مين قال إذا حكينا عربي منبطل "كول"؟ سوزان تلحوق - TEDxBeirut

تأخذ سوزان تلحوق - رئيسة جمعية فعل أمر - زمام المبادرة لتنشيط اللغة العربية بتحديثها، وإحياء استخدامها كلغة للتعبير الإبداعي، وذلك بهدف استصلاح هويتنا والتغلب على عقدة النقص تجاه الثقافات الأجنبية.

صباح الخير

هل أنتم يقظون؟

أخذوا مني البطاقة، لكن كنت أريد أن اسألكم، هل كتب أحدكم اسمه بالعربي على البطاقة؟

واحد! لا أحد، لا مشكلة.

كان يا ما كان، ليس بقديم الزمان، أنا و صديقتي جالسون بمطعم نطلب الطعام.

فنظرت إلى الشخص الذي يساعدنا و قلت له: هل لديك لائحة الطعام؟

فنظر إلي بنظرة ظنًّا منه أنه لم يسمعني بشكل جيد

فقال لي: عذرًا؟

قلت له: لائحة الطعام، لو سمحت!

قال لي: ألا تعرفين ماذا يسمونها؟

بالتأكيد!

قال: لأ! تسمى "منيو" (بالانجليزية) أو "منيو" (بالفرنسية)، هل ذلك صحيح بالفرنسية؟

تعالِ، تعالِ، اسمعي ما تريد!

اشمئز! بين محاولته لشدي إلى بين قوله: لو كنتِ آخر فتاة في العالم، لن انظر إليها!

ما لائحة الطعام؟!

بكلمتين جعلوا شاب لبناني يحكم على فتاة جالسة لديه بالتخلف

بالجهل

بأنه كيف تستطيع التحدث بهذه الطريقة؟

فأنا في تلك اللحظة بدأت أفكر

تضايقت

انجرحت، بكل تأكيد!

أنا في بلدي و يمنع علي التحدث بلغتي؟!

أين من الممكن حدوث هذا؟

حسنًا، لماذا من الممكن أن أصل إلى هذه المرحلة؟

حسنًا، و نحن هنا، هنالك الكثير من أمثالي يمكن أن يصلوا إلى مرحلة في حياتهم يحذفوا كل شيء حصل في حياتهم بالسابق

فقط ليقولوا بأنهم معاصرين

و أنهم متحضرين

أنسى كل ثقافتي، كل أفكاري، كل مخزوني الفكري، كل ذكرى لدي؟

قد تكون أحلى ذكريات من الحرب هي قصص الطفولة!

لأنسى كل شيء تعلمته بالعربية فقط لأدخل إلى الجو؟

فقط لأصبح أنا فرد منهم؟

أين المنطق في ذلك؟

مع كل ذلك، حاولت أن أتفهمه

و لا أريد أن أحكم عليه بنفس القسوة التي حكم علي بها

اللغة العربية لا تلبي الاحتياجات.

ليست لغة إنتاج علمي

و لا بحث

و لا لغة يتم احتياجها بالجامعة

و لا لغة يتم احتياجها بالمهنة

و ليست لغة يتم احتياجها في حال أردنا أن نقوم بأي بحث علمي متطور

و بالتأكيد ليست اللغة التي نحتاجها بالمطار

لأنه إذا تحدثنا بالعربية سيتم اقتلاع جميع ملابسنا منا.

أين من الممكن أن نستخدمها؟ نستطيع جميعنا أن نسأل هذا السؤال!

حسنًا، تريدين منا استخدام اللغة العربية، أين من الممكن أن نستخدمها؟

هذا واقع موجود

لكن يوجد لدينا واقع آخر أهم نريد أن نفكر به و نريد أن ننتبه إليه

اللغة العربية أو اللغة الأم

تقول الأبحاث و التقارير بأن إتقان اللغات الأخرى يتطلب إتقان اللغة الأم

أما الإبداع باللغات الأخرى فله شرط أساسي و هو إتقان اللغة الأم

كيف؟

جبران خليل جبران

عندما ابتدأ الكتابة، بدأ الكتابة بالعربية.

كل أفكاره، كل خياله، كل باطنه،الماوراء، الفلسفة

أحضرها من هذا الطفل الجالس بالقرية

التي تربى فيها على رائحة معينة

على صوت معين

على فكرة معينة

فعندما ابتدأ الكتابة بالإنجليزية، كان لديه مخزون فكري كبير.

حتى عندما كان يكتب بالإنجليزية

عندما نقرأ كتاباته بالإنجليزية، نشم نفس الرائحة!

نحس بنفس الإحساس

نستطيع أن نتخيله هو بنفسه هذا الذي يبدع بالإنجليزية، هو ذاته الذي أتى من الجبل.

من قرية بجبل لبنان

فهذا مثال لا يستطيع أحد القول بأنه غير صحيح!

ثانيًا، يقال بأنه إذا أردت قتل شعب فإن الطريقة الوحيدة لقتل شعب، هي بأن تقتل لغته.

و هذا الواقع تعرفه الشعوب المتطورة.

الألمان، الفرنسيون، اليابانيون، الصينيون، جميع الشعوب تعرف هذه الحقيقة.

فلذلك تسن القوانين لحماية لغتها.

فلذلك تقدس تلك اللغة.

فلذلك تنتج بها، و تدفع مبالغ ضخمة لتطويرها.

هل نعرف نحن أكثر منهم؟

إذا لم نكن نحن من دول العالم الأول، و لم يصل إلينا هذا الفكر المتطور و نريد اللحاق بهذا العالم المتحضر

الدول التي كانت مثلنا، و قررت أن يصبح لديها تنمية

و يصبح لديها أبحاث

و تلحق بتلك الدول

مثل تركيا، ماليزيا، و غيرهم،

هؤلاء حملوا لغتهم و هم يصعدون هذا السلم،

مثل الألماسة. حافظوا عليها.

جعلوها قريبة منهم.

لأنه إذا وصلكم أي إنتاج من تركيا أو غيرها

ليس مكتوبًا عليه باللغة التركية

فإنه ليس إنتاجًا محليًّا!

لن يصدق أحد أنه إنتاج محلي.

سيعودون إلى كونهم مستهلكون.

و استهلكوا بغباء، كما نفعل نحن ثلاث أرباع الوقت.

فليبدعوا و ينتجوا أصبح من اللازم أن يحافظوا على لغتهم.

إذا قلت حرية، سيادة، و استقلال، بما يذكركم هذا؟

لا تذكركم بأي شيء؟

بغض النظر مع من و كيف و لماذا، لكن..

اللغة ليست فقط بالحديث، و أي كلمات تخرج من الفم.

اللغة تمثل مراحل معينة بحياتنا.

ترتبط عاطفتنا بها، و ترتبط بتلك المصطلحات.

لذلك عندما نقول حرية، سيادة، و استقلال، كل فرد منكم رسم صورة برأسه

هنالك كلمات معينة، أحاسيس معينة، ليوم معين، لفترة تاريخية معينة.

فاللغة ليست كلمة و حرف و اثنان و ثلاثة مصفوفون.

هي فكرة بالداخل ترتبط بكيف نفكر و نرى الآخر و كيف يرانا الآخر.

ما هو مخزوننا الفكري

لماذا نقول هذا الشخص يفهم و هذا لا يفهم؟

فإذا قلت لكم حرية، سيادة، استقلال (بالانجليزية)

إذا أتى إليكم إبنكم و قال لكم:

أبي، كنتم بهذا الشيء الذي كان به حرية و شعار و غير ذلك

ما إحساسكم؟

إذا كان لديكم إحساس، فهذا شيء جيد، لا يوجد لدينا مشكلة

يجدر بي الذهاب من هنا أفضل من أن أتحدث من دون جدوى

الفكرة بأن هذه التعابير تذكرنا بشيء معين

لدي صديقة فرانكفونية متزوجة من شخص فرنسي

كنت اسألها عن كيف أحوالها و ما غير ذلك

قالت لي كل شيء بأفضل حال

كان هنالك ليلة واحدة قضيتها كاملة اسأله و أحاول أن اترجم له

معنى كلمة تقبرني

المسكينة قالت له تقبرني بالخطأ.

(تصفيق)

فقضت كل الليلة تشرح له

و كان في باله أنه هل يوجد أحد بهذه الوحشية

أم انها تريد أن تنتحر؟

فهذا شيء في غاية الصغر

و مع ذلك يجعلنا نحس بأنني غير قادرة على قول هذه الكلمة لزوجي لأنه لن يفهمها

و معه كل الحق لأنه يفكر هكذا

و قالت لي بأنه يستمع معي إلى أغاني فيروز

و في ليلة من الليالي، حاولت أن أترجم له

لكي يحس بما أحس به عندما أاسمتع إلى فيروز

فالمسكينة حاولت ان تترجم:

منهم مددت يدي و سرقتك

هنا تكمن المشكلة، و لأنك لهم، أرجعت يدي و تركتك.

ترجموا ذلك

ماذا فعلنا لنحمي اللغة العربية؟

حولنا هذا الموضوع إلى قضية مجتمع مدني

و أطلقنا حملة للحفاظ على اللغة العربية

مع أن الكثير من الناس قالوا لي: ما لك و هذا؟

تسلي وامرحي و اتركِ عنك وجع الرأس.

لا مشكلة!

حملة الحفاظ على اللغة العربية أطلقت شعار يقول:

أتحدثك من الشرق، ترد من الغرب.

لم نقل لا و لن نقبل و نحن هذه اللغة و نحن نعمل...

لم نتبع هذا الأسلوب لأننا لن نفهم بهذه الطريقة

عندما يحدثني أحد بهذه الطريقة، سأكره اللغة العربية.

نحن نقول (تصفيق) نحن نريد أن نرى بماذا نعيش في الواقع

و نقتنع بطريقة تحاكي أحلامنا و يومياتنا و طموحاتنا

طريقة تلبس نفس ملابسنا، تفكر بنفس الطريقة التي نفكر بها

فـ"أتحدثك من الشرق، ترد من الغرب" وضعت اصبعها على الجرح

شيء سهل جدًا، مبدع، و مقنع.

من بعد ذلك، كذلك بدأنا حملة بها مشاهد الأحرف وضعت بالشوارع

رأيتم مثالًا عليها بالخارج

مشهد، حرف، و حولها شريط أصفر و أسود، كتب عليه: لا تقتل لغتك.

لماذا؟ جديًّا، لا تقتلوا لغتكم.

جديًّا، يجب علينا جميعًا أن لا نقتل لغتنا.

لأن اللغة إذا تم قتلها سنعود للبحث عن هوية.

سنعود للبحث عن وجود.

نعود للبدء من الصفر.

ليس فقط لن تكون لدينا القدرة على أن نكون متحضرين و معاصرين

فأنتجنا صور لشباب و شابات مرتدين الحرف العربي

صور لشباب و شابات "كوول"

نحن جدًّا "كوول"

و من سيقول لي: لقد استخدمت كلمة انجليزية، تم اصطيادك!

لا! أنا أتبنى كلمة "كوول"

دعوهم يفعلوا ما يريدون، ليعطوني كلمة أجمل منها.

و متجانسة مع واقعنا أكثر منها.

سأبقى أقول "انترنت". لن أقول: أنا ذاهبة إلى الشبكة العنكبوتية.

(ضحك)

لأنها لن تتناغم! هل نضحك على أنفسنا؟

لكن لنصل إلى هذه النقطة، يجب علينا جميعًا أن نكون مقتنعين.

لا نريد أن ندع من هو أكبر

و من يظن أنه لديه السلطة على اللغة

أنه يستطيع أن يتحكم بنا و يجعلنا نحس و نفكر بما يريده.

فالفكرة هي الإبداع.

إذا لا نستطيع الصعود إلى الفضاء و بناء صاروخ و غير ذلك.

نستطيع أن نبدع.

في هذه اللحظة، كل شخص منكم هنا هو مشروع إبداع.

الإبداع باللغة الأم هو الطريق.

دعونا نبدأ من الآن، من هذه اللحظة.

فلنكتب رواية، ننتج فلم قصير.

رواية واحدة تستطيع أن تعيدنا إلى العالمية.

تستطيع أن تجعل اللغة العربية تعود إلى المركز الأول.

إذًا ليس أنه لا يوجد حل، بل يوجد حل!

لكن دعونا ننتبه و نقتنع بأنه يجب أن يكون هنالك حل.

و يجب أن نكون جزءًا من هذا الحل.

أخيرًا، ماذا تستطيع العمل اليوم؟

الآن، التغريدات، من يقوم بالتغريد؟

أرجوكم، بالفعل أرجوكم، مع إن الوقت انتهى

إما بالعربية، إما بالإنجليزية، أو بالفرنسية، أو بالصينية.

لكن لا تكتبوا "معقول" كـ ma32oul!

(تصفيق)

لأنها كارثة! لأن هذه ليست بلغة.

لأن هنا دخلتم بعالم افتراضي و لغة افتراضية

و لن يرفعنا أحد من هذا المستوى أبدًا.

فهذا هو أول شيء نستطيع فعله.

ثانيًا، هنالك الكثير من الأشياء التي نستطيع فعلها.

اليوم نحن لسنا هنا لنقنع بعضنا البعض.

نحن هنا لننتبه إلى أنه يجب علينا المحافظة على هذه اللغة.

و الآن سأخبركم بسر.

عندما يولد الطفل، أول طريقة يتعرف بها على والديه هي اللغة.

فعندما تولد ابنتي ٍسأقول لها: هذا هو والدك، حياتي.

لن أقول لها: هذا هو والدك، عزيزتي (بالإنجليزية).

و بالسوق المركزي، سأعد إبنتي نور بأنها إذا قالت لي "شكرًا"

لن أقول لها "قولي شكرًا أمي" (بالفرنسية) و أتمنى أنه لم يسمعها أحد!

(تصفيق)

دعونا نخرج من عقدة الأجنبي.

(تصفيق)