لماذا يتباهى الناس؟ سيكولوجية التباهي | إيرين سكوبيلليتي | TEDxSquareMile

لماذا يتباهى الناس على الإنترنت؟ هل يحاولون جعلنا نغار منهم أم أنهم ببساطة لا يشعرون بالأمان؟

لماذا يبدون غافلين عن إستياء الآخرين تجاه تباهيهم المتكرر؟ المحاضرة في مجال التسويق والخبيرة في سيكولوجية الاستهلاك لديها تفسير مثير للاهتمام.

إيرين هي محاضرة في التسويق في مدرسة كاس للأعمال، صاحبة اهتمام بحثي بسيكولوجية المستهلك والحكم واتخاذ القرار. تم نشر بحثها في مجلات الصحة النفسية والصحف، وأشارت لها منظمات إخبارية كبيبرة مثل أخبار بي بي سي وصحيفة نيويورك تايمز والهافنغتون بوست.

هذا الحديث في فعالية TEDx باستخدام صيغة مؤتمرات TED ولكن نظمه مجتمع محلي على نحو مستقل. لمعرفة
المزيد تفضل بزيارة http://ted.com/tedx

لدي صديقة.

حفظاً لخصوصيتها، سأدعوها ماريا.

تتمتع ماريا بوظيفة رائعة.

حيث تعمل كمصورة فوتغرافية،
وهي موهوبة حقاً،

وتسير الأمور معها على ما يرام.

توقع عقداً تلو الآخر وتقيم معارضاً كذلك.

السنة الماضية، حازت على عدد
من الجوائز ذائعة الصيت.

ما يعجبني فيها، هو أنه عندما تسير
معها الأمور جيداً،

فهي تعرف جيداً كيف تحتفل.

سافرت ماريا إلى مخت لف أرجاء العالم.

رأت بعضاً من أكثر الأماكن
جمالاً في العالم.

تحب ماريا الأكل - فهي تحب أن تأكل
في مطاعم راقية،

ولكنها أيضاً كريمة جداً.

في كل عام، تأخذ إجازة لمدة شهر،

وتسافر إلى بوليفيا حيث تتطوع
في دار للأيتام.

خلال العام الماضي في بوليفيا، قابلت ديف،
والذي من الواضح أنه حب حياتها،

والذي كان يعمل كمتطوع في نفس الدار.

يبدو أنهما سعيدان جداً مع بعضهما البعض.

لم ألتقي ماريا خلال الثلاث سنين الماضية،

إذاً، كيف عرفت كل هذه الأشياء عنها؟

ربما خمنتم أن ذلك تم

عن طريق منشوراتها المفصلة على حسابها
الشخصي على وسائل التواصل الاجتماعي.

ربما يكون لديكم أيضاً صديق مثل ماريا،

وإن كنتم مثلي،
ربما في ذلك الوقت، لربما كنتم تساءلتم،

"لماذا هي دائمة التباهي
حول حياتها المذهلة؟"

عندما نطرح على أنفسنا ذلك السؤال،
تبرز إجابتان مألوفتان.

إحداهما، "ربما تكون منحطة،

أو ربما تريد تذكيري أنها أكثر حظاً مني،

لجعلي أشعر بالسوء حيال
حياتي الخاصة".

ثمة احتمال آخر أنها لا تشعر
بالأمان من الأساس.

لذلك تتباهى لأنها تبحث
عن القبول الاجتماعي.

ولكن أي كان السبب في تباهيها،

هناك شيء واحد نشترك فيه جميعاً في العادة،

وهو ردة فعلنا تجاه الأمر.

عموماً، يبدو أننا ننزعج جميعاً من التباهي.

لذا فإن السؤال المحير هو،
إن كنا ننزعج جميعاً من التباهي،

فكيف يعقل أن يكون التباهي
منتشراً للغاية حولنا؟

كيف يعقل أن يكون سائداً هكذا؟

كيف يعقل أن تكون صفحاتنا الخاصة

مسكونة بصور إجازات أصدقائنا الرائعة،

الدخول إلى صالات الدرجة الأولى،
والطعام جيد المظهر؟

أجرينا جورج ليونستين وجواشيم
فوسغورو وأنا،

سلسلة من التجارب لمحاولة الإجابة
على هذه الأسئلة.

في إحدى الدراسات، طلبنا من الناس
أن يخبرونا بعض القصص.

فطلبنا أن يحكوا عن حادثة في حياتهم

حدث فيها أنكم كانوا يتباهون لشخص آخر

أو أنهم سمعوا أحداً آخر وهو يتباهى.

نصف المشاركين تذكروا حادثة في حياتهم
حدث وأن كانوا يتباهون فيها.

أسمينا هؤلاء المشاركين "المروجين لذاتهم،"

مجرد طريقة أكثر أدباً لتسمية المتباهين،

وطلبنا منهم أن يحكوا أكثر عن تفاعلهم،

كيف حدث ذلك، ما هو موضوع النقاش،

والأهم من ذلك،

طلبنا منهم أن يخبرونا عن ردة فعل الشخص
الذي كان يستمع لهم،

بالتحديد، ما إذا كانوا يشعرون
بمشاعر إيجابية أو سلبية.

النصف الثاني من المشاركين
والذين أسميناهم "المستقبلين،"

طلبنا منهم بدلاً عن ذلك
أن يخبرونا عن موقف

كانوا يستمعون فيه لشخص آخر وهو يتباهى.

أيضاً، طلب منهم أن يخبرونا
عن موضوع النقاش،

وعن ردة فعلهم والشخص الآخر
في ما يتعلق بالمشاعر.

حكى المشاركون كل أنواع القصص.

الشيء المثير للاهتمام،
أن من كانوا يتذكرون حالات

كانوا يتباهون فيها أمام شخص آخر

كانوا أكثر عرضةً لإخبارنا عن حالات

كانوا يتباهون فيها بإنجازات
مثل ترقية في العمل،

أو الدخول إلى المدرسة
الوسطى، أو إحراز درجة جيدة

بينما كان المشاركون الذي طلب
منهم تذكر حالات

كانوا يستمعون فيها إلى شخص آخر وهو يتباهى

كانوا أكثر عرضة لتذكر حالات
يتباهى فيها شخص

بقدر المال الذي يجنيه أو ما يمتلك من مال،

أو ما يمتلك من سلطة، أو منزلة،
أو بعض المواد التي يحوزها.

ولكن كانت أكثر النتائج إثارة للاهتمام

أنه بغض النظر عن نوعية القصص،

قلل المروجين لذواتهم بصورة منهجية

من مقدار ما يعانيه المستقبلون
من مشاعر سلبية.

عرفوا أن ربع المستقبلين
كانوا يشعرون بشعور سيء

بينما كانوا يتباهون،

في الواقع، أكثر من ثلاث أرباع المستقبلين
أبلغوا أنهم كانوا يشعرون بشعور سيء

بينما هم يستمعون للآخرين وهم يتباهون.

كان هذا حقيقياً أيضاً عندما نظرنا
إلى المشاعر الإيجابية.

بالغ المروجون لذواتهم بصورة منهجية

من مقدار ما كان يشعر به المستقبلون
من مشاعر إيجابية في الواقع.

تنعكس هاتان النتيجتان باكتشاف
آخر مثير للاهتمام جداً،

وهو أن المروجين لذواتهم، بينما هم يتباهون،

كانوا يشعرون بمشاعر إيجابية،

ولاحظت ذلك نسبة ضئيلة جداً من المستقبلين،

كما ترون من الجدول.

كان المروجون لذواتهم يعرضون
مشاعرهم الإيجابية

أمام مستمعيهم.

مما جعلهم يبالغون في القدر

الذي كانوا من خلاله يشاركون
مشاعرهم الإيجابية

وقللوا من قدر

مشاركتهم لمشاعرهم السلبية.

قمنا بتكرار هذه الدراسة

محاولين التعمق قليلاً في ردود
الفعل العاطفية

التي شعر بها المروجون لذواتهم والمستقبلين
في خِضَم هذه التفاعلات المتباهية.

ما وجدناه أن المروجين لذواتهم
بالغوا جداً في تقدير

القدر الذي شعر فيه المستمعون لهم

بالسعادة والفخر تجاههم وهم يتباهون.

وفي نفس الوقت، قللوا جداً من قدر

انزعاجهم الناتج عن تباهيهم.

لذلك نعتقد أن هذه كانت نتيجة
مثيرة للاهتمام حقاً،

ولقد أرجعناها

لظاهرة نفسية تدعى فجوة التعاطف.

على حسب فجوة التعاطف،
إذا ما كنا نشعر بسعادة بالغة

فإن يصبح من الصعب جداً بالنسبة
لنا أن نتخيل معنى أن تكون غير ذلك،

ويكون الأمر أكثر صعوبة

تخيل ماهية العواطف السلبية.

لذلك أساسً، فإن كلا الجانبين
في تفاعلاتنا،

المروجين لذواتهم والمستقبلين،

يواجهون صعوبة في التعرف على كيف سيشعرون

في حال تم تبديل الأدوار.

إذا كان الناس يسيئون معايرة الأمر
حينما يتعلق الأمر بالتعرف على

ردة فعل الآخرين العاطفية
تجاه ترويجهم لذواتهم،

ربما أيضاً يسيئون معايرة الأمر
حينما يتعلق بمحاولة التعرف على

كيف يؤثر تباهيهم على تقييم الآخرين لهم.

لذلك أجرينا تجربة أخرى.

إذا ما كنت مشاركاً في هذه التجربة،

سنطلب منك أن تكتب بعض الأشياء عن نفسك،

كي تقدم نفسك للآخرين.

يجب عليك أن تكتب خمسة أشياء
لتخلق ملفاً شخصياً،

مشابهاً لما نفعله

في مواقع التواصل الاجتماعي
أو مواقع المواعدة،

وكان للمشاركين مطلق الحرية
في كتابة ما أرادوا.

كان بإمكانهم الكتابة عن عملهم أو تعليمهم

أو كيف يبدون أو شخصياتهم
أو هواياتهم أو اهتماماتهم -

أي شيء أرادوه فعلياً.

ولكن نصف المشاركين فقط أعطيناهم
توجيهات إضافية.

أخبرناهم أن يكتبوا بطريقة

من الممكن أن تعظِّم من رغبة
الآخرين في مقابلتهم.

ما أن انتهوا من كتابة ملفاتهم،

طلبنا أيضاً من المشاركين أن يتنبئوا

كيف ظنوا أن الآخرين سيحبونهم،

ومدى رغبتهم في ملاقاتهم.

ثم أخذنا هذه الملفات،

وأعطيناها لعينة واسعة
من المشاركين الآخرين،

مختلفين عن أولئك الذين كتبوها،

وطلبنا من هؤلاء المشاركين الآخرين

إخبارنا عن مدى إعجابهم بكتاب الملفات

ومقدار رغبتهم في ملاقاتهم.

كان لدينا أيضاً عينة أخرى
حيث طلبنا الإشارة

إلى مدى تباهي الكتاب في ملفاتهم،

حسب رأيهم.

حينما ألقينا نظرة على النتائج،
رأينا في أول الأمر،

أن المشاركين لم تكن لديهم فكرة
عن كيفية تقييم المشاركين لهم.

عندما نقارن التنبؤ للقدر
الذي يودون أن ينالوا به الإعجاب

والإعجاب الحقيقي الآتي من قراء الملفات،

كانت العلاقة المتبادلة صفر أساسً.

لذلك لم يكن لدى المشاركين فكرة
إذا ما كان الآخرون سيعجبون بملفاتهم أم لا،

وكان نفس الأمر صائباً
في ما يتعلق بالرغبة في لقائهم.

ولكن النتيجة الثانية المثيرة للاهتمام

كانت أن المشاركين الذين طُلب منهم

أن يكتبوا بطريقة ستجعل الإعجاب بهم يزيد

كانوا أكثر تباهياً.

في نفس الوقت، أتت هذه الجهود بنتائج عكسية.

لم يكن الناس أكثر اهتمامًا بمقابلتهم،

وفي الواقع كانوا أقل اعجابًا بهم

بالمقارنة مع المشاركين
الذين لم يكرسوا تلك الجهود.

لذلك اعتقدنا أن هذه نتيجة صادمة،

وكنَّا نتساءل، "كيف يُعقل ذلك؟

لماذا من غير الواضح للجميع

أن للتباهي هذه العواقب السلبية؟"

واعتقدنا مجدداً أن الإجابة تكمن
في فجوة التعاطف.

نميل إلى إسقاط مشاعرنا على مستمعينا،

وحينما نكون متحمسين تجاه شيء،

إنجاز أو ترقية غير متوقعة
أو أن نكون في مكان جميل،

نكون مثل الأطفال الصغار ونتوقع
من الآخرين مشاركتنا حماسنا،

وفي نفس الوقت، لا نرى

أن الآخرين ربما لا يشعرون بنفس قدر
سعادتنا حيال الأشياء الجميلة التي حدثت لنا

هذه النتائج مثيرة للاهتمام على نحو خاص

في عصر نحن فيه أكثر ارتباطاً
مع بعضنا البعض.

أولاً، بينما يزيد عدد الاتصالات بيننا،

نميل إلى الشعور وكأننا نتحدث إلى جمهور.

هذا ما ندعوه "البث،"

حينما نبث، نميل إلى مشاركة محتوى ترويجي
عن الذات بقدر أكبر.

في نفس الوقت، رغم أننا متصلون
على نحو أكبر بكثير،

فإن ذلك لا يعني بالضرورة

أن المسافة النفسية بيننا تقصر.

في الواقع، ربما هي في تزايد،

وربما يفاقم هذا من فجوة التعاطف.

مما يجعل الأمر أكثر صعوبة
على المروج عن ذاته من معرفة

ما يمكن أن تكون عليه ردود
فعل المستمعين له،

وفي نفس الوقت،

تقليل احتمالية أن يكون للمتلقي أي رغبة

في مشاركة المروج عن ذاته
في مشاعره الإيجابية.

والشيء الثالث الذي لاحظته مؤًخراً نسبياً

أن الشركات بدأت في فعل شيء غريب حقاً،

ألا وهو تشجيع المستهلكين
على التباهي بمنتجاتهم.

بالأمس، رأيت رسالة من خطوط طيران

تدعو ركابها دائمين السفر

على نشر صور لكروت سفرهم المتكررة،

مستخدمين وسم "وسم التباهي".

لذا فهم يدعوهم للتباهي
بمنزلتهم أمام الآخرين.

فكرت أن ذلك كان

تغييراً جديداً مثير للاهتمام حقاً في
التسويق على وسائل التواصل الاجتماعي.

إذاً، ماذا نستطيع أن نفعل
لتقليل هذه المشاكل،

لنجعل تفاعلنا الاجتماعي وخصوصًا
على الإنترنت أفضل بعض الشيء؟

أعتقد أن بعض الأفعال الصغيرة
ربما تساعدنا في تحسين الوضع،

وهي تشمل محاولة تقليل الفجوة العاطفية.

لذلك، إذا ما كنت تشعر بالرغبة
في مشاركة شيء ما

لجمهور ما أو لأصدقائك على الإنترنت،

مجرد فعل شيء بسيط

مثل وضع أنفسنا مكان الآخرين المتلقين
في نهاية السلسلة

ومحاولة معرفة ما هي احتمالية

أنهم سيكونون سعيدين لمعرفة أخبارنا الجيدة،

أو أنهم سينزعجون بالأحرى،

ربما يحد ذلك من رغبتنا في المشاركة،

أو يجعلنا نشارك الأشياء فقط
مع الأشخاص الذين سيهتمون حقاً.

فعل آخر بسيط يمكن فعله

إشراك الأشخاص المتلقين في نهاية السلسلة.

لذا عندما نقرأ التباهي المفرط لشخص آخر،

ربما يمكننا تعزيز التسامح
لدينا وإدراك أنهم يتباهون

مؤمنين أننا نشارك بصدق عواطفهم
الإيجابية وحماسهم.

هذه أفعال بسيطة،

لكني أعتقد أنها ستقطع شوطاً كبيراً
في تقليل الفجوة العاطفية.

بينما نحن نسير تجاه عالم أكثر
تواصلاً بكثير،

ربما تحسن كثيرًا من جودة
تفاعلاتنا الاجتماعية.

شكرًا لكم.

(تصفيق)