الهيغزبوزون - ما لا تعرفه | الدكتور دان هوبر في TEDxNaperville

مع الاكتشاف الأخير للهيغزبوزون، يكشف لنا دان ما لا نزال نجهله عنه وعن الدور الذي يلعبه هيغز في داخل كوننا. ما الذي يعنيه هذا بالنسبة لنا جميعاً؟

قُدمت هذه المحادثة في حدث TEDx بترخيص من مؤتمر TED ولكن تم تنظيمه بشكل مستقل من قبل المجتمع المحلي. ولمزيد من المعلومات على http://ted.com/tedx

في الرابع من يوليو من هذا العام،

أعلن العلماء في مختبر CERN
في جنيف، سويسرا،

أنهم قد اكتشفوا عنصراً أوليًا جديدًا

وهو ما نسميه بـال"هيغزبوزن".

يكتسب الـ"هيغزبوزن" أهمية كبرى.

تحب الصحافة أن تطلق عليه لقب "جسيم الإله"

أو أحياناً "أعظم إنجاز في علم الفيزياء".

لكن إذا كنت منتبهاً في الشهور
الستة الأخيرة

لا بد أنك قد لاحظت
ال"هيغزبوزن" في الصحافة.

لقد تحدثت عنه جميع وسائل الإعلام
الرئيسية حول العالم

في هذه الدولة والدول الأخرى.

حتى أن تركيبه مستوحى من
فرقة عزف الأوركسترا الخاصة به

ومجموعته المتنوعة من الجعة.

لكن على الرغم من كل هذا الاهتمام،

هناك فرصة جيدة بأن القليل منكم يعلمون
ماذا يكون ال"هيغزبوزن"

أو ماذا يعني بالنسبة لمفهومنا عن عالمنا.

قبل ال"هيغز"

كشف الفيزيائيون عن 16 شكلًا مختلفًا
للمادة والطاقة

التي تتخذ شكلاً في عالمنا.

ستة من هذه الأشكال تسمى ال"كوارك" -

"الكوارك" العلوي والسفلي هي الجسيمات
التي تكوِّن البروتونات والنيوترونات،

ستة من هذه الجسيمات تسمى "ليبتون"
تحتوي على الإلكترون،

ويوجد أربعة جسيمات أخرى

تقوم بإرسال القوى في الفراغ
كما يفعل الفوتون.

تلك الأشكال ال 16 كوّنت نظرية جميلة

تفسر مجموعة كبيرة من الظواهر
وهي ناجحة مع جميع المسائل

ما عدا واحدة.

نحن نعلم أن هذا لا يمكن أن
يشكل صورة كاملة

إنه حتى لا يمكن أن يتماسك
رياضياً بدون عنصر جديد ما.

لسنوات كنا نعتقد ولكن لا نعلم

أن هذا العنصر الجديد هو ال "هيغزبوزن".

ولتفهم سبب حاجة هذه النظرية إلى
شيء مثل ال"هيغزبوزن"،

خذ بعين الاعتبار ظاهرة الكهرومغناطيسية.

لوقت طويل، فهم الفيزيائيون أن
الكهرومغناطيسية

أو القوى الكهرومغناطيسية، إن شئت،

هي لا شيء سوى فوتونات

أو جسيمات من الضوء تنتقل في الفراغ
بين الأجسام المشحونة.

في هذا الرسم البياني، علي سبيل المثال
لدينا إلكترونان يتحدان معاً

ويتبادلان الفوتونات فيما بينهما
ثم يبتعدان عن بعضهما نتيجة لهذا.

هذه هي القوة الكهرومغناطيسية.

بمعنى آخر،
إذا لم يكن هناك فوتون،

لما كانت لدينا تلك القوة في الطبيعة.

هذه النظرية تعمل جيداً.

هذه نوعاً ما أدق وأصح نظرية

قام الفيزيائيون أو العلماء في هذا المجال

بوضعها عبر تاريخ المحاولات الفكرية.

لكن من أجل أن تعمل هذه النظرية،

يجب أن يتم اتباع بعض القواعد الخاصة.

