفس لون A.

عندها ستجدون أنكم غير قادرين على ذلك.

لماذا ترون B تبدو أكثر إضاءةً من A؟

إنه السياق.

قام عقلك اللاواعي بأخذ سياق هذه الصورة

وجعلك ترى B كمربع أبيض وA كمربع أسود.

ويمكنكم أن تدعوه بالوهم البصري،
ولكنه هبةٌ لكم

فلن ترغبوا أن تعيشوا حياتكم وأنتم تستقبلون
البيانات الفيزيائية الحقيقية كما هي

وتتوقفون كل بضعة ثواني لتتعرفوا على معناها

وتعيدوا تشكيل هذا النموذج
من خلال بيانات الضوء والظلام.

في حال لم تكونوا واثقين بكلامي،
اعتبروا أنني أختلق هذا،

دعوني أبعد هذا السياق من هنا.

شاهدوا ما على الشاشة،
وسوف ترون ماذا سيحدث ل A وB

إذا أبعدت السياق عن لعبة الداما.

حسناً الآن بدون السياق، يمكنكم رؤية
أن A وB متماثلان.

شكراً لكم!

(ضحك)

(تصفيق)

كان بإمكاني ذلك لو أن لدي أكثر من 18 دقيقة
لكن لا أستطيع.

إذاً هذه صورة باراك أوباما،
ربما عرفتموه.

هذا لكي أشرح لكم المكون الاجتماعي
للمعالجة العقلية عندكم.

عندما تنظرون إلى هاتين الصورتين لأوباما،

قد يظهر بأن كلتاهما لأوباما لكن
إحداهما مقلوبة والأخرى سوية.

لكن إدراكنا وتفاعلنا الاجتماعي،

مهمين جداً لنا،

لذا يعمل دماغنا بطاقة عالية ليساعدنا
على إدراكنا الاجتماعي.

تختلف هذه الصور كثيراً عن بعضها،

ولا تتشابه بشكل كبير مع بعضها،

ولكن لا يعمل إدراكك المجتمعي بسرعة عالية

لأن صورة أوباما مقلوبة،

ولم نتعود أن نرى الأشخاص مقلوبين-

ربما استطعت ذلك لو كنت مدرب يوغا
ووقفت على رأسك-

لكن معظمنا ليس كذلك، بالتالي
لا نلاحظ أنها مقلوبة.

لكن انظروا ماذا يحدث عندما
أقوم بتدوير الصورة.

فلو رأيتم هذا الشخص في الشارع،

فستقول،"إنه يشبه أوباما لكن
كما لو أن شيئاً حدث له."

(ضحك)

ربما هذا ما سيبدو عليه
بعد السباق الانتخابي.

(ضحك)

لو رأيتم هذا الشخص،
فإنكم سترونه كشخص عادي،

حسناً، يقوم الجزء الاجتماعي من دماغكم
بتفسير ذلك لكم،

ويقوم بذلك ذاتياً.

دعوني أديرهم من جديد وشاهدوا ماذا سيحدث.

حسناً، هل رأيتم كيف يعمل؟

يختفي نوع التأثير عندما يكون مقلوباً

ويعود للظهور عندما يعود للاتجاه الصحيح.

(ضحك)

دعوني أريكم مثالاً آخر عن السمع،

لأظهر لكم أن هذه ليست فقط
طريقة عمل المعالجة البصرية،

بل أيضاً السمع.

نأخذ البيانات السمعية
التي تدخل إلى آذاننا،

وكما يتلاعب بنا دماغنا
عند تركيب الصور والرؤية،

يقوم بالمثل بما يخص السمع.

اسمعوا هذه الأغنية يمكن أن تعرفوها.

أغنية ليد زيبلن "السلم نحو الجنة".

لن أعيدها أكثر من مرة.

(موسيقا: ليد زيبلن،"درج نحو الجنة")

إن كان هناك صخب عند سياجك،
لا ترجع الآن.

فهو مجرد تطهير ربيعي لملكة أيار.

نعم، هناك دربان يمكنك أن تمر بهما،
ولكن على المدى الطويل،

لا يزال لديك وقت...

تبدو لكم هذه الأغنية غالباً طبيعية جداً،

وتستطيعون ترجمتها ذهنياً

الثمانية أو عشر جمل الظاهرة هنا
قمت بتشغيلها.

والآن، سأشغلها لكم ثانية بشكل عكسي

استمعوا إليها معكوسة.

أريد منكم أن تلاحظوا،

مدى ذكاء فرقة ليد زيبلن
فقد ألفوا ملف صوتي

ذو معنى إذا شغلته بالشكل الصحيح
أو المعكوس؟

("موسيقى معكوسة: درج نحو الجنة")

(كلمات أغنية غير مفهومة)

إذاً قد سمعتم بعض المقاطع
من الأغنية وهي تشتغل بالعكس.

فهل تعتقدون أنه في حال أعطيتكم أوراقاً
فبإمكانكم كتابة جزء منها؟

أو أنها تبدو لكم كالثرثرة؟

أظن أنها تبدو للناس أشبه بالثرثرة.

وهذا لأنها ثرثرة بالفعل.

ولكن هذه الثرثرة التي دخلت إلى أذهانكم

يمكن أن يتم تحويلها إلى شيء آخر

بمساعد عقلك الباطن وذلك
بإضافة القليل من المضمون إليها.

لذا سأعيد تشغيلها بعد إضافة بعض الكلمات.

وكما بدت لعبة الداما مختلفة

عندما أبعدت المربعات
وأضفتها إلى المحتوى،

ستبدو هذه الأغنية لكم مختلفة أيضاً
عند تشغيلها بالعكس

ومع إضافة المحتوى إليها.

لذا أرجو أن تقرؤوا

(موسيقى)

[إليكم شيطاني الحلو

الشخص الذي يجعلني طريقه الصغير حزيناً

قوته الشيطان.

سوف يعطيك، سوف يعطيك666.

جعلنا نعاني في ذلك مرآب صغير،

شيطان حزين.]

والآن نحن أمام نسختين من الحقيقة.

من الناحية الفيزيائية الشيء نفسه-

كان لديك المقطع الصوتي ذاته
في المرة الأولى وهذه المرة،

لكن إدراكك مختلف تماماً

وذلك لأن هذه المرة قام عقلك بأخذ هذا
وشكل شيئاً منه.

لأريكم مرة أخرى أن هذا يحدث ذاتياً
ولايمكنك تجنبه،

أنا متأكدة أنكم تدركون أنه كان هيناً،

سوف أقوم بتشغيله مرة أخرى.

اقرؤوا الكلمات مرة أخرى،
استمعوا إليهم،

لكن اسمعوها بالطريقة التي سمعتموها
في المرة الأولى

لا تسمعوا الكلمات، فقط اسمعوا الثرثرة،
حسناً؟

(موسيقى معكوسة:"السلم إلى الجنة")

لا يمكنكم تجنبها الآن،

لأنه بمجرد سماعها، أنتم مدللون.

وبسبب ذلك، يعتقد بعض الناس فعلياً
أنهم يسمعون رسائل،

رسائل مبطنة، من خلال أغاني معكوسة،

لكن هذا غير صحيح.

عندما تذهب إلى موقع sceptics.com،
Michael Shermer's group،

يمكنك رؤية بعض النقاشات حول كونها خاطئة.

ما أود الحديث عنه الآن-
أود الانتقال إلى الإدراك المجتمعي.

المقصود هو أن كل تلك الحيل نفسها

التي يلعبها العقل لخلق إدراكنا
البصري والسمعي

تعمل أيضاً في الإدراك المجتمعي.

أحد الأشياء التي يستخدها عقلنا
لخلق إدراك مجتمعي، صورة،

هو الظهور.

الناس بطبيعتهم كائنات اجتماعية جداً.

لم نكن قادرين عللى العيش كأنواع
بدون التعاون الاجتماعي،

وفي الحقيقة عندما يدرس العلماء هذا اليوم،

يكتشفون أن الناس الذين لديهم
علاقات اجتماعية محدودة،

وشبكة اجتماعية ضيقة،

أكثر عرضة للمشاكل الصحية

من الناس الذين يملكون شبكة اجتماعية واسعة.

في الحقيقة، امتلاك شبكة اجتماعية صغير جداً

يحمل خطراً على الصحة
يماثل خطر التدخين أو البدانة.

في هذه الدراسة، قام العلماء
بجمع الناس مع بعضهم،

في مجموعتين،

وعرضوا لهم البيانات السياسية
لاثنين من المرشحين-

أحدهم جمهوري والآخر ديمقراطي.

لم تكن البيانات فقط كما اعتقدوا

ولكن أيضاً صورة للاثنين، لكل مرشح.

في إحدى المجموعتين، عرضوا صورة
أكثر كفاءة للمرشح الديمقراطي

وصورة أقل كفاءة للمرشح الجمهوري،
صورة أقل إغراءً.

وقاموا بتبديل الصور للمجموعة الثانية.

لم يكن الجمال وإنما الكفاءة هو المقصد.

كان الاختلاف الوحيد بين المجموعتين
أنهم كانوا يرون البيانات نفسها

لكن مظهر المرشح كان مختلفاً،

وكان السؤال،
ما مدى تأثير ذلك على تصويتهم؟

الإجابة هي أنه بلغ التأرجح في التصويت 14%.

إذاً بتبديل الصور لنكون أكثر ثقة،

كان تأرجح التصويت 14%،
وهي نسبة كافية لضرب معظم الانتخابات،

وهذا دليل قوي جداً.

لكن بالطبع، كان هذا في مختبر الأبحاث،
ماذا عن العالم الحقيقي؟

لحسن الحظ، عالم نفس في جامعة برينستون

قرر أن يجري هذا الاختبار
في العالم الواقعي.

قام بجمع أزواج من الصور الشخصية

لكلا المرشحين الجمهوري والديمقراطي

في عشرات من انتخابات
مناصب الحكم في الكونغرس.

أحضر مئات الناس إلى المخبر،

وأراهم أزواج الصور هذه وطلب منهم فقط

أن يقرروا أي شخص بدا
أكثر كفاءة في كل حالة.

وأخبرهم "لا تصوت إذا عرفت أحد المرشحين" .

نحن ننظر إلى صور هؤلاء الأشخاص

ونختار من يبدو أكثر كفاءة".

بعدها قام بخطوة جريئة،

وتنبأ بنتائج كل من هذه الانتخابات

بالاستناد فقط على من حصل
على تصويت المظهر الأكثر كفاءة.

ويأتي السؤال هنا،
ما مدى نجاحه؟

في حال انعدام تأثير للكفاءة،
سيكون ناجحاً بنسبة 50%،

لكنه نجح بنسبة 70%.

وبالتالي 70% من الحالات،

فاز الشخص ذو المظهر الأكثر كفاءة
بالانتخابات.

تستخدم أدمغتنا، عقولنا اللاواعية،
شيئاً آخر

لملء مفهومنا الاجتماعي هو اللمس.

ذكرت أن البشر كائنات اجتماعية بطبيعتها.

في الحقيقة، كل هؤلاء الرئيسيات-
أعرض لكم أربع أنواع مختلفة من الرئيسيات

تشارك في سلوك اللمس الاجتماعي.

تميل الرئيسيات الغير بشرية للمس
بعضها البعض لساعات في اليوم.

إنه سلوك يحتاجونه جسدياً
من أجل تنظيف أنفسهم،

لكن يمكن تحقيقه
في 10 أو 20 دقيقة في اليوم،

لكنهم يمارسونه لساعات في اليوم

لأن اللمس يساعد في خلق
شعور الترابط والتعاون الاجتماعي.

في الحقيقة، وجد العلماء مؤخراً
أن البشر يملكون أعصاب متخصصة،

بشكل خاص في منطقتي الذراعين والوجه،

التي يبدو أنها موجودة هناك فقط من أجل نقل
شعور السعادة المتولد من اللمس.

لذا السؤال هنا،
بينما نكون رؤيتنا عن العالم،

ما هو نوع السياق الذي يضيفه هذا؟

كيف يمكن له أن يؤثر
على طريقة حكمنا على العالم

سواءً تم لمسنا أم لا؟

قام فريق من علماء فرنسيين، بالطبع،
بالقيام بهذه التجربة المثيرة.

لقد استأجروا بعض الشباب
الفرنسيين الوسيمين جداً

للوقوف في زاوية أحد الشوارع
في شمال فرنسا

واعتراض كل الشابات العازبات
اللواتي مررن بجانبهم.

وقفوا هناك وقرأوا نفس النص-

هذه ترجمة النص-لكل النساء.

ذكروا أسمائهم، وطلبوا من النساء
أرقام هواتفهم.

لكن لنصف تلك النساء،

قاموا بلمس الكوع أو الكتف
بلمسة خفيفة جداً لمدة نصف ثانية.

أما النصف الآخر، لم يقوموا بلمسهن إطلاقأً.

في مقابلات الخروج-
اعترضوا النساء لاحقاً-

لم يتذكر معظمهن حتى أنه تم لمسهن.

ولكن هل أثرت هذه الإشارة في الطريقة
التي نظرن بها إلى الشخص

ومدى استعدادهن لقبول موعد غرامي؟

وكانت الإجابة نعم:
تضاعفت من 10% إلى 20%.

تم تكرار هذه التجربة
في العديد من السياقات الأخرى.

عل سبيل المثال، يحصل الندلاء
على بقشيش أعلى إذا لمسوا الزبائن سريعاً،

والناس الذين يقومون بتوزيع استبيان يحصلون
على موافقة عدد أكبر لاجراء الاستبيان

ويأخذون بعض الوقت لإتمامه،

وفي العديد من المجالات الأخرى.

عادةً عندما أوضح هذه الأفكار،

أحب أن أقوم بتجربة صغيرة على المجموعة،
لكنه غير ممكن هنا.

لذلك سوف أخبركم فقط عن التجربة.

أطلب من الناس النظر إلى غرفة الفندق هذه
وإلى هذا الفندق، وأعطيهم بعض البيانات.

وأخبرهم أنه يقع في تاهيتي،

وأنه غرفة نوم واحدة،
كوخ صغير بغرفة نوم واحدة، إلخ.

ثم أسألهم ما هي توقعاتهم
عن تكلفة الغرفة في تاهيتي.

أحصل على نتائج مذهلة،

لكن أسأل المجموعة الأولى
- أقسمهم إلى مجموعتين-

أسأل المجموعة الأولى،
قبل سؤالهم عن تكلفة الغرفة،

أسألهم هذا السؤال:

هل تكلف الغرفة أكثر
من 5,500 دولار في الليلة؟

والمجموعة الثانية، قبل أن أطلب منهم
أن يكتبوا تكلفة الغرفة،

أسألهم هذا السؤال:

هل تكلف الغرفة أكثر من 55 دولار في الليلة؟

الآن، من البيانات التي شاهدوها،

من الواضح جداً أن تكلفة الغرفة
ليست 5,500 في الليلة،

بعيد كل البعد عن ذلك،

وأنها أكثر من 55 دولار في الليلة.

لذا قد تعتقد أن هذه الأسئلة هزلية.

لكن في الواقع، تمارس هذه الأسئلة
تأثيراً خفياً معيناً

على الجمهور.

وبالمناسبة فإن الأشخاص الذين رأوا السؤال

لم يروا هذا والعكس صحيح.

لذلك رأوا فقط السؤال
في المجموعة الذي خصصته لهم.

فالسؤال إذاً،

كيف يؤثر السياق على
تقديرهم الحقيقي للغرفة،

ومفهومهم حول قيمة تلك الغرفة؟

إليكم الإجابة من العديد من المجموعات
التي قمت بها.

عموماً، سوف يقدرون التكلفة بحوالي
1000 دولار إذا رأوا السؤال الأعلى أولاً،

ويخمنون أنها بين 200 إلى 300 دولار
في حال رؤيتهم للسؤال الأدنى.

وبذلك فإن هذا السؤال الهزلي البسيط

يقدم السياق الذي يغير تصورهم عن الغرفة.

تماماً كما قدم الداما السياق

وكما قدمت الكلمات
في الأغنية المعكوسة السياق.

لذا دعوني أنهي هذا الحديث بحكمة
لكارل جانغ:

"إن الجوانب الخفية لما يحدث لنا من أمور

قد يبدو أنها تلعب دوراً صغيراً
في حياتنا اليومية،

ولكنها تشكل الجذور الباطنة
لأفكارنا الواعية."

شكراً لكم.

(تصفيق)