كيف تستغلنا الرأسمالية
(وما يمكننا فعله حيال ذلك)
يميل بعض الناس للاعتقاد بأن الرأسمالية
تقوم على شراء وبيع الأشياء
واستخدام السوق كوسيط لتوزيع السلع
من المنتجين إلى المستهلكين
لا شك بأن الأسواق تعتبر ظاهرة هامّة
ولكن ليست لها أية علاقة خاصة بالرأسمالية
على سبيل المثال
كان الجنوب الأمريكي في الماضي
قائماً على منظومة العبودية
حيث كان يتم بيع السلع التي ينتجها العبيد
مثل القطن
كانت هناك سوق للقطن
بل حتّى كانت هناك سوق للعبيد أيضاً
أي أنّه كان يتم بيع وشراء الكثير من الأشياء
وكانت الأسواق موجودة
لكن دون رأسمالية
لم يكن هناك مفهوم "صاحب عمل" و"موظف"
والذي يعتبر جوهر الرأسمالية
العبودية نظام مختلف
تقوم على "السيّد" و"العبد"
فالـ"سيّد" لا يوظّف "العبد"
إذ لا حاجة لذلك
بل يمتلك العبد
بينما في الرأسمالية لا يمتلكك رب العمل
ربما نشعر وكأن الأمر كذلك
ولكنه لا يملكك قانونياً
وكان للنظام الإقطاعي أيضاً طريقته الخاصة
حيث كان قائماً على العلاقة بين صاحب الأرض والفلّاح
وكانت يتوجب على الفلّاح العمل في الأرض
غير أن الإقطاعي لا يوظّف الفلّاح
ولا يدفع له أجراً
ولكن كانت هناك أسواق
إذاً لا تكمن ميزة الرأسمالية في الأسواق
وإنما تكمن سمتها الأبرز في علاقتها الإنتاجية
كيفية إنتاج السلع والخدمات
ولا تقوم هذه العلاقة على "سيد" و"عبد"
أو "إقطاعي" و"فلّاح"
وإنما تستند على هيكلية خاصّة جداً
تتمحور حول مفهوم "رب العمل" و"الموظّف"
وهذه العلاقة مشوبة بالكثير من الصراعات والتوتّر
والغضب
والامتعاض
لماذا؟
لأن بعض الناس يقومون بكل شيء
وينتجون أكثر مما يحصلون عليه
ويدعى هذا الإنتاج الإضافي بـ"الفائض"
وعندما يكون المرء رب عمل رأسمالي
فإنّ همّه الرئيسي هو إعطاء أقل ما يمكن للعمّال
مع استغلالهم بأكبر قدر ممكن
بهدف الحصول على أكبر فائض ممكن
فكلما ازداد الفائض، كلما أحس صاحب العمل بالأمان أكثر
وبالتالي فإن الرأسمالية
تتبع المنهجية ذاتها التي كانت سائدة
في منظومتي العبودية والإقطاع
لماذا؟
لأن العامل عليه إنتاج أكثر بكثير مما يناله
تماماً كما كان العبد ينتج فائضاً لسيّده
وكما كان الفلاح ينتج فائضاً للإقطاعي
وليس هناك من شخص مذنب بعينه
وإنما يكمن الخلل في هيكلية هذه المنظومة
ما هو البديل؟
أن يكون منتجو الفائض
أي العمال
هم من يحصلون عليه
إذا تمكّن جميع الموظفين من إنشاء تعاونية
لن يعود هناك "موظفون" و"أرباب عمل"
وإنما يلعب كل شخص الدورين معاً
فلا فرق بينهما
كيف يمكن تطبيق ذلك؟
لنأخذ أي مصنع أو مكتب
أو متجر
ونجري عليه التعديلات التالية:
إلغاء مجلس الإدارة
من يحتاجه؟
وإليكم ما سنفعله
نأتي إلى العمل
ونتولى مهمة اتخاذ القرارات
كل القرارات التي كان يتخذها الرأسماليون
حيث يصبح العمال هم المدراء
أو بعبارة أخرى
يتلاشى الفرق بين الموظف والرأسمالي
إن كان العمّال هم أصحاب القرار
كيف ستسير الأمور؟
كيف يمكنهم أن يوزعوا الثروة على كل من ساهم في صناعتها؟
إذا تعاون جميع العمّال سوية
بأسلوب ديمقراطي
وقرروا كيفية توزيع الثروة التي ساهموا جميعاً في بنائها
فإنهم لن يعطوا قلّة قليلة من الناس
أموال تفوق بكثير ما يحتاجون
بينما يفتقر الآخرون للمال الكافي
كي يسددوا تكاليف دراسة أبنائهم وبناتهم
إن كان الموظفون هم أصحاب القرار...
هل كانوا ليلوّثوا بيئتهم؟
مثلاً عند الحديث عن التقنيات المتطورة
التي قد تلوّث الماء أو الهواء
فإن القرارات يتخذها المساهمون ومجالس الإدارة
وهم قلة قليلة تعيش منعزلة
في مجتمعات وبيوت فارهة
بعيداً عن المصانع أو المكاتب أو المتاجر
التي تتسبب بالتلوّث
لذا بإمكانهم الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة وجني الأرباح
ولكن لو أن الموظفين والعمّال كانوا أصحاب القرار
فإنّهم لن يقدموا على شيء كهذا
لأنهم يتنفسون هذا الهواء ويشربون هذه المياه
لذا سيكونون أكثر حرصاً على هذا الصعيد
إن كان العمال هم أصحاب القرار....
ما الذي قد يفعلونه لمواجهة خطر الاستغناء عنهم مع تطور التكنولوجيا؟
عندما يظهر ابتكار تكنولوجي جديد
فإنّه يعزز القدرة على إنتاج المزيد
بجهد أقل
ولكن عندما يتم توظيف هذه الابتكارات
في المنظومة الرأسمالية
فإن الرأسماليين يهدفون عادةً إلى جني أكبر قدر ممكن من الأرباح
مثلاً، إذا كان هناك آلة تسمح للعمال
بمضاعفة القدرة الإنتاجية
فإن الرأسماليين يطردون نصف القوة العاملة
ويواصل النصف الباقي العمل مع الآلة الحديثة
ليحقق نفس القدر من الإنتاجية
وتجني الشركات الكثير من الأرباح
لأن مخصصات أجور الموظفين هبطت بمعدل النصف
وبالتالي بإمكانها الاحتفاظ بالنصف الثاني لنفسها
إليكم خياراً بديلاً
فلنخفّض التزامات كل موظف بمقدار النصف
بحيث تصبح مدّة يوم العمل 4 ساعات
بدلاً من 8 ساعات
وسيحظى الموظفون بهامش كافٍ من الوقت
كي يمارسوا هواياتهم ويطوّروا أنفسهم
ويعتنوا بعائلاتهم ومجتمعاتهم
إن استخدمنا التكنولوجيا بهذا الشكل
فإنّها ستكون مسخّرة لمساعدة الناس
على عيش حياة أكثر سعادة
بدلاً من أن تتمتّع فئة قليلة بكل الأرباح
المشكلة ليست التكنولوجيا
المشكلة تكمن في المنظومة
التي تقرّر كيفية استخدام هذه التكنولوجيا
إن كان العمال هم أصحاب القرار...
علينا التخلّص من المنظومة الرأسمالية في كل مكان
في المصانع والمتاجر والمكاتب
إذا كنتم أنتم أصحاب القرار...
ما القرارات التي قد تتخذونها؟
لمزيد من المعلومات: democracyatwork.info
تم إنتاج هذا الفيديو كهدية للبشرية من قبل كريس ودون أغنوس
فريق الترجمة العربية في حركة زايتجايست