على وجه التحديد، لكي تعمل هذه النظرية

بطريقة رياضية منسجمة،

يجب أن يكون الفوتون عديم الكتلة،
يجب ألا يحتوي على كتلة أيًّا كانت.

إذا كان يحتوي على كتلة،
لو حاولت أن تحسب الأشياء

باستخدام النظرية
مع أخذ كتلة الفوتون بعين الاعتبار،

ستجد أن حساب نفس الكمية بطرق مختلفة

يعطيك نتائج مختلفة،

وفي بعض الأحيان سوف تتوقع احتمالات
حدوث الأشياء

والتي ستكون أكبر من 100%
أو أقل من صفر.

غير منطقي، صحيح ؟

لذا إن كنت تريد هذه النظرية أن تعمل،

يجب أن يكون الفوتون عديم الكتلة.

لحسن الحظ، جميع قياساتنا للفوتون

تشير إلى أن الفوتون يكون
متسقاً مع كونه عديم الكتلة،

لذا كل شيء جيد بالنسبة للكهرومغناطيسية.

مع القوى الأخرى، على أي حال،
الأشياء ليست بالضرورة واضحة.

لدينا هنا القوة الضعيفة.

هذه القوة تظهر فقط داخل أنوية الذرات.

وهي تؤدي إلى تحلل النيوترونات إلى
بروتونات وإلكترونات وأنتي-نيوتريونات.

وفي هذا النوع من العمليات،

ترى أن كل أنواع الأنوية الثقيلة
تتحلل إلى أنوية أخف بقليل،

كما في عملية تحلل الكربون
إلى نيتروجين الموضحة هنا.

وكما في الكهرومغناطيسية تلك القوة
يتم إرسالها عن طريق جسم، أو عدة أجسام

وهما البوزون W و Z،
كما هو موضح في الشكل البياني.

تماماً كما في نظرية الكهرومغناطيسية

التي تتطلب أن يكون الفوتون عديم الكتلة،

فإن نظرية القوة الضعيفة تتطلب

أن يكون البوزون W و Z عديما الكتلة

لكنهما ليسا كذلك،

إنهما أثقل من البروتونات بحوالي 100 مرة.

لذا لتفسير هذا، نحتاج عنصرًا جديدًا ليتدخل

ويقوم بحل هذا التناقض الرياضي الظاهر.

لكن قبل أن نتحدث عن
كيفية قيام "الهيغز" بهذا،

دعونا نبحث لثانية عن ما يعنيه
الفيزيائيون بكلمة "كتلة".

جميعنا لدينا فكرة بديهية
عن طبيعة الكتلة.

نحن نعرف، على سبيل المثال،

أنه يستلزم قوة أو طاقة أكبر
لجعل شيء ما يتحرك

إذا كان كتلته أكبر
مما لو كان هذا الشيء كتلته أقل.

إنه يستلزم محركًا أكبر لتشغيل حاملة طائرات
عن ما يلزم لتشغيل مكنسة.

جيد. نحن نعلم هذا كنوع من البديهية.

نحن أيضًا نعلم أن قوة الجاذبية تؤثر
بشكل أكبر على الأجسام ذات الكتلة الأكبر.

في حال أن تلك المقولتين صحيحتان،

فقد افتقدوا عنصرًا مهمًا بخصوص ما يعرفه
الفيزيائيون عن الكتلة.

إذا فكرنا حول أشهر معادلة لأينيشتاين،
(E=m*c squared)،

سندرك أن الكتلة يمكن تحويلها
إلى طاقة،

والطاقة يمكن أن تظهر ككتلة.

لذا يمكنني أن أخذ كمية قليلة من الكتلة
إلى مصنع طاقة نووية، على سبيل المثال،

أو إلى مركز الشمس، وتحويلها إلى حرارة،

على شاكلة ضوء الشمس أو طاقة.

ومن ناحية أخرى،

إذا كانت هناك مجموعة من الأجسام
تتفاعل فيما بينها،

أو يتحركون بين بعضهم البعض،

تلك الحركة، أو تلك الطاقة،
يمكن أن تظهر في صورة كتلة.

هذا الاتصال بين المادة والطاقة

الذي كان في صميم حل تلك المشكلة،

كما هو مقترح في عام 1964 من خلال العلماء
الظاهرين هنا بما فيهم "بيتر هيغز".

لقد كانت أفكارهم الجذرية كما يلي:

لقد قالوا أن كل الفراغ الموجود في
كل مكان في الكون

مليئ بالحقل الكمي من الطاقة.

نحن الآن سنطلق عليه "حقل الهيغز"،
لم يكن يطلق عليه ذلك في وقتها بالطبع.

بعض الأجسام تسافر خلال ذلك
الحقل بدون معرفة أنها هناك.

الفوتون، على سبيل المثال، لا يتفاعل بأي
طريقة مع "مجال الهيغز".

على الجانب الأخر، الأجسام الأخرى
مثل W و Z

تسافر عبر ذلك الحقل
وتفتعل مشكلة كبيرة.

كل هذه التفاعلات، في هذه الحركة،

تنتهي بالظهور لنا ككتل من البوزون W و Z.

لذا لديك نظرية الأن فيها البوزون W و Z
يتواجدون ككتل

و لكن بدون تخريب تناسق النظرية الذاتي.

حتى هذا العام،

فكرة أن هذا الكون كان مليئًا ب"حقل الهيغز"

كانت حقاً مجرد فرضية،
فنحن لا نملك دليلًا مباشرًا على وجوده.

وليقتنع مجتمع الفيزياء وباقي العالم

أن هذه الأجسام موجودة،
أو أن هذا الحقل موجود،

كان يلزمنا أن نصنع قطعًا فردية
من هذا الحقل

والذي أطلقنا عليه "الهيغزبوزون"،
ومراقبتها في المختبر.

تماماً كما في حقول الكهرومغناطيسية
المصنوعة من الفوتونات،

فحقل الهيغز مصنوع من تلك الجسيمات الصغيرة،

أو جسيمات أصغر قليلاً من حقل
يسمي "الهيغز بوزون".

مع وضع هذا في عقولنا،

آلاف من العلماء والمهندسين
من جميع أنحاء العالم

بنوا تلك الآلة الظاهرة هنا والتي تسمى
"مصادم الهيدروجين الكبير" أو "LHC".

هذه باختصار هي أكثر الآلات تعقيداً وتطوراً

قام البشر بصناعتها، بإجماع كبير.

بالطبع شيء مهول، ذلك النوع من الهندسة
الذي دخل في صناعة ذلك.

الخطوط الظاهرة على امتداد تلك
الخريطة محيطها يبلغ حوالي 17 ميلًا،

وهي تشكل قناة كبيرة، ها هو داخل القناة.

حول تلك القناة،

شعاع من البروتونات تم إطلاقها بسرعة
مقاربة لسرعة الضوء

ثم يصطدم شعاعان رأساً برأس
في بعضهم البعض

بداخل أجهزة ضخمة لكشف الجسيمات

أثناء تلك الاصطدامات، كمية كبيرة من الطاقة
تندمج في مكان واحد في وقت واحد،

وذلك من خلال معادلة (E = mc squared)،

أشكال جديدة من المادة يمكن أن تتكون

والتي تكون كتلتها أكبر من ما يمكن
ثباتها في الأوضاع العادية.

دعونا نتابع للحظة آلة "LHC"
أثناء تسريع البروتونات.

في كل من هذه الحلقات المتتالية،

يأخذ البروتون في التسارع إلى سرعات أكبر

وضم طاقة أكبر وأكبر.

في الدائرة الأولى، يتحرك البروتون بحوالي
نصف سرعة الضوء،

لكن بمرور الوقت، يصل لدائرة ال17 ميل -

تتحرك البروتونات ب 99.999997 في المئة
من سرعة الضوء.

هنا سوف نتبع واحد من تلك الأشعة،

شعاع البروتون، خلال تلك القناة.

إذا تمكنا من النظر إلى جوف البروتون،

سوف نكتشف أن ذلك ليس
جسيمًا مفردًا على الإطلاق،

لكنه في الحقيقة مجموعة من الجزيئات،
وكواركس، يجتمعون معاً عن طريق الغلونات.

تلك الكواركس والغلونات ستكون هي الأجسام
التي ستحدث الاصطدام

في لحظة.

ها هنا لدينا أحد كاشفات
الأجسام في آلة "LHC"،

ثم يقوم شعاعان البروتونات بالتصادم
رأساً برأس في قلب ذلك الكاشف،

ويمكنك هنا رؤية رذاذ الأجسام خارجة.

لحسن الحظ، في عدد قليل من تلك التصادمات،

يمكنك بالفعل إنتاج الهيغزبوزون
في أحد التصادمات.

نحن نقوم بصدم حوالي مئة مليون زوج من
البروتونات معاً

في كل ثانية داخل تلك الآلة،

ولكن معظمهم لا ينتج الهيغزبوزون.

في الحقيقة، إنتاج الهيغزبوزون نادر
بدرجة غير عادية في تلك التصادمات

حوالي 1 من كل 10 مليار تصادم ينتج الهيغز.

لكن في تلك التصادمات القليلة
التي تنتج الهيغز،

يمكنك تعيين أجهزة حاسوب فائقة القدرة
للتدقيق في تلك البيانات

وإيجاد الدليل على استمرارية حدوث هذا.

مما يجعل الأمر أكثر صعوبة،

حقيقة أن الهيغز لا يظل موجودا لفترة طويلة.

إنه يأخذ حوالي من 10 أس ناقص 22 ثانية

ليتحلل الهيغز الفردي إلى أشكال
أخرى من الطاقة.

لذا ينتهي الأمر بتلك الصور المعقدة
كتلك الموضحة هنا،

وبتلك الكومبيوترات فائقة القدرة،
يمكنك التدقيق في تلك البيانات

واكتشاف أنك بالفعل تنظر إلى دليل
وجود الهيغز.

لقد ذكرت في بداية الحوار أنه
في يوليو هذا العام،

أعلن علماء مختبر CERN

أنهم اكتشفوا ذلك الجزيء، أخيراً.

ما أعنيه من ذلك هو أنهم يمكنهم أن يقولوا
عن طريق إحصائيات ذات أهمية كبيرة

أنه هناك جسيم جديد موجود.

كتلته تقدر بحوالي 125 جيجا-الكترون فولت،

أي أنه حوالي أثقل 133 مرة عن البروتون.

وأفضل ما يمكننا قوله

أنه يتصرف أساسياً كما يفترض أن يتصرف
الهيغزبوزون.

من ناحية أخرى، ذلك يمثل

إنجازًا لما نسميه النموذج القياسي
لفيزياء الجسيمات.

هذه نظرية رياضية منسجمة

تشرح كل أشكال الطاقة والمادة المعروفة
في الكون

وكل تفاعلاتها.

إنه إنجاز علمي باهر على أعلى مستوى.

على الجانب الآخر،
هناك فرصة جيدة إلى حد كبير

للتدقيق في تلك البيانات

وتجميع بيانات أكثر في آلة LHC
عبر السنوات القادمة،

أي أنه قد نكتشف الكثير من المفاجآت.

إذا نظرت إلى بيانات الهيغز كما
هو متواجد حالياً،

هناك بالفعل بعض الإشارات المحيرة

أن ذلك الجسيم الذي نسميه الهيغز

قد لا يتصرف تماماً كما يفترض
للهيغز أن يتصرف

طبقاً لقواعد النموذج القياسي.

إذا أكدت البيانات المستقبلية تلك الصورة،

من الممكن أن تشير إلى
وجود جسيمات جديدة تشارك

أو قوى جديدة تشارك

في العمليات المشاركة في تكوين
وتحلل الهيغزبوزون.

في حالة أخرى،
احتمال أن نكون ننظر إلى شيء ما

ليس هو فقط بداية دراسة فيزياء الهيغز،

بل بداية عصر جديد لاكتشاف
في فيزياء الجسيمات،

حيث اكتشفنا مجموعة جديدة
من القوى أو الأجسام

التي تفرض السلوك الخاص بعالمنا.

بالنسبة لي يشرفني جداً

أن أشهد ذلك الوقت المميز في تاريخ العلم

في تلك الحقبة المميزة للاختراع.

شكراً لكم.

(تصفيق)