المعضلة الأخلاقية في مبدأ الأجنة المعدلة وراثياً

لم تعد صناعة البشر المعدلين وراثياً نسجاً من بوتقة الخيال العلمي؛ بل باتت حدثاً وارد الحدوث في المستقبل. قدّر عالم الأحياء بول نويبلر أنه وفي غضون خمسة عشر عاماً، سيتمكن العلماء من استخدام تكنولوجيا تحرير الجينات "كريسبر" والقيام ببعض “الترقيات" في الأجنة البشرية مثل تغيير معالم المظاهر العضوية والقضاء على احتمال خطر الإصابة بأمراض المناعة الذاتية.
في هذا الحديث الشاحذ للفكر، يقوم عالم الأحياء بول نويبلر بتهيئتنا لاستقبال ثورة الأجنة المعدلة وراثياً القادمة وفهم آثارها غير المتوقعة والمؤثرة على مستوى الفرد.

إذاً ماذا لو أن بإمكاني صناعة
جنين معدل وراثياً لكم؟

لكن ماذا لو قمتم أنتم كآباء
أو أمهات في المستقبل

وأنا معكم كعالم في اتخاذ القرار
للمضي قدماً في اتباع هذا المنهج؟

وما الحال إن لم نفعل؟

ماذا لو اعتبرنا، "أن هذه فكرة سيئة"

مع أن العديد من أفراد عوائلنا،
وأصدقائنا وزملائنا في العمل قاموا

باتخاذ هذا القرار؟

فلنقم بالسفر عبر الزمن
فقط لفترة 15عاماً من الآن.

ولنتظاهر بأننا في عام 2030.

ولديكم عائلة.

وابنتكم، (ماريان)، جالسة بجانبكم،

وفي عام 2030، نطلق على (ماريان)
وصف الإنسان الطبيعي

لأنها لم تعدل وراثياً.

ولأنكم قمتم وشركاؤكم وبكامل وعيكم باتخاذ
ذاك القرار، وهو عدم تطبيق التعديل الوراثي،

يقوم العديد من الأفراد داخل دائرتكم
الاجتماعية بالنظر إليكم بازدراء،

لاعتقادهم، بأنكم، ضد مفهوم الأتمتة
أو تعانون من رهاب التكنولوجيا.

وصديقة (ماريان) المقربة،
والقاطنة في الجوار،

هي عبارة عن قصة مختلفة تماماً.

إذ ولدت معدلة وراثياً ومع الكثير
من الترقيات أو الإضافات.

نعم، الترقيات.

وأدرجت هذه التحسينات من خلال تقنية
الهندسة الوراثية والجديدة من نوعها،

والمطلق عليها اللقب الهزلي (كريسبر)،

كالوصف المطلق على الشيء الهش،

لكن مضاف له حرف الراء.

قام العالم والذي تم تعيينه من قبل
والدي (جينا) للقيام بالتعديل

ومقابل ملايين الدولارات

بتطبيق تكنولوجيا (كريسبر) على مجموعة
كاملة من الأجنة البشرية.

وقام بعدها بإجراء الفحوص الوراثية،

وتنبأ بأن ذلك الجنين والصغير للغاية،
والذي يعود ل(جينا)

سيكون الأفضل من بين الأجنة،

والآن، (جينا) هي عبارة عن انسانة
حقيقية وطبيعية جداً.

ها هي جالسة على السجادة في غرفة المعيشة
وتلعب مع ابنتكم (ماريان).

وتعرف عوائلكم بعضها البعض منذ أعوام عديدة،

وأصبح الأمر جلياً وللغاية بالنسبة لكم
في أن (جينا) طفلة استثنائية.

وفي غاية الذكاء.

وإن كنتم صرحاء مع أنفسكم،
فستقرون بأنها أكثر ذكاء منكم أيضاً،

مع أنها في الخامسة من العمر.

هي غاية في الجمال، طويلة القامة،
وتتمتع باللياقة البدنية،

وأكثر أيضاً من ذلك بكثير.

حقيقًة، هناك جيل جديد من هؤلاء الأطفال
المعدلون وراثياً مثل (جينا).

وحتى الآن يبدو على أنهم
أكثر صحة من أجيال آبائهم،

ومن أجيالكم أيضاً.

ويكلفون أقل من حيث الرعاية الصحية.

وينعمون بحصانة تجاه العديد
من الظروف الصحية،

مثل مرض الإيدز والأمراض الوراثية.

ويبدو كل ذلك رائعاً جداً،

ولكن ليس بوسعكم وعلى الرغم من ذلك
كتم هذا الشعور المقلق،

شعور غريزي، على أن هناك شيئاً
مغايراً للطبيعة في (جينا)،

وكان لديكم نفس الشعور عندما قمتم بلقاء
الأطفال الآخرين والمعدلين وراثياً أيضاً.

وقرأتم في الصحيفة وفي وقت
سابق من هذا الأسبوع

دراسة لهؤلاء الأطفال المعدلين وراثياً

والتي وضحت احتمال وجود بعض المشاكل،

مثل الزيادة المفرطة
في العدوانية والنرجسية.

لكن تخطر على بالكم وعلى الفور

بعض الأخبار والتي سمعتموها
لتوكم من عائلة (جينا).

على أنها غاية في الذكاء،

والآن على وشك الالتحاق بمدرسة للتميز،

مدرسة مختلفة عن التي تذهب
اليها ابنتكم (ماريان)،

وأدى ذلك الى إحداث التشويش في عائلتكم.

وكانت ماريان تبكي،

وفي الليلة الماضية وبينما كنتم تضعونها
في الفراش وتقبلونها تهيؤاً للنوم،

قالت، "أبي، هل ستبقى (جينا)
صديقة لي بعد الآن؟"

الآن، وبينما أحكي لكم قصة
عام 2030 الوهمية،

لدي إحساس بأنني قد وضعت البعض منكم
في بوتقة خيالٍ علمي. صحيح؟

إذ وكأنكم تقرؤون كتاباً في الخيال العلمي.

أو ربما، في، بوتقة تفكير خاصة بعيد الرعب.

ولكن ومن الأرجح أن يصبح
الأمر واقعاً ممكناً لنا.

بعد 15عاماً من الآن فقط.

أنا باحث في الخلايا الجذعية وعلم الوراثة

وقادر على رؤية تكنولوجيا (كريسبر)
وتأثيراتها المحتملة.

ومن الممكن أن نجد أنفسنا
جزءاً من ذلك الواقع،

وستعتمد الكثير من الأمور على القرارات
والتي سنقوم باتخاذها اليوم.

وإن كنتم ما تزالون
في بوتقة الخيال العلمي.

فافترضوا أنه قد تلقى عالم العلم صدمة
هائلة في وقت سابق من هذا العام،

ولم يعلم المجتمع عن الأمر شيئاً.

إذ قام باحثون في الصين وقبل بضعة أشهر فقط

بالإعلان عن إنجاز صناعة
الأجنة البشرية المعدلة وراثياً.

وكان ذلك ولأول مرة في التاريخ.

وقاموا بإنجاز ذلك من خلال تكنولوجيا
(كريسبر) الجديدة.

ولكنها لم تعمل بشكل خال من الأخطاء.

ولكنني أعتقد بأنهم تمكنوا قليلاً
من فتح غطاء صندوق باندورا.

وأعتقد أيضاً بأنه سيقوم البعض بالمضي قدماً
مع هذه التكنولوجيا

في محاولة لصناعة الأجنة المعدلة وراثياً.

الآن، وقبل أن أكمل، قد يقوم البعض منكم
برفع أيديهم وقول التالي،

"توقف، (بول)، انتظر قليلاً.
ألن يكون ذلك مخالفاً للقانون؟

إذ لا يسعك وبكل بساطة المضي قدماً
في صناعة الأجنة المعدلة وراثياً."

وفي الحقيقة، وإلى حد ما، أنتم على حق.

ففي بعض الدول، لا يمكنكم القيام بذلك.

ولكن في العديد من البلدان ومنها بلادي،
الولايات المتحدة،

لا وجود لقانون يقوم على تنظيم مثل هذا
النوع من التجارب، لذا فنظرياً، أمكنكم ذلك.

وظهر لهذا المجال تطور آخر
في هذا العام أيضاً،

وحصل ذلك في المملكة المتحدة
في مكان ليس بعيداً من هنا.

وكانت المملكة المتحدة وعلى نحو تقليدي
من أكثر الدول تشدداً

حال ارتباط الأمور بتجارب التعديلات
الوراثية البشرية.

ولم يكن الأمر قانونياً هناك،

لكن وقبل بضعة أشهر فقط،

قاموا بإطلاق استثناء لتلك القاعدة.

وتبع ذلك إصدار لقانون جديد
يسمح بصناعة الأجنة المعدلة وراثياً

سعياً وراء تحقيق الهدف النبيل في محاولة
للقضاء على نوع نادر من الأمراض الوراثية.

ولكنني ما زلت أعتقد بأن مزيج
هذه الأحداث يقوم على دفعنا

تجاه تقبل مبادئ وحيثيات
الهندسة الوراثية البشرية.

الآن كنت أتحدث عن تكنولوجيا (كريسبر)

لكن ما هي تكنولوجيا (كريسبر) بالضبط؟

إن كنتم تعتقدون أن للأمر علاقة
بالكائنات المألوفة والمعدلة وراثياً،

مثل الطماطم والقمح المعدلة وراثياً
والأمور المشابهة،

فهي شبيهة بتلك التكنولوجيا والمسخرة
لصناعة مثل هذه النوع من الكائنات،

ولكنها أفضل من ذلك وبكثير،

وأقل كلفة وأكثر سرعة.

إذاً ما هي هذه التكنولوجيا؟

هي في الحقيقة شبيهة بسكين الجيش السويسري.

ولنتظاهر بأن هذه واحدة منها،

ومشمولة بأدوات مختلفة،

وإحدى هذه الأدوات شبيهة للعدسة المكبرة

أو لنظام الملاحة لحمضنا النووي،

لذا فإنها قادرة على تكبير بقعة معينة.

والأداة التالية شبيهة للمقص

والتي باستطاعتها قص الحمض النووي
الظاهر في تلك البقعة

وأخيراً لدينا القلم

والذي باستطاعتنا ومن خلاله اعادة كتابة
الشفرة الوراثية الظاهرة في تلك البقعة.

والأمر بهذه البساطة فعلاً.

وهذه التكنولوجيا، والتي ظهرت على الساحة
من ثلاث سنوات فقط،

قامت على إحداث ثورة في العلم.

إذ أنها تتطور وبسرعة هائلة، وهذا الأمر
مثير جداً للعلماء،

ويجب أن أعترف بأنني شخصياً مفتون بها
وأقوم باستخدامها في مختبري الخاص،

لدرجة أنني أعتقد بأن أحداً ما سيقوم
باتخاذ قرار المضي قدماً

ومتابعة العمل في مجال
التعديل الوراثي للأجنة البشرية

وعلى الأرجح القيام بصناعة
الأجنة المعدلة وراثياً أيضاً.

أصبح الأمر شائعاً جداً الآن.

مع أنها ظهرت على الساحة
منذ مدة ثلاثة سنوات فقط.

ومع ذلك تمتلك آلاف المختبرات في حوزتها
هذه التكنولوجيا اليوم،

ويقومون ومن خلالها بإجراء بحوث
في غاية الأهمية.

والجدير ذكره بأن الأغلبية
غير مهتمة بالأجنة المعدلة.

وإنما مهتمة بدراسة الأمراض البشرية

والعناصر الأخرى المهمة
والمتعلقة في مجال العلم.

هناك العديد من البحوث القيمة والمبنية
على تكنولوجيا (كريسبر) الآن.

وحقيقة أنه قد أصبح الآن بمقدورنا
القيام بالتعديلات الوراثية

والتي كانت تستغرق العديد من السنوات
وبكلفة تعادل الملايين من الدولارات

في بضعة أسابيع وبكلفة تقارب
بضعة آلاف من الدولارات،

وبالنسبة لي كعالم فإني أجد
ذلك رائعاً جداً،

لكنها ومجدداً، وفي نفس الوقت،

تقوم بفتح المجال لأشخاص
ذوي موازين مختلفة تماماً.

إذ أعتقد أنه وبالنسبة للبعض
لن يكون الأمر متعلقاً بالعلم.

ولن يكون العلم المحفز الأوحد بالنسبة لهم.

وإنما سيكون المحفز بالنسبة لهم
هو جمع المال والأرباح.

وسيقومون بإنجاز ذلك من خلال صناعة
الأجنة المعدلة وراثياً.

إذاً لما هو واجب علينا القلق حيال ذلك؟

تعلمنا من ( داروين)،
لو عدنا قرنين من الزمان،

أن مبادئ التطور والوراثة قد أثرت
تأثيراً كبيراً على الإنسانية،

وعلى من نكون اليوم.

ويعتقد البعض من وجود تأثير من مبادئ داروين
على هيئة منظومة أحكام اجتماعية في عالمنا،

أو حتى من مبادئ علوم تحسين الأنسال أيضاً.

تخيلوا هذه الإتجاهات، وهذه القوى،

مع زخم الإمكانات الهائلة والكامنة
في تكنولوجيا (كريسبر)

والتي هي غاية في القوة والانتشار.

وفي الواقع، يمكننا العودة قرناً من الزمن
إلى القرن الماضي

لرؤية مدى قوة مبادئ علم تحسين الأنسال.

الآن أبي، (بيتر نويبلر)،

وُلد هنا تماماً في مدينة فيينا،

وأصوله من فيينا،
وتمت ولادته هنا في عام 1929،

ولما بورك جداي بمولودهم (بيتر) الصغير،

كان العالم حينها مختلفاً جداً. صحيح؟

وكانت مدينة فيينا مختلفة.

وكانت الولايات المتحدة مختلفة.

وكان العالم مختلفاً أيضاً.

وكان لا يزال علم تحسين الأنسال
حينها في نهضته،

وأدرك جداي،

وبسرعة وعلى ما أعتقد،

أنهم عكس تيار مبادئ تحسين الأنسال.

لكن وعلى الرغم من كون مدينة فيينا وطن لهم

ولأسرتهم الممتدة،

وعلى الرغم أيضاً من كون هذه المنطقة
وطن لأسرتهم الممتدة ولأجيال،

إلا أنهم اعتزموا ولأسباب متعلقة
بمبادئ علم تحسين الأنسال الرحيل.

وتمكنوا من النجاة، ولكنهم كانوا
في غاية الحزن،

ولست متأكداً ما إن كان قد تمكن والدي
من نسيان حزنه إزاء رحيله من فيينا.

إذ رحل عنها وهو في سن الثامنة من العمر،
في عام 1938.

لكن اليوم، أتمكن من رؤية معالم جديدة
لمبادئ علم تحسين الأنسال

وهي تتدفق الى السطح.

والتي ومن المفترض أن تكون أكثر طيباً،
ولطفاً وأكثر إيجابية،

وعلى خلاف الماضي تماماً.

ولكنني أعتقد وعلى الرغم من كونها مسخرة
لمحاولة تحسين أحوال وأنسال البشر،

إلا أنها لا تخلو من الآثار
والعواقب السلبية،

ويقلقني جداً

كون أن البعض من كبار أنصار مبادئ علم
تحسين الأنسال الجديدة،

يعتقد أن تكنولوجيا (كريسبر) هي الوسيلة
أو الأداة المرادة لإنجاز هذه الغاية.

لذا علي أن أعترف، تفهمون ما أقصد،

على أن علم تحسين الأنسال، والذي يدور حول
جعل حال وأنسال البشر أفضل.

هو عبارة عن قضية صعبة.

ما هو الأفضل في حال كان الأمر
متعلقاً بكائن بشري؟

وأعترف باعتقادي أيضاً بأن الكثير منا

قد يوافق على أن الكائنات البشرية،

بحاجة ونوعاً ما إلى القليل من التحسين.

انظروا إلى الشخصيات السياسية،

هنا في فيينا، أو في الولايات المتحدة

والعياذ بالله من الخوض
في هذا الموضوع الآن.

ولو قمنا فقط بالنظر إلى المرآة،

لوجدنا أموراً قد نعتقد أن
لو كان من الأفضل تحسينها.

قد أتمنى، وبكل صراحة، أن يكون
لي شعر أكثرهنا، بدلاً من الصلع.

وقد يتمنى البعض لو كان أطول قامة،

أو أخف أو أثقل وزناً، أو لو كان
له وجه مختلف.

ولو كان بوسعنا تحقيق هذه المنايا، لتمكنا
من جعلها واقعاً فينا،

أو لتمكنا من جعلها واقعاً في أبنائنا.

سيكون الأمر مغرياً للغاية.

ولكن سيصاحب تحقيق هذا الواقع
المخاطر التالية.

وضحت مخاطر علم تحسين الأنسال سابقاً،

إلا أنه لن يخلى من مخاطر
على مستوى الأفراد أيضاً.

فإن قمنا بغض النظرعن الاجتهاد
تجاه تحسين الأفراد،

وقمنا بالإجتهاد تجاه محاولة جعلهم أكثر
صحة وعافية من خلال التعديل الوراثي،

فإن هذه التكنولوجيا حديثة للغاية

وقوية للغاية،

لدرجة أنه ومن الممكن أن يؤدي ذلك إلى
جعلهم أقل صحة وعافية.

ومن الممكن حدوث ذلك وبكل بساطة.

وهناك احتمال خطر آخر،

وهو أن كل البحوث الشرعية، والمهمة جداً
والمتعلقة بأبحاث التعديل الوراثي

والذي يتم اجراؤها فقط في المختبر --

إلا أنها ومن جديد، غير مهتمة في مجال
الأجنة المعدلة وراثياً.

وأن في كل مرة يخوض القليل في مجال
الأجنة المعدلة وراثياً،

تؤول فيها النتائج إلى الفشل،

ومن الممكن أيضاً أن يتأذى المجال كاملاً
نتيجة لهذا الفشل المتكرر.

وأعتقد أن لن يكون من غير المرجح أيضاً

بدأ اهتمام الحكومات في مبادئ
التعديل الوراثي.

فعلى سبيل المثال (جينا) الوهمية والمعدلة
وراثياً والتي قمنا باختلاقها.

والتي هي أكثر صحة وعافية،

وأنه لو كان هناك من جيل يتمتع بتكاليف
رعاية صحية أقل،

فمن المرجح جداً بدء الحكومات
في المحاولة لإجبار المواطنين

على تطبيق مبادئ التعديل الوراثي.

كمثال سياسة الطفل الواحد في الصين،

والتي أعتقد بأنها قد ساهمت في منع
ولادة ما يقارب 400 مليون كائن بشري.

لذا فلن يكون الأمر خارج
نطاق المعقول على الإطلاق

بأن تقوم الحكومات بفرض
مبادئ التعديل الوراثي.

وفي حال أصبحت الأجنة
والمعدلة وراثياً أمراً شائعاً،

في عصرنا المتقدم تكنولوجياً --

في مقاطع الفيديو الشائعة،
وفي شبكات التواصل الإجتماعي --

ماذا لو أصبحت الأجنة المعدلة وراثياً
شعاراً للموضة،

وأصبحت معاييراً للمشاهير الجدد،

ك(الكارداشيانز) الجدد أو شيء من هذا؟

(ضحك)

هل يمكننا وبالفعل السيطرة على هذا النوع
من الإتجاهات الحديثة؟

لست مقتنعاً من إمكانية قدرتنا على ذلك
وعلى الأطلاق.

لذا ومجدداً، اليوم يوافق عيد الهالوين
"عيد الرعب"

وحال حديثنا حول مبادئ التعديل الوراثي،

نجد شخصية واحدة مقترنة
بهذا النوع من المواضيع

والذي يتم التحدث عنها أو استدعاؤها أكثر
من أي شيء آخر،

وهي شخصية (فرانكشتاين).

وغالباً وما يتم ذكره هي الأغذية المعدلة
وراثياً وجميع هذه الأمور الأخرى.

ولكن إن تفكرنا فيما قيل الآن وقمنا بإعادة
توجيه التفكير الخاص بالأغذية إلى قالب بشري

وفي يوم مثل يوم عيد الرعب،

لو كان باستطاعة الآباء وبشكل عام من إلباس
أطفالهم ازياء يمكن تصميمها جينياً،

هل سنشهد حينها النسخة الثانية
من شخصية (فرانكشتاين)؟

لا أعتقد ذلك، لا أعتقد أن الأمر سيصل
إلى هذا الحد من التطرف.

ولكننا وعندما نقوم بالاجتهاد
تجاه اختراق الشفرة البشرية،

أعتقد بأنه لن يكون هناك سقف للرهان فيما
يخص النتائج المترتبة على ذلك.

إذ لن يخلى الأمر من المخاطر.

ويمكننا الإستعانة في الماضي

وفي تجارب عناصر العلوم التحويلية الأخرى

لنرى أنه ومن الجائز جداً فقدان السيطرة

والتأثير على المجتمع.

سأقوم بإعطائكم مثالاً واحداً،
وهو خاص بعملية التلقيح الصناعي.

إذ تقريباً ومنذ 40 عاماً بالتحديد،

وُلد (لويز براون) وهو أول طفل
أنابيب اختبار في العالم،

وهذا أمر رائع جداً،

وأعتقد أنه ومنذ ذلك الحين قد وُلد
خمسة ملايين طفل من خلال التلقيح الصناعي،

جالبةً سعادةً لا تعد ولا تحصى.

وباستطاعة العديد من الآباء الآن
محبة هؤلاء الأطفال،

لكن لو تفكرتم في الأمر،
أنه وفي أربعة عقود،

يعد إنجاز ما يقارب خمسة ملايين عملية ولادة
ومن خلال تكنولوجيا جديدة

إنجازاً هاماً جداً.

ومن المحتمل لأمر مشابه أن يحدث

فيما يخص عمليات الهندسة الوراثية البشرية
وصناعة الأجنة المعدلة وراثياً.

لذا واتكالاً على ما سنتخذ من قرارات
في الأشهر القليلة المقبلة،

أو العام القادم أو نحو ذلك،

وفي حال تم انجاز عملية ولادة أول طفل
من الأجنة المعدلة وراثياً،

يصبح وفي غضون بضعة عقود،

احتمال وجود الملايين من البشر المعدلة
وراثياً جائزاً جداً.

وهناك فارق هنا أيضاً،
لأننا وإن، أنتم في الحضور، أو أنا،

قررنا الحصول على الأجنة المعدلة وراثياً،

فسيكون أطفالهم من الأجنة المعدلة وراثياً
أيضاً، وهلم جرا،

لأن العملية وراثية.

وهذا فارق كبير جداً.

ومع أخذ كل هذه الأمور بعين الاعتبار،

ما هو القرار الواجب علينا اتخاذه؟

سيتم في الحقيقة عقد مؤتمر

بعد شهر واحد من يوم غد في العاصمة واشنطن.

من قبل الأكادمية الوطنية للعلوم

للإجابة على هذا السؤال بالتحديد.

ما هو المسار الصحيح والواجب إتباعه فيما
يخص مجال الهندسة الوراثية البشرية؟

وأعتقد أنه وفي هذا الوقت

من الواجب علينا تعليق الأنشطة.

ويجب علينا حظرها أيضاً.

وأن لا نسمح بصناعة
الأجنة المعدلة وراثياً،

لأن الأمر غاية في الخطورة
ومن الصعب أيضاً تنبؤه.

ولكن هناك العديد من الأشخاص --

(تصفيق)

شكراً لكم.

(تصفيق)

ودعوني أقول لكم شيئاً، كوني عالماً،

الأمر مخيف نوعاً ما بالنسبة لي
كوني سأقوله جهاراً،

لأن العلم لا يحب التنظيم الذاتي
وأشياء من هذا القبيل.

وكما قلت سابقاً فإنني أعتقد أنه ومن
الواجب علينا تعليق الأنشطة،

ولكن هناك العديد من الأشخاص
لا يخالفونني الرأي فحسب،

وإنما يؤمنون بالعكس تماماً.

واعتقادهم هو، الدوس على دواسة الوقود،
والانطلاق بأقصى سرعة تجاه

صناعة الأجنة المعدلة وراثياً.

الآن وفي المؤتمر والمزمع عقده في ديسمبر

والمؤتمرات الأخرى والتي سيتم وعلى
الأرجح عقدها في الأشهر القليلة المقبلة،

لن يتم وعلى الأرجح أي تعليق للأنشطة.

وأعتقد بأن جزءاً من هذه المشكلة

هو أن هذا الإتجاه،

وهذه الثورة في مجال الهندسة الوراثية
والمطبقة على البشر،

كانت محجوبة عن المجتمع.

إذ لم يقل أحد،

اسمعوا، إن هذا الأمر غاية في الأهمية،
إنها ثورة،

ومن الممكن أن يؤثر عليكم وبطرق شخصية جداً.

لذا فإن جزءاً من مهمتي القضاء
على هذا الجهل

والقيام بالتفاعل مع المجتمع وتثقيفه

وتحفيزكم للتحدث حيال الأمر.

لذا أتمنى أن يكون للمجتمع دور فعال
في هذه المؤتمرات

ويتم أخذ آرائهم في عين الاعتبار.

الآن وإن قمنا بالعودة لعام 2030 مرة أخرى،
وللقصة الوهمية والتي قمنا باختلاقها،

واعتماداً على القرارات والتي سنقوم
باتخاذها، مجدداً، اليوم

لم يعد لدينا حرفياً الكثير من الوقت.

في الأشهر القليلة المقبلة، أو العام
المقبل،

لأن هذه التكنولوجيا تنتشر مثل انتشار
النار في الهشيم.

فلنتظاهر بأننا الآن عدنا إلى ذلك الواقع.

نحن في حديقة،

ويقوم طفلنا بالتأرجح على الأرجوحة.

هل هذا الطفل طبيعي،

أم أننا قمنا باتخاذ قرار الحصول
على طفل تم تعديله وراثياً؟

ولنقل بأننا اخترنا إنجاب طفل
من خلال الطريقة التقليدية،

وها هو ذا يتأرجح على الأرجوحة،

وبكل صراحة، ليسوا سوى فوضى عارمة.

شعرهم في كل مكان كشعري.

ويعانون من انسداد في الأنف.

وليسوا من أفضل الطلاب في العالم.

ولكنهم لطفاء، وتحبونهم،

ولكن هناك والجالس بجانبهم على الأرجوحة،

صديقهم المقرب والمعدل وراثياً.

وكلاهما يقوم بالتأرجح هكذا،

ولا يمكنكم سوى المقارنة بينهما، صحيح؟

وتجد أن الطفل المعدل وراثياً يتأرجح
إلى مسافة أعلى،

ويبدو أفضل شكلاً، وأفضل
تحصيلاً في الدراسة،

ولا يعاني من انسداد الأنف
والذي عليك في كل مرة مسحه.

بما سيشعرك هذا الأمر

وما القرار الذي ستقوم باتخاذه
في المرة القادمة؟

شكراً لكم.

(تصفيق